أفضل الانشغالات!؟

أ.د: عبد الحليم قابة رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/ قد يحتار الحريص على الخير والإنسان الراشد عند كثرة الواجبات وزحمة الانشغالات وتعارض الالتزامات، وضيق الأوقات، ماذا يقدم؟ وماذا يؤخر؟ وكيف يتصرف حيال ما يطلبه الشرع من واجبات ومستحبات، وما يتطلبه واقعه وظروفه من أعمال واهتمامات؟! ولزوال هذه الحيرة كانت هذه الخاطرة: هناك جانبان مهمان ينبغي …

سبتمبر 17, 2025 - 16:19
 0
أفضل الانشغالات!؟

أ.د: عبد الحليم قابة
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/

قد يحتار الحريص على الخير والإنسان الراشد عند كثرة الواجبات وزحمة الانشغالات وتعارض الالتزامات، وضيق الأوقات، ماذا يقدم؟ وماذا يؤخر؟ وكيف يتصرف حيال ما يطلبه الشرع من واجبات ومستحبات، وما يتطلبه واقعه وظروفه من أعمال واهتمامات؟! ولزوال هذه الحيرة كانت هذه الخاطرة:

هناك جانبان مهمان ينبغي التركيز عليهما لإزالة هذه الحيرة برشد وهداية وحكمة:
الأول: الجانب الروحي الإيماني وما يقتضيه من لجوء إلى من بيده الأمور كلها بالدعاء أن يدركك بتوفيق منه وعون وهداية، ومن أذكار وطاعات تثمر بركة في الوقت وتأييد من الله يزيدان في رشد عقلك وصواب قرارك وصفاء سريرتك وسلامتك من سلطان نزغات إبليس ومكائده الصارفة عن المعالي.
الثاني: الجانب المعرفي العلمي وما يقتضيه من استذكار للقواعد الأتية:
1 – أنّ الفرائض والواجبات الدينية أو الحياتية (الأسرية والوظيفية والاجتماعية) مقدمة في ميزان الشرع والعقل على النوافل والتطوعات والأعمال التي لم تصل إلى درجة الوجوب المذكور.
2 – أنّ الأعمال والوظائف الكمالية ينبغي أن لا تشغلك عن الواجبات التي لا رخصة في تأخيرها أوتركها
3 – أنّ لكلّ وقت وظيفتَه المطلوبة، وأن أفضل الأعمال هو ما يقول عنه العلماء بأنه (واجب الوقت وما يقتضيه).
وهذا يختلف من شخص إلى شخص ومن ظرف إلى ظرف.
وفي ظرف الطغيان الصهيوني والخذلان العربي، لا ينبغي أن يُختلف في أن واجب وقتنا هو نصرة إخواننا.
4 – أنّه لا بد من ترتيب الانشغالات حسب سلم الأولويات الصحيح الذي يبنى على الاعتبارات الشرعية والمنطقية والإكراهات الواقعية، وعلى درجة الأهمية.
5 – أن يعتمد الإنسان ميزانا لهذا الترتيب ولحسن التخطيط يراعى فيه ما يلي:
أ- رضى الله مقدم على رضى الناس عند التعارض.
ب- النجاة في الآخرة وما يتعلق بها من نعيم خالد ، أولى من متاع الدنيا الزائل، إذا تعارضا ولم يمكن الجمع بينهما.
ج- ما كان فيه نفع عام مقدم على ما كان نفعه خاصا .
د- ما كان متعلقا بالقلوب وصفائها أهم مما تعلق بالعقول وحشوها وبالأبدان ومتعتها .
هـ- الأقربون أولى بالمعروف (عند التزاحم ودون قطع للخير عن الأمة)
و- العلم النافع مقدم على العمل دون علم.
ز- غذاء الأرواح أولى من غذاء العقول وهما أولى من غذاء الأبدان (ولا يمكن الاستغناء عن أيٍّ منها)
ح- ما يتعلق بالأصول والكليات أهم مما يتعلق بالفروع والجزئيات.
ط- ما يتعلق بمصلحة الأمة واجتماعها ونهضتها، أهمّ ممّا يتعلق بالمصالح الشخصية الآنية.
ي- الإبداع والابتكار والتجديد وما يخدم هذا المسار في ميدان المتغيرات، أهم من التقليد الأعمى والتكرار والاجترار.
هذا؛ وأنصح نفسي وإخواني بالرجوع إلى القرآن والسنة وكلام المستبصرين من هداة هذه الأمة، فما وجدتم -بفهم ووعي – أن الشرع يعظمه ويقدمه فعظموه وقدموه، وإن زينه شياطين الإنس والجن، وما وجدتم -برشد – أن الشرع يصغره ويؤخره، فصغروه وأخروه،وإن عظمه شياطين الإنس والجن.
كما أنصح بالاهتمام بالأحاديث الجامعة التي بيّن فيها النبي -صلى الله عليه وسلم – أفضل الأعمال، وأحب الأعمال إلى الله، وخير الناس، ونحو ذلك؛ لأنها دعوة منه واضحة لحسن ترتيب أولوياتنا. والله وليّ التوفيق.