الأزهر يثير الجدل بعد سحب بيان يندد بتجويع غزة
نشرت مشيخة الأزهر الشريف مساء الثلاثاء بيانًا قويّ اللهجة على صفحتها الرسمية بموقع “فيسبوك”، يُدين بشدة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، قبل أن يتم حذفه بعد دقائق من نشره، ما أثار موجةً من التساؤلات وردود الأفعال الساخطة على مواقع التواصل الاجتماعي. البيان، الذي سارع العديد من النشطاء إلى توثيقه ونشره بعد اختفائه، حمل …

نشرت مشيخة الأزهر الشريف مساء الثلاثاء بيانًا قويّ اللهجة على صفحتها الرسمية بموقع “فيسبوك”، يُدين بشدة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، قبل أن يتم حذفه بعد دقائق من نشره، ما أثار موجةً من التساؤلات وردود الأفعال الساخطة على مواقع التواصل الاجتماعي.
البيان، الذي سارع العديد من النشطاء إلى توثيقه ونشره بعد اختفائه، حمل مضامين قوية وصريحة لنصرة غزة، وإدانة مباشرة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، إذ وصف ما يجري في غزة بأنه “جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان”، مشيرًا إلى أن الكيان الصهيوني يُمارس سياسة “التجويع الممنهج” ويمنع وصول المساعدات، ويستهدف مراكز الإغاثة وملاجئ النازحين بـ”قوة ووحشية ولا مبالاة لم يعرف لها التاريخ مثيلا”.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي البيان المحذوف مشيدين بمضمونه الجريء، ومستنكرين التراجع عنه، في وقت وصف فيه البعض حذفه بأنه محاولة لإسكات صوت الضمير في زمن الصمت المريب.
وجاء في البيان، بحسب ما نُقل، أن الأزهر الشريف يطلق صرخته الحزينة ونداءه العالمي المكلوم، مستصرخًا أصحاب الضمائر الحية وأحرار العالم من أجل تحرّك فوري وعاجل لإنقاذ أهالي غزة من المجاعة القاتلة، التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي “بقوة ووحشية ولا مبالاة لم يعرف التاريخ لها مثيلًا من قبل”.
البيان لم يكتفِ بالتعبير عن الألم الإنساني، بل حمّل الاحتلال مسؤولية “جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان” من خلال تجويع متعمّد للسكان، واستهداف مراكز توزيع المساعدات ومواقع إيواء النازحين. كما حمل مسؤولية الدماء والأرواح لكل من يدعم هذا الكيان بالسلاح أو “يشجعه بالقرارات أو بالكلمات المنافقة”، مؤكدا أن هؤلاء شركاء في الجريمة وسينالون عقابهم من “الحكم العدل والمنتقم الجبار يوم لا ينفع مال ولا بنون”.
وأضاف البيان أن “الضمير الإنساني اليوم يقف على المحك”، وهو يرى الأطفال يُقتلون بدم بارد، ومن ينجو منهم يهلك جوعًا وعطشًا في ظل نفاد الدواء وانهيار القطاع الصحي.
كما جدّد الأزهر براءته من “الصمت العالمي المريب” ومن أي دعوات لتهجير سكان غزة، ورفض كل من يتواطأ أو يصمت أمام الجرائم المرتكبة بحق الشعب الأعزل، داعيًا إلى فتح الطرق لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، وإلى تحرّك دولي فاعل لوقف العدوان وإنهاء معاناة المدنيين.
وأنهى الأزهر بيانه بالدعاء: “اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهْرِمْهُمْ وانصرنا عليهم”، مجددًا التمسك بالدعاء كسلاح روحي في مواجهة آلة القتل والحصار.
ومن جانب آخر: كشفت منصة “مدى” المصرية أن شيخ الأزهر أحمد الطيب سحب بيانًا كان قد أصدره لمناشدة إنقاذ أهالي القطاع، وذلك بعد تدخل من وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الذي طلب منه سحب البيان “لعدم عرقلة المفاوضات الجارية لإدخال المساعدات الإنسانية”، بحسب ما أفاد مصدر مقرّب من شيخ الأزهر للمنصة. في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية في غزة مع ازدياد أعداد ضحايا الجوع وسوء التغذية بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق.
حذف البيان بعد نشره بدقائق أثار استياء واسعا، فيما يرى مراقبون أن البيان -بما حمله من مضامين صريحة ومواقف أخلاقية قوية- شكّل موقفا نادرا من مؤسسة دينية بحجم الأزهر في وقتٍ تتردد فيه كثير من المؤسسات عن قول كلمة الحق، وسيظل صداه حاضرًا في الوجدان العام، حتى وإن أُسكت رسميًا.