هذه “إسرائيل الكبرى” إن كنتم تعقلون!

في مناسبات سابقة، شدّدنا مرارا على أنّ الدول العربية المهرولة مخطئة تماما حينما تعتقد أنّ “اتفاقيات السلام” التي وقّعتها مع الاحتلال الصهيوني ستحميها من أطماعه التوسّعية مستقبلا، ونبّهنا إلى أنّ العدوَ قائم على معتقدات دينية توراتية يؤمن بها حتى النخاع، وإذا تمكّن من السّيطرة على فلسطين كلّها وتصفية قضيّتها بسبب خذلان العرب للفلسطينيين وخيانتهم وتآمرهم […] The post هذه “إسرائيل الكبرى” إن كنتم تعقلون! appeared first on الشروق أونلاين.

أغسطس 19, 2025 - 19:19
 0
هذه “إسرائيل الكبرى” إن كنتم تعقلون!

في مناسبات سابقة، شدّدنا مرارا على أنّ الدول العربية المهرولة مخطئة تماما حينما تعتقد أنّ “اتفاقيات السلام” التي وقّعتها مع الاحتلال الصهيوني ستحميها من أطماعه التوسّعية مستقبلا، ونبّهنا إلى أنّ العدوَ قائم على معتقدات دينية توراتية يؤمن بها حتى النخاع، وإذا تمكّن من السّيطرة على فلسطين كلّها وتصفية قضيّتها بسبب خذلان العرب للفلسطينيين وخيانتهم وتآمرهم على مقاومتهم الباسلة، فسيلتفت الاحتلال إلى ستّ دول مجاورة ويلتهمها واحدة تلو الأخرى، كلّيا أو جزئيا، لتجسيد حلم “إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات”.
كان هؤلاء العرب يقولون إنّ “إسرائيل الكبرى” مجرّد وهم يردّده إعلاميون ومثقفون ورؤساء أحزاب صهيونية، ولا علاقة له بسياسة الحكومة، وحتى حينما بدأ الوزيران المتطرّفان سموتريتش وبن غفير يتحدّثان عن هذا المخطط التوسّعي، خادع العرب أنفسهم مرة أخرى وقالوا إنّهما يمثّلان فقط اليمين الصهيوني المتطرّف وليس الحكومة. اليوم، جاء رئيس هذه الحكومة نفسه، بنيامين نتنياهو، وصعق كل العرب الذين يدفنون رؤوسهم في الرمال كالنّعام؛ وأعلن لقناة “إي 24” العبرية، أنّه “مرتبط بشدّة بمهمّة تاريخية وروحية تتعلق برؤية إسرائيل الكبرى”!
ولا ريب أنّ تصريح نتنياهو قد نزل كالصّاعقة على المهرولين العرب؛ هؤلاء الذين لم يكتفوا فقط بإدارة ظهورهم للقضيّة الفلسطينية، والتخلي عن القدس والأقصى، وخذلان المقاومة، والتطبيع مع الاحتلال، ورفض قطع العلاقات معه خلال حرب الإبادة الحالية التي ارتكب خلالها مجازر مهولة ودمّر غزة ونشر المجاعة بين أهلها… بل إنّ بعضهم واصل تزويد الاحتلال بالأغذية والمؤن في وقت يموت فيه الفلسطينيون يوميا من شدة الجوع، وأصبح بعضهم الآخر يطالب المقاومة جهارا نهارا بنزع سلاحها مقابل وقف حرب غزة، في تماه كامل مع مطالب الاحتلال، حتى أنّ سبع دول عربية وإسلامية شاركت في “المؤتمر الدولي لحلّ الدولتين” الذي عقد في 28 و29 جويلية الماضي بمقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، برعاية فرنسا، وأدانت جماعيا هجوم 7 أكتوبر 2023 ووصفته بـ”الإرهاب”، وطالبت “حماس” بنزع سلاحها وتسليمه للسّلطة الفلسطينية، مقابل حشد الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية منزوعة السّلاح، كما تتصوّرها فرنسا!
واليوم يردّ عليها نتنياهو ضمنيا ويؤكّد أنّه لن يقبل بقيام دولة فلسطينية ولو كانت منزوعة السّلاح، بل سيلتهمها كلّها، ثم يبتلع 6 دول عربية أخرى، كلّيا أو جزئيا، في إطار “مهمّته التاريخية والروحية” لإقامة “إسرائيل الكبرى”، فماذا ربحت هذه الدول التي أصبح شغلها الشاغل في الآونة الأخيرة هو فقط نزع سلاح المقاومة في فلسطين ولبنان، وبدأ بعضها يستعدّ لدخول غزة في إطار “قوات عربية ودولية” لمحاربة “حماس” وتحقيق هذا الهدف، وبعضها الآخر يتهيّأ لمواجهة “حزب الله” لنزع سلاحه قبل نهاية السنة الجارية؟
نأمل أن يكون التصريح الصادم الذي أطلقه نتنياهو بداية الاستفاقة والعودة إلى جادة الصواب والكفّ عن معاداة المقاومة والتآمر عليها مع العدوّ، ظنّا من العرب أنّ ذلك سيكسبهم رضا الاحتلال.. فهو لن يرضى عن أحد حتى يتّبع ملّته، وسيلتهم دولهم جميعا إذا حقّق “النصر الساحق” على المقاومة وهجّر الفلسطينيين في غزة والضفة وصفّى قضيّتهم، لذلك، لا مناص لهذه الدول التي آمنت طويلا بوهم “السلام” مع الاحتلال وعادت المقاومة، سوى مراجعة نفسها ومواقفها جذريا، والكفّ عن التودّد إلى الاحتلال ومهادنته واعتباره “صديقا” و”حليفا”.. ينبغي لهذه الدول الآن أن تثوب إلى رشدها وتقطع علاقاتها مع الكيان وتنتقل إلى مساندة المقاومة الفلسطينية بقوّة، ليس حبا فيها، فهي تكرهها بشدّة وهذا أمر معلوم؛ بل لأنّ هذه المقاومة هي خط الدفاع الأوّل عنها، وإذا قضى عليها العدوّ -لا سمح الله- فسيبدأ بعدها بالزّحف على دول الجوار، واحدة وراء الأخرى، لإقامة “إسرائيل الكبرى”.
اليوم سقط “السّلام” المزعوم واتفاقياته التي سينقضها الكيان بدم بارد وكأنّها لم تكن، ولن ينفعكم الآن سوى شحذ أسلحتكم والاستعداد للدّفاع عن أنفسكم، وقبل ذلك، أعلنوا القطيعة مع العدوّ وادعموا المقاومة الفلسطينية بالسّلاح بدل معاداتها والدعوة الساذجة إلى نزعه.. حتى إذا غاب المبدأ، فإنّ مصلحتكم تتطلّب دعم المقاومة الآن بالسّلاح سرّا أو علنا، وتهريبه بأيّ وسيلة إلى غزة وحتى الضفة الغربية. أما الاستمرار في النهج الحالي، فيعني احتلال بلدانكم وإقامة “إسرائيل الكبرى” على أنقاضها، وبذلك، تنالون جزاء غفلتكم وإصراركم على الخيانة والانبطاح، ولكم الخيار.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post هذه “إسرائيل الكبرى” إن كنتم تعقلون! appeared first on الشروق أونلاين.