أصدرت شيري الجزائر للسيارات بيانًا رسميًا تبرأت فيه من جميع العمليات التجارية التي تُروّج باسمها، مؤكدة أنها لم تطلق أي حملة بيع للمركبات، لا عبر الإنترنت ولا من خلال وسطاء، نظرًا لعدم حصولها بعد على حصة الاستيراد المعتمدة من قبل السلطات المختصة.
واعتبرت الشركة أن أي عرض خارج قنواتها الرسمية هو محاولة احتيال، داعية المواطنين إلى عدم التعامل مع أي جهة تدّعي تمثيلها، مهما بدا الطرح مقنعًا أو مدعومًا بوثائق. كما شددت على ضرورة التبليغ الفوري عن أي محاولة مشبوهة لدى الجهات الأمنية، وذلك لحماية الأفراد وقطع الطريق أمام تمدد هذه الظاهرة المقلقة التي تهدد ثقة المواطن في السوق.
هذا ويعيش سوق السيارات في الجزائر على وقع موجة احتيال رقمي غير مسبوقة استهدفت شريحة واسعة من المواطنين الطامحين لاقتناء مركبات جديدة، حيث استغلت جهات مجهولة هذا الفراغ التجاري لترويج عروض بيع وهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمكالمات الهاتفية، متخفية وراء شعارات وعلامات تجارية مشهورة، مستعملة أساليب مقنعة ووثائق مزيفة من أجل استدراج الضحايا وتحويل الأموال إلى حسابات شخصية لا تمت بأي صلة قانونية بالشركات الأصلية.
وتقوم هذه الشبكات الاحتيالية، التي يُعتقد أنها منظمة وذات امتدادات متعددة، بعرض مركبات بأسعار مغرية مع تسهيلات مالية زائفة، من بينها دفع المبلغ على أقساط أو بخصومات استثنائية مقابل تحويل بنكي سريع، ولإضفاء المصداقية على عروضها، تلجأ هذه المجموعات إلى إرسال عقود مزعومة ونسخ مزيفة من الفواتير أو التصاريح الجمركية، وهي مستندات تحمل في الظاهر توقيعات وشعارات شركات محترمة، لكنها في الحقيقة مفبركة بدقة من أجل كسب ثقة الضحية وإقناعه بالتحويل.
يرى متابعون أن هذه الممارسات تتغذى من الوضع الضبابي الذي يطبع سوق السيارات في ظل تأخر الإفراج عن التراخيص وغياب الشفافية حول آجال عودة الاستيراد. كما أن عطش السوق وارتفاع الطلب مقابل انعدام العرض الرسمي، شكّل بيئة خصبة لنشاط هذه الشبكات. التي تعتمد على خطاب تسويقي دقيق وتقنيات نفسية مدروسة للإيقاع بضحاياها. كما أن استخدام الهوية البصرية لعلامات تجارية معروفة، وترويج محتوى مزيف على صفحات إلكترونية ومجموعات فايسبوكية. ساهم في تضليل المواطنين وإيهامهم بأن الأمر يتعلق بعروض حقيقية.
ويحذر خبراء الاقتصاد الرقمي بدورهم من توسع الظاهرة. مطالبين بتفعيل آليات الرقابة السيبرانية وتكثيف التوعية في وسائل الإعلام ومنصات التواصل حول كيفية اكتشاف العروض الاحتيالية وتمييزها عن التعاملات الرسمية.
كما يدعون إلى تسريع وتيرة إصدار قرارات استيراد المركبات. بما يسمح بإعادة التوازن إلى السوق، وإغلاق الباب أمام المغامرات المالية التي يتورط فيها المواطن في غياب أي ضمان قانوني.
ومن جانبها، تواصل بعض الشركات التوضيح للمواطنين عبر بيانات رسمية أن جميع عمليات البيع ستُعلن عنها فقط عبر القنوات الإعلامية المعتمدة. ولا يتم فيها التعامل مع أي وسيط فردي أو حساب بنكي شخصي، وأن كل وثيقة تجارية يجب أن تكون ممهورة بختم رسمي يمكن التحقق منه بسهولة.
الاحتيال في سوق السيارات أصبح اليوم أكثر تعقيدًا واحترافية، ويستدعي يقظة جماعية ومؤسساتية. فالمواطن لم يعد مستهدفًا فقط من قبل نصابين تقليديين. بل من قبل شبكات قادرة على تقليد الهياكل التجارية للشركات الحقيقية، وعلى هندسة حملات احتيال تُقنع حتى أكثر المستهلكين حذرًا. وفي غياب الردع المؤسساتي والتدخل العاجل من الجهات التنظيمية، تظل السوق عرضة لتمدد هذه الممارسات التي تقوض ثقة المواطن في أي مبادرة تجارية مستقبلية، وتضرب سمعة الفاعلين الاقتصاديين الحقيقيين في مقتل.
فهيمة. ب