كيف نواجه المشروع الصهيوني؟

أ. عبد العزيز كحيل/ يجب أن نعترف أن المشروع الصهيوني تمدد تمددا خطيرا في الأذهان وفي البلاد العربية بشكل لم يكن يحلم به وذلك من خلال توظيف الحكومات العربية المطبعة معه من جهة، ونشر ثقافة التطبيع عبر النخبة المنهزمة روحيا سواء كانت فكرية أو دينية من الجهة الأخرى، وأقبح مثال على ذلك قناة العربية وما …

يوليو 21, 2025 - 13:26
 0
كيف نواجه المشروع الصهيوني؟

أ. عبد العزيز كحيل/

يجب أن نعترف أن المشروع الصهيوني تمدد تمددا خطيرا في الأذهان وفي البلاد العربية بشكل لم يكن يحلم به وذلك من خلال توظيف الحكومات العربية المطبعة معه من جهة، ونشر ثقافة التطبيع عبر النخبة المنهزمة روحيا سواء كانت فكرية أو دينية من الجهة الأخرى، وأقبح مثال على ذلك قناة العربية وما يسمى البيت الإبراهيمي، وكل هذا يشكل خطرا كبيرا على القضية الفلسطينية وعلى الأمن القومي العربي والإسلامي، لذلك يعدّ طوفان الأقصى أبرز حدث وأكبر خطوة في عملية إعاقة المشروع الصهيوني، فهو أكبر من كونه عملية عسكرية ولا مواجهة محلية مع العدو لأنه فتح الطريق للمواجهة الشاملة مع الكيان الغاصب انخرط فيها الأحرار والقوى الحية عبر العالم كله وخاصة على مستوى أمريكا وأروبا الغربية، فالمقاومة قامت بمحاولة تاريخية لصناعة واقع جديد على مستوى العالم كله وقد كانت هي في المستوى حين سطرت آيات باهرة في الصمود الأسطوري مع أداء غير مسبوق على الأرض فتح صفحة جديدة ليس في الصراع العربي الصهيوني فحسب بل في مواجهة المشروع الصهيوني العالمي وإرباك خططه وعرقلة برنامجه طولا وعرضا وعمقا، ولولا طوفان الأقصى لتهودت المعمورة، ومصير الأمة مرتبط بغزة لذلك نؤمن – وفق الموازين القرآنية – بحتمية النصر.
إذا سلمنا بما سبق فإن ذلك يدفعنا إلى الدائرة العملية في التصدي المنهجي للمشروع الصهيوني، فالمجاهد في غزة يؤدي واجبه وكذلك من يحتضنه، وكلاهما في حاجة – بالإضافة إلى الدعم المادي وهو الجهاد بالمال – إلى ما يرفع معنوياتهم، فهم بشر، لا شك أن لديهم حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، يحبون من يحفزهم ولو بكلمة بينما يصيبهم الإحباط عندما يرون الناس معرضين عنهم وعن قضيتهم، فكلمة قد ترفع المعنويات وأخرى قد تحطمها، الصوت ينفع والكلمة لها تأثيرها في النفوس، وهذا يدفعنا إلى مستوى أعلى وهو التفاعل مع الغربيين الذين يقفون مع غزة خاصة في أمريكا وكندا وأمريكا الجنوبية وأروبا الغربية، فكم من أحرار هناك انعتقوا من القبضة الصهيونية وانخرطوا في فعاليات مختلفة الأشكال لتأييد غزة وكشف جرائم العدو ومؤيديه، ومن المروءة والدين والأخلاق إرسال رسائل شكر لسياسي أو مفكر أو إعلامي أو فنان غربي يصطف مع قضيتنا رغم المخاطر المحدقة به، مثل هذه الرسائل تحفيز لهؤلاء الأحرار ودعم وتجنيد لمزيد من أمثالهم في الدوائر السياسية والأكاديمية والصحفية والشعبية في مختلف دول العالم، وأول من ينبغي توجيه التحية إليهم عبر البريد الإلكتروني ونحوه زعماء جنوب إفريقيا وكولومبيا والوزير الأول الفرنسي السابق دو فيلبين وزعيم اليسار في فرنسا ميلانشون، وشغل الوسائط الاجتماعية بهذا أفضل ألف مرة من الحملات الساذجة من نوع «قل 1000 مرة لا حول ولا قوة إلا بالله نصرة لغزة» !!!فالمطلوب منا الانخراط القوي في عمليات الدعم من جهة والتخذيل من الجهة الأخرى، نساند علنا من هو معنا ونشد أزره ونراسله ونشكره، ونرد بقوة على أنصار المشروع الصهيوني أينما كانوا ونفضحهم ونعرّف بهم وننشر حقيقتهم.
ومن أولويات المرحلة إيجاد متخصصين في الاتصال والاعلام والبحث والاحصاء يدلوننا على أحدث وأكثر الوسائل فاعلية في متابعة المواقف من قضايانا والتأثير فيها لتعمل لصالحنا، وأوضح مثال على ذلك قضية المقاطعة حيث نحتاج إلى من يتابعونها عن كثب في الميدان وبطرق استقصائية علمية لنعرف كيف نتعامل مع الشركات التي تؤيد الصهاينة وتلك التي ابتعدت عنهم، وكان ينبغي أن تتولى السلطة الفلسطينية هذه المهمة لكنها انتقلت إلى جندي في صفوف الاحتلال تلاحق كل حر يريد المساهمة في تحرير أرضه غير أن هذا لا يعفينا نحن العرب والمسلمين من المسؤولية.
ولا شك أن الذين يتألمون لحال غزة من المسلمين كثْر، ولنا أن نتصور لو أن 1% منهم – أي 20 مليون – انخرط في العمل الجاد المؤثر إذًا لقدم أكبر خدمة لطوفان الأقصى وللقضية الفلسطينية، والظرف مناسب جدا لأن الساحة العالمية تشهد لأول مرة منذ قيام الكيان الصهيوني تحوّلا نوعيا لدى الرأي العام العالمي لصالح قضايانا فطوفان وجه ضربة كبيرة للمشروع الصهيوني وكذلك ضربة للحضارة الغربية وبيّن زيفها وزيف ما تدعيه من قيم، فيجب استغلال هذه الحالة الجديدة لصالحنا عبر إصلاح الحضارة الغربية ذاتها، فقد استفاق كثير من أبنائها وأقروا بازدواجية معاييرها واعتنق كثير منهم الإسلام لما قارنوا بين محاسنه وزيفها، كما أن الطوفان جعل كثيرا من المسلمين المقتنعين بالفكر الغربي وحضارته وقيمه وشعاراته يستفيقون، بعضهم عاد إلى حياض الأمة وبعضهم يطرح على نفسه أسئلة محرجة عميقة، وكلها إرهاصات عهد جديد يكون لصالح فلسطين والإسلام والمسلمين.