الماكرون ويمكر الله

العمل الهجين الخفي الذي تعودت عليه الدولة العميقة في فرنسا، عادة ما كان ينشط صيفا في بلدنا، مع اقتراب الدخول الاجتماعي أو مع اقتراب موعد سياسي معين. هذا العمل كان يخفت، يختفي ظاهريًّا، لكنه لم يمت أبدا: الأيادي الخفية كانت دوما محضرة وبنيتها موجودة، قبل أن تفكك جزئيا خلال السنوات الأخيرة وخلال الفترة القليلة الماضية […] The post الماكرون ويمكر الله appeared first on الشروق أونلاين.

أغسطس 25, 2025 - 17:38
 0
الماكرون ويمكر الله

العمل الهجين الخفي الذي تعودت عليه الدولة العميقة في فرنسا، عادة ما كان ينشط صيفا في بلدنا، مع اقتراب الدخول الاجتماعي أو مع اقتراب موعد سياسي معين.
هذا العمل كان يخفت، يختفي ظاهريًّا، لكنه لم يمت أبدا: الأيادي الخفية كانت دوما محضرة وبنيتها موجودة، قبل أن تفكك جزئيا خلال السنوات الأخيرة وخلال الفترة القليلة الماضية بشكل أكثر حدة ضمن نشاط أنظمتنا الأمنية في محاربة الجرائم المالية والفساد بشكل عامّ. الفساد المالي، كان ولا يزال له أزلامه وشبكاته ورموزه الظاهرة والباطنة ولكن الباطنة كانت الأقوى وأكثرها تجذرا وقدرة على التأثير.
ليس غريبا أن ترتبط تحرّكات وأنشطة الذباب داخليا وخارجيا، بأياد جزائرية تستمدّ وقودها من خلف البحار.
هذه القاعدة، لم تختف قط، ولن نستغرب مضاعفة محاولات زعزعة الاستقرار واستفزاز بعض الشرائح الشعبية مع اقتراب الدخول المدرسي والاجتماعي بشكل عامّ. الأوراق التي تلعبها فرنسا رفقة المخزن والكيان الصهيوني باتت واضحة للعيان: إنها تستثمر في القضايا اليومية للمواطن الذي بدأ يتنفس الصعداء من مرحلة العصابة الفاسدة وأذيالها على جميع المستويات. تستثمر في كل ما يمس المواطن، لتظهر له عكس ما يحس به ولتخلط عليه الحسابات والرؤية وتشوّش على الوضع وتخرّب العقل وتوسوس وتشيطن وتشكك وتستفز في شكل دعاية واضحة باتت مكشوفة والهدف منها ضرب الاستقرار لحاجة في نفس الجالسين خلف الحواسيب والهواتف، خلف البحر وخلف الستائر في الداخل.
نلاحظ كيف استثمرت وسائل التواصل الاجتماعي في قضية فاجعة حافلة وادي الحراش، وكيف تحركت الآلة من خلف البحار وحوّلت القضية إلى رأي عامّ يعيد النظر في كل مؤسسات الدولة. انضمت إلى هذا العصف الإلكتروني، حساباتٌ إلكترونية وهمية، راحت تروِّج لفظاعة الفاجعة، في وقت كان فيه المغرب يفقد أكثر من 26 شخصا في حادثة حافلة مماثلة، من دون أن تحرِّك في الإعلام المخزني دمعة ولا احتجاجا ولا حملة كالتي تُشنّ على الجزائر. صحيح أنّ الفاجعة كانت كبيرة، لكن المكيدة التي استُغلت لأجلها واستُثمرت واستُنفرت ودبِّرت، حيكت وبُرمجت ونُفذت لأجلها، كانت أكبر: صار كل عطل وكل حادث مرور منشور مرتبط بحافلة الحراش: حفلة الحافلات، تحرش بالطرقات المهترئة عندنا، وكأننا لا نملك إلا الاهتراء في كل الأشياء: في العجلات وفي الحافلات وفي الطرقات، وتعمى الأعين عن رؤية باقي الأشياء الإيجابية التي تحققت وتتحقق بكل قوة من طرف الجزائريين والعمل الجزائري الداخلي والسواعد والعقول الجزائرية الصرفة: هذا ما يُخرج فرنسا وأذيالها عن أطوارهم، فتخرج علنا في محاولة بائسة يائسة لتعكير الوضع الأمني، عبر “حلف الحافلة” وباقي البؤر الاستثمارية غير البريئة، المؤطرة الموجّهة المدعّمة والمموّلة: فيديوهات عصابات الأحياء المنتشرة بقوة هذه الأيام، عنف مواطنين ضد مواطنين، توضح عمل هذه الجهات على تعكير صفو الأمن عبر تحريك هذه الشبكات الإجرامية، والتشهير والإشهار لها، بغية التشكيك في كل قرار سياسي، ونعته بكل النعوت لتأليب الرأي العام، عبر فيديوهات حقيقة وأكثرها مفبركة كاذبة ملفقة، يعرف سيماه كذبها من أول حرف وعنوان لها. التشكيك وافتعال الإشاعات بشأن قادة البلد، وتزوير الأخبار، ودس أنباء تبدو صادقة، فإذا بها كاذبة رأي العين وسمع الأذن.
كوارث وغثاء سيل يعج بها الفضاء الأزرق والمواقع والقنوات الغثة السفيهة التي لا تعرف عن الأخلاق منبتا ولا عن أخلاق المهنة نبتة.
فرنسا الغبية التي تستغبي البعض وتوعدهم وتوهمهم بأن لها من الأذرع ما يحرك السكون، ستعلم يوما، وما يوم ناظره ببعيد، أنها بذلك، تدق آخر مسمار في نعشها المنهوش.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post الماكرون ويمكر الله appeared first on الشروق أونلاين.