درس المناضل محمد بلوزداد «رئيس المنظمة الخاصة الجزائرية»
د. عبدالقادر بوعقادة */ حدثني ذات يوم من عام 1990 المناضل في حزب الشعب وحركة الانتصار للحريات الديموقراطية رفيق الزعيم مصالي الحاج والمجاهد في جبهة التحرير السيد أحمد بودة «رحمه الله»، ونحن في حي بلوزداد « بلكور سابقا» عن القائد الثوري «محمد بلوزداد» أول رئيس للمنظمة الخاصة التي تأسست عقب الحرب العالمية الثانية بعد النكسة …

د. عبدالقادر بوعقادة */
حدثني ذات يوم من عام 1990 المناضل في حزب الشعب وحركة الانتصار للحريات الديموقراطية رفيق الزعيم مصالي الحاج والمجاهد في جبهة التحرير السيد أحمد بودة «رحمه الله»، ونحن في حي بلوزداد « بلكور سابقا» عن القائد الثوري «محمد بلوزداد» أول رئيس للمنظمة الخاصة التي تأسست عقب الحرب العالمية الثانية بعد النكسة وخيبة الأمل في تنفيذ فرنسا وعودها والتي استبدلتها بتنفيذ مجازر « 8 ماي 1945»، ليجتمع ثلة من المناضلين في حزب الشعب وينظموا انفسهم تنظيما ثوريا بهدف تفجير الثورة وإعمال السلاح الذي ستسمعه فرنسا… يصف المرحوم أحمد بودة المجاهد «بلوزداد» بالمناضل الذكي والمجاهد الشجاع الذي كلف برئاسة المنظمة وقيادة المجموعة -لتحقيق الهدف بالوسيلة المسلحة- بأنه عمل بوعي وثبات لتنظيم العمل الثوري، لكن ما ألمّ به من مرض «مرض السل» حال دون استكمال الترتيبات ليلجأ إلى مستشفى باريس للتداوي من المرض وترك القيادة لحسين آيت أحمد ثم أحمد بن بلة فيما بعد، ومع ذلك بقي إخوانه يزورونه ويسألون عن صحته، وكان مما سأله أصحابه «ما هي أمنياتك وما تشتهي وأنت بفرنسا في هذا الوضع؟» ليجيب محمد بلوزداد إخوانه: «إشتقت لسماع آذان الصلاة…»
حينما تسمع كلاما كهذا صادرا عن قامة ثورية جزائرية فإنّ هذا يؤشر على حضور البعد الديني في سلوكات المناضلين في أي اتجاه كانوا، وتقف على حرصهم في تكريس الثوابت الأصالة والدين والانتماء، وأنّ ارتباط هؤلاء المناضلين والمجاهدين بالوطن لم يكن ارتباطا بأرض وتاريخ فحسب … وإنما الدافع الديني والتمكين للإسلام كان دوما شغلهم الشاغل ودافعهم الفاعل… ويشعرك هؤلاء بمدى الحرية التي كان يتمتع بها هؤلاء الأحرار في زمن الاحتلال والتسلط الفرنسي، حيث عملت فرنسا على مدى أزيد من قرن لكي تطمس هوية وتدجن أمة وتخضع شعبا لرؤاها ولخدمة أغراضها الاستعمارية…لكن شباب الحركة الوطنية كانوا على وعي كامل بالانتماء، ويعملون بعزم على التمكين للثوابت بغض النظر عن الانتماء الحركي والوعاء الذي ينشطون فيه عصرئذ..
لقد كان منطلق المناضلين والمجاهدين عبر حركة النضال والجهاد في مسار تاريخ الجزائر التحريري حب الدين والاعتزاز بالانتماء الحضاري العربي الإسلامي. ويعملون لفرض ذلك رغم قلة الوسائل وسيطرة العدو، ولعل الرجوع إلى شعارات كل من حزب الشعب «الإسلام ديننا، والجزائر وطننا، والعربية لغتنا» وجمعية العلماء المسلمين «الإسلام ديننا، والعربية لغتنا، والجزائر وطننا» ممّا يجسد أمنيات الشهيد بلوزداد ويوضح سلوكات المجاهدين وحركتهم الثورية في سبيل تحرير الوطن وتحقيق أحلام شهداء الجزائر عبر التاريخ…وذاك هو الوفاء …وإنّ القارئ لتاريخ الكفاح والنضال الجزائري سيلمس هذا البعد الديني والدافع الوطني في كل حركاتهم وسكناتهم، لا يفترون عنه لحظة ولا يغيب عن أذهانهم في أي مرحلة، شعب معتز بثوابته وأصوله يكافح لتحقيق ذاته وآماله..كان كذلك وسيبقى….
* جامعة البليدة 2-