نبيل كحلوش..التسلح الجزائري استجابة للمحيط الأمني
أرجع الباحث في الدراسات الإستراتيجية،نبيل كحلوش” تصدر الجزائر المراتب الأولى في الإنفاق العسكري،إلى الأهمية التي توليها السلطات العليا للبلاد للدفاع،وكذا استجابة للمحيط الأمني ، خاصة في ظل التطورات الأمنية التي تعرفها البلاد على مستوى حدودها الجنوبية والغربية. كما إعتبر ذات المتحدث أن هذا الإنفاق ليس توجها أحادي الجانب للهيمنة، وبالتالي سقوط القراءات التي تفسر الميزانية […] The post نبيل كحلوش..التسلح الجزائري استجابة للمحيط الأمني appeared first on الجزائر الجديدة.

أرجع الباحث في الدراسات الإستراتيجية،نبيل كحلوش” تصدر الجزائر المراتب الأولى في الإنفاق العسكري،إلى الأهمية التي توليها السلطات العليا للبلاد للدفاع،وكذا استجابة للمحيط الأمني ، خاصة في ظل التطورات الأمنية التي تعرفها البلاد على مستوى حدودها الجنوبية والغربية.
كما إعتبر ذات المتحدث أن هذا الإنفاق ليس توجها أحادي الجانب للهيمنة، وبالتالي سقوط القراءات التي تفسر الميزانية العسكرية كسباق تسلح. قائلا في هذا الصدد أن الإنفاق العسكري شهد ثلاث تغيرات كبرى في ثلاث فترات زمنية مختلفة، تتمثل هذه التغيرات الثلاث في نسب نمو مرتفعة للإنفاق العسكري، وقد تزامنت هذه النسب المتطورة مع تغيرات جيوسياسية إقليمية ودولية:
– الأولى في 2008:
ازدادت الميزانية العسكرية في هذه الفترة بنسبة 31% عن سنة 2007. إذ بلغت قيمتها 5.17 مليار دولار. وقد تزامن ذلك مع تغيرات أمنية جذرية شهدتها الجزائر محليا وإقليميا. ففي 2007 شهدت الجزائر محليا تفجيرات إرهابية من (طرف تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي) حيث تم الاعتداء على مقرات حيوية في العاصمة. أما إقليميا فقد كان الوضع على الحدود مع مالي والنيجر متدهورا وبالأخص بعد تجدد النزاع في شمال مالي إثر انهيار (اتفاقية السلام 2006) الذي لم يصمد طويلا. أما على المستوى الدولي فقد أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك قيادة (الأفريكوم) ضمن استراتيجيتها في الاحتواء الأمني للقارة الإفريقية. فكل ذلك شكل بيئة أمنية غير مستقرة بالنسبة للجزائر في سنة 2007 دفعت بها إلى الرفع من ميزانيتها العسكرية بشكل أكبر. ومنه فإن النسبة المؤوية لتطور الإنفاق العسكري في هذه الفترة تتسق زمنيا مع الأزمات الجيوسياسية.
– الثانية في 2011:
ازدادت الميزانية العسكرية في هذه الفترة بنسبة 52.8% عن سنة 2010، إذ بلغت قيمتها 8.65 مليار دولار. وتزامن ذلك مع أزمات إقليمية عديدة منها بداية الانفلات الأمني والتوتر السياسي في العديد من الدول العربية مثل تونس وليبيا ومصر، إضافة إلى الانهيار الأمني في مالي بسبب الحرب. ألقى كل ذلك أعباء أمنية على الجزائر تخص تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب وتهريب الأسلحة وتفكيك شبكات الهجرة والاتجار بالبشر، ونتيجة لهذا الواقع المعقد فإن الفراغ الأمني في محيط الجزائر استقطب التدخلات الخارجية للدول الغربية مثلما استقطب الجماعات الإرهابية التي تنشط كإرهاب متعدد النطاقات (أمنيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا). فهذه البيئة شكلت أزمة جيوسياسية متعددة الأبعاد بالنسبة للجزائر حتمت عليها الرفع من ميزانيتها العسكرية.
– الثالثة في 2023:
ازداد الإنفاق في هذه الفترة بنسبة 99.6% عن سنة 2022، إذ بلغت قيمته 18.26 مليار دولار. السياق الإقليمي لذلك يتمثل في القطيعة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب والأزمة الأمنية في منطقة الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو، وأيضا في الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا شرقا، إضافة للأزمة في دولة مالي بين الحكومة الانقلابية وحركة تحرير أزواد. كما أن النشاط الإقليمي للجزائر كان أكثر بروزا بعد استضافتها في نوفمبر 2022 لقمة جامعة الدول العربية وتبنيها لمسار المصالحة الفلسطينية بين مختلف الفصائل بعد ازدياد العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين أمنيا وسياسيا. أما دوليا فإن تداعيات الحرب في أوكرانيا مست إمدادات الطاقة والغذاء ورفعت من حدة الاستقطاب الجيوسياسي لدرجة أن نوابا من الكونغرس الأمريكي رفعوا مطلبا بإنزال عقوبات على الجزائر إثر ما اعتبروه تعاونا عسكريا كبيرا بين الجزائر وروسيا، فكل ذلك أدى بالفواعل الدولية إلى انتهاج أسلوب القوة الصلبة في إدارة شتى الملفات مما يفسر سبب تحوّل الميزانية الدفاعية للجزائر بنسبة نمو تفوق 99 بالمائة من سنة 2022 إلى 2023، فهذا التزامن بين الأزمات الجيوسياسية ونسبة النمو الكبرى يدل على أن أزمات تلك الفترة كانت الأكبر من نوعها في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين.
أما عن سنتي 2024 و2025 فقد شهدت الجزائر أكبر ميزانيتين دفاعيتين وهما على التوالي: 21.7 و25 مليار دولار. ونسبة التطور أقل من النسب السابقة ولكن حجم الميزانية هي الأكبر في تاريخ الجيش الجزائري، مما يعكس بأن الأزمات الجيوسياسية لا تزال تمثل المتغير الرئيس في تحديد الإنفاق العسكري. ففي هذه الفترة شهد العالم تداعيات واسعة لحرب الإبادة مع تغيرات جذرية على مستوى العلاقات الدولية زادت من حدة الفوضوية وقللت من نسبة اليقين، مما دفع إلى عودة القوة كمتغير محوري في صناعة الواقع الدولي. الأمر الذي يفسر استجابة الجزائر لحتمية القوة في سياستها الدفاعية.
The post نبيل كحلوش..التسلح الجزائري استجابة للمحيط الأمني appeared first on الجزائر الجديدة.