كتاب جديد يكشف استغلال ماكرون للذاكرة في العلاقة مع الجزائر

سلّط كتاب جديد صادر بفرنسا، تحت عنوان “الرئيس السامّ”، الضوء على محاولة إيمانويل ماكرون، استغلال ملف الذاكرة الحساس مع الجزائر، كرافعة في مشروعه السياسي الذي بدأه في سنة 2016، وقد تمكن بعد سنة فقط من التربع على عرش الإيليزي.
الكتاب صادر عن دار “روبير لافون”، وهو عبارة عن “تحقيق حول الرئيس الحقيقي إيمانويل ماكرون”، من تأليف إيتيان كامبيون، وفيه يعرض الكاتب البدايات الأولى لتفكير سيد قصر الإيليزي في التعاطي مع ملف الجزائر، وفي مقدمة أبعاده، البعد المتعلق بالذاكرة، والذي يعتبر الأكثر حساسية بين جميع الملفات الأخرى.
يقول المؤلف: “قصة ماكرون مع الجزائر بدأت في عام 2016. من أين جاءت؟ ما هو الدافع الذي دفعه إلى تركيز جهوده حول ملف الذاكرة مع الجزائر؟”، ويجيب الكاتب على هذا السؤال مرجعا السبب إلى العلاقة السياسية المضطربة بين باريس والجزائر، والتي امتدت إلى عقود من الزمن. “لأن الموضوع الجزائري لا يفكر فيه من قبل الفرنسيين بسبب الجروح التي خلفتها الذاكرة والذكريات المكبوتة”.
ويعتقد إيتيان كامبيون أن ملف الماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر، شكّل تحديا واجهه كل أسلاف ماكرون، على غرار نيكولا ساركوزي (2007 / 2012)، كما لم يتعاط فرانسوا هولاند (2012 / 2017) مع الملف أيضا لأسباب مختلفة. ولذلك حاول ماكرون أن يجسد الرغبة في المصالحة بين الجزائر وباريس، مرجعا الفضل في ذلك للمؤرخ بنجامان ستورا، الجزائري المولد (ولد في قسنطينة عام 1950).
وحسب ما جاء في الكتاب، فإن بنجامان ستورا هو أول من أكد على أن “قضية الماضي الاستعماري لفرنسا في الجزائر، تؤثر بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر على الجميع في الضفتين: أحفاد المهاجرين، والأقدام السوداء، الحركى، اليهود، المجندون… ذاكرة جماعية لا يمكن تصورها”. وهنا أشار إيتيان كامبيون إلى أن المؤرخ بنجامان ستورا التقى بإيمانويل ماكرون في 2014، ويرجع الفضل في ذلك، وفق المصدر ذاته، إلى بول جان أورتيز، وهو المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولندا، علما أن جان أورتيز هو صديق قديم للمؤرخ ستورا.
وبالرغم من وفاة جان أورتيز في نفس العام، إلا أن العلاقة بين المؤرخ والرئيس المستقبلي لفرنسا حينها بقيت، فقد التقيا في عام 2016، وكان ماكرون مشروع مرشح للرئاسة. وخلال اللقاء أبان الرئيس الفرنسي عن رغبة جامحة في طرق هذا الملف الحساس، عكس سلفه فرانسوا هولاند، الذي كان حذرا في الذهاب به بعيدا.
ولم يكن بنجامان ستورا على دراية بما كان يفكر به ماكرون المترشح للرئاسيات، يقول إيتيان كلمبيون، عندما زار الجزائر في فبراير 2017، حيث أصدر تصريحا قلب الكثير من التوقعات رأسا على عقب، عندما وصف الاستعمار بأنه “جريمة ضد الإنسانية”، وأقرّ بأنه “يجب أن نواجه الأمر ونعتذر لأولئك الذين ارتكبنا بحقهم هذه الأفعال”.
ويتساءل المؤلف: “لماذا فعل ذلك؟ هل كان ذلك ليضع نفسه بين التقدميين؟ وهل من أجل مباشرة منعطف حاد إلى اليسار؟”، ويجيب: “بنجامين ستورا لا علاقة له بالأمر، لكنه يرى أن إرادته المفرطة للتصرف، تظهر من خلال هذه المبادرة. هل يمكن أن يؤدي هذا البيان إلى أي شيء؟ ستورا، المتفائل على الرغم من كل شيء، يعتقد أن هذا الرئيس الشاب، الذي إذا كان يخاطبه بشكل غير رسمي، قد يكون لديه نفس النظرة والجرأة التي لم تكن لدى الأجيال السابقة”.
كما تحدث الكاتب عن لقاء جمع ماكرون بالرئيس الجزائري السابق، عبد العزيز بوتفليقة في ديسمبر 2017، في زيارة رسمية إلى الجزائر، في مقر إقامته العلاجية. وقد حاول الرئيس الفرنسي الحصول من نظيره الجزائري على مقاربة بشأن قضية “الحركى”، وخاطبه قائلا: “السيد الرئيس، أنا رئيس شاب، وأدرك جيدا أنني لم أعايش تلك الفترة. أليس هذا هو الوقت المناسب للتسامح؟ غير أن الرئيس السابق رد عليه بحزم. “هؤلاء خونة.. أبدا”.
استغرقت المقابلة نحو عشر دقائق فقط. يقول إيتيان كامبيون، ولكن هذا ما حصل. ماذا سيفعل رئيس الدولة حيال ذلك: “لقد تحدثنا عن مواضيع الذاكرة. لقد أردت أن أذكر برغبتي في المضي قدما في عمل الذاكرة، أتمنى أن يستمر الحوار حتى يتم إجراء إيماءات متبادلة للعودة إلى الماضي الذي لم يعد بعيدًا جدًا لم يمر وقت طويل”.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post كتاب جديد يكشف استغلال ماكرون للذاكرة في العلاقة مع الجزائر appeared first on الشروق أونلاين.