حين يُفصل الرأس عن الضمير
مرة أخرى، وببشاعةٍ تُوجِع الفطرة، يهتزّ الضمير الإنساني على وقع جريمةٍ تُعجز الوصف: طفل في الثالثة من عمره، يُعثر عليه في شلف جثةً هامدة، مفصولة الرأس… كأنّ المشهد إعلان فاجع عن موت البراءة واغتيال المعنى الإنساني. ولئن كان القصاص من الجاني تحصيلَ عدلٍ لا خلاف عليه، فإن الأعمق من ذلك هو إدراك أن …

مرة أخرى، وببشاعةٍ تُوجِع الفطرة، يهتزّ الضمير الإنساني على وقع جريمةٍ تُعجز الوصف: طفل في الثالثة من عمره، يُعثر عليه في شلف جثةً هامدة، مفصولة الرأس… كأنّ المشهد إعلان فاجع عن موت البراءة واغتيال المعنى الإنساني.
ولئن كان القصاص من الجاني تحصيلَ عدلٍ لا خلاف عليه، فإن الأعمق من ذلك هو إدراك أن القاتل لم يسقط من الفضاء، بل خرج من بيننا، من مجتمعٍ أهمل القيم، وتواطأ مع الرداءة، واعتاد سياسة “تخطي راسي”، حتى صار العفو والتغاضي عن الجريمة أكثر حضورًا من الوقاية منها.
في الحقيقة، لم يُفصل رأس الطفل وحده، بل فُصل رأس مجتمعٍ عن ضميره. حين تُذبح المبادئ باسم التساهل والتعاكس، ويتحول الصمت إلى قانون، تصبح الجرائم نتيجة منطقية لانهيار البنية الأخلاقية.
المجرم الحقيقي ليس فقط من رفع السكين، بل من سهّل الطريق إليه من تجار مخدرات، جعلوا من “الهلوسة” تجارةً مشرّعة على أرصفة المدن.
وجواب الفاجعة ليس عسيرًا: جفّفوا المستنقعات من سمومها، فيختفي ذباب الجريمة من تلقاء نفسه، أما إن استمرّ العجز مغلفًا بالصمت، فسنواصل دفن الأطفال… ونكتب على شواهد قبورهم، أننا شركاء صمت في انهيار مجتمع.