المحامي الفرنسي لـ “الوطنية تي في”: ماضي فرنسا في الجزائر جزء من الذاكرة و يجب ان نتعلم منه
أكد المحامي الفرنسي، جاك كافانا، مواليد سنة 1945 بالأبيار الجزائر العاصمة، ورئيس جمعية فرنسا بالجزائر، الجمعية التي أنشأها منذُ 3 فبراير الماضي وكانت قيد التحضير منذُ ديسمبر الماضي، لدى نزوله ضيفا على قناة “الوطنية تي في” أن الماضي جُزء من الحق في الذاكرة وهذا الماضي لا بُد من النظر إليه أمامنا معًا لأن تاريخنا واحد […] The post المحامي الفرنسي لـ “الوطنية تي في”: ماضي فرنسا في الجزائر جزء من الذاكرة و يجب ان نتعلم منه appeared first on الجزائر الجديدة.

أكد المحامي الفرنسي، جاك كافانا، مواليد سنة 1945 بالأبيار الجزائر العاصمة، ورئيس جمعية فرنسا بالجزائر، الجمعية التي أنشأها منذُ 3 فبراير الماضي وكانت قيد التحضير منذُ ديسمبر الماضي، لدى نزوله ضيفا على قناة “الوطنية تي في” أن الماضي جُزء من الحق في الذاكرة وهذا الماضي لا بُد من النظر إليه أمامنا معًا لأن تاريخنا واحد ومُشترك ويجب أن نُبصر نحوه بكل موضوعية وبكل أخوة وتبادل مُطمئن بما يُفيد استخلاص النتائج من أجل المُستقبل الذي لا بد أن نتشاركه، وبما أنه لدينا تاريخ مُشترك ومُعتبر فاليوم لا يجبُ أن نمد يدًا واحدة بل اليدين معًا”.
سيد جاك كافانا أنتم حاليًا تنظرون إلى المُستقبل لماذا لا تتحدثون على الماضي؟
في الحقيقة الماضي جُزء من الحق في الذاكرة وهذا الماضي لا بُد من النظر إليه أمامنا معًا لأن تاريخنا واحد ومُشترك ويجب أن نُبصر نحوه بكل موضوعية وبكل أخوة وتبادل مُطمئن بما يُفيد استخلاص النتائج من أجل المُستقبل الذي لا بد أن نتشاركه، وبما أنه لدينا تاريخ مُشترك ومُعتبر فاليوم لا يجبُ أن نمد يدًا واحدة بل اليدين معًا.
انطلاقا من مساركم وسيرة حياتكم، هل يُمكنك استعراض هذا الماضي وتقديم نبذة عن طفولتكم في الجزائر في العهد الاستعماري؟
عشتُ طفولة ممتعة ومرحة، وُلدت بالأبيار في هذا الحي فانتان فريش بعدها رحل الوالدان من بيت جدي إلى بلوزداد وبالتحديد في حي الحامة حيث كان أبي يمتلك بقالة في شارع عمرة مع العلم أن هذا الشارع غير موجود اليوم، لكن العمارة التي كُنا نقطنها كانت قريبة من المتحف، وترعرعت في حضانة كوسمي وبقيتُ فيها إلى غاية الانتهاء من الطور الابتدائي قبل الذهاب إلى “كوليج إيتو” الذي أخذ فيما بعد اسم “آلبير كامو” ويحملُ الآن اسمًا آخر وبقيت هناك إلى غاية نهاية مرحلة التعليم المُتوسط، وتنقلتُ إلى الثانوية في شارع ديدوش مراد ثم جاء رحيلنا عام 1962.
قبل مُغادرتكم الجزائر كانت حرب التحرير وأنتم عشتم هذه الطفولة في ظل هذه الحرب، هل كان لها أثر عليك؟
أثرت على عدة أحداث صحيح، عندما اندلعت أحداث الحرب لم يكن لها تأثير خاص لأنه ببساطة كُنا نعيشُ في حي شعبي، وحي الحامة هو الحي الذي كانت تُوجد فيه ورشات السكك الحديدية وكان يقطنه كثيرًا الشيوعيون والاشتراكيون إلى جانب الوطنيين الجزائريين وكنت أعرفهم لأنهم كانوا زبائن في بقالة الوالد وكانت علاقتنا معهم ممتازة مبينة على العلاقات الإنسانية لا علاقة لها بالسياسة إطلاقًا.
في تلك الفترة كانت هناك توجيها من جبهة التحرير الوطني بأن لا يتم المساس بالمدنيين الأوروبيين والفرنسيين خاصة، كيف تُقيمون ذلك التوجه؟
الشُكر لله لم يكن هناك فرد من عائلتي تعرض للتهديد أو الاعتداء عشنا بشكل عادي ثم جاء الاستقلال في شهر مارس 1962، كانت هناك بعض التحولات وما كان عاملا مُحفزًا لدى والدي كان ما حدث في 26 مارس في شارع ايزلي قُرب البريد المركزي.
قبل الوصول إلى الاستقلال أريد أن أعيدك إلى ما يُسمى بمعركة الجزائر أو إضراب الأيام الثمانية التي اندلعت بمدينة الجزائر بين نهاية جانفي وبداية فيفري 195، هل أثرت عليكم قليلا؟
لم تكن لدينا علاقة عدائية مع الذين كانوا ينادون بالاستقلال كانت العلاقات ودية كُنا نرى أن الجزائر لا بُد أن تستقل يومًا ولم يكن من الضروري أن نصل إلى هذه النهاية المأساوية، بالنسبة للكثير من الأشخاص من جانب كل الجماعات الموجودة، وفي الحقيقة كان الوالدان يأملان في البقاء أمام سيل الذين غادروا حيث كان عليهما مسايرة الحركية الجديدة.
كُنت تتحدث عن مارس 1962 وفي 19 مارس كان هناك وقف لإطلاق النار هل تغيرت بذلك كل المعطيات؟ كيف عشتم هذا التحول؟
واجهنا أمور لا مفر منها، والجميع تفهم ذلك وابتداء من 26 مارس كان لا بُد من الذهاب.. لا بُد من الذهاب؟
غادرتم إذا في جوان؟
أرسلني الوالدان إلى فرنسا لأن هناك امتحان البكالوريا، وقد غادرت قبل أمي وشقيقي اللذان غادرا في 17 جويلية، وقبل أن أصل كان والدي قد أخذا احتياطات وحاولوا كتابة إلى رؤساء بلديات محيطة بمدينة مونبلييه بحثا عن مأوى للكراء، وفي قرية قُرب مونبليه تُسمى غرابيل رد علينا رئيس البلدية قائلا أنه في بداية سنوات الأربعينيات استقبلت البلدية بلجيكيين ولاجئين في فرنسا ونحن اليوم على استعداد لاستقبال العائدين من الجزائر، وفعلا وصلت منفردًا وكان الوالدان قد حجزا لي بيتًا صغيرًا في الريف ولأني كُنت وحيدًا خلال تلك الفترة ذهبت إلى مركز العائدين وهو عبارة عن ثانوية قديمة مهملة تحتوي على مراقد بأسرة مصطفة وكان هناك 100 شخص في كل مرقد ولا عيب أن أقول أني نمت في مراقد بحقيبة أو حقيبتين تحتوي الواحدة على ثيابي وقمصاني والأخرى تحتوي على كتبي من أجل تحضير امتحان البكالوريا، وقد استغرق هذا الوقت الذي سبق وصول أمي بعد أكثر من شهرين وبعدها صرنا أجانب ولم يكن ينظر إلينا نظرة حسنة.
لماذا لم يكن يُنظر إليكم بنظرة حسنة، لماذا هذه النظرة السلبية إلى الأقدام السوداء من فرنسيي فرنسا؟
كانوا يصفوننا بعدة أوصاف، يقولون لنا كُنتم هناك وعليكم العودة وهذا ما كان يقوله السيد دوفير وهو ما يتداول اليوم أيضا، وقد حاول عمدة بلدية مونبليه تلطيف الجو ولكن الأمر كان مُعجزة مع وُصول ألفي شخص إلى المدينة.
لماذا لم تفكروا في العودة إلى الجزائر والإقامة فيها من جديد، كانت هناك إمكانيات للعودة؟
كان لا بُد على الوالدين أن يستقرا في فرنسا ولم يكن سهلاً لم يكن والدي غنيين كان لدينا رأسمال بسيط لأنهما تركا الشقة التي كنا نملكها والتجارية أيضا، ورغم ذلك حمل معه والدي بعض المال الذي ادخره في جيبه، حاول أبي السفر ذهابًا وإيابًا لمعرفة ما إذا كانت العودة ممكنة لكنه انتهى به المطاف إلى الرجوع بعد عام ولأن الوالد اشتغل في القطاع العام استطاع انشاء متجر للأدوات الكهرومنزلية.
لنتقدم قليلا في النقاش، سجلتم في كلية الحقوق في مونبلييه لمتابعة دراسات في القانون لكن ذهنكم بقي يُفكر دائمًا في الجزائر؟
سأقول كل شيء عن المسار الجامعي فبعد حُصولي على البكالوريا سجلتُ في كلية الحقوق بمونبلييه لسنة أولى ثم ثانية، ثم أردت تعديل الأشياء نوعًا ما ومُتابعة العلوم السياسية فكان لا بُد أن أذهب لدراسة العلوم السياسية في أكس بروفانس وقمت بالجمع بين الحقوق والعلوم السياسي وكنت أتنقل إليها طيلة الأسبوع، وقمت بثلاثة أرباع مساري الدراسي فيها ونلت الليسانس في الحقوق وديبلوم الدراسات العُليا في العلوم السياسية ثم عدتُ إلى مونبلييه أين نلت ديبلوم الدراسات العُليا في القانون الدُولي العام.
بعدها كانت لديك الفرصة للتواصل مع الجزائريين من كل الأطياف والاتجاهات، فكان هناك محامون وسياسيون ومثقفون من مختلف الآفاق، هل يُمكن لكم أن تحدثونا عن هذه الاتصالات؟
عندما نلت شهادة الكفاءة في المحاماة الفكرة الأولى التي راودتني هي القدوم للتدريس في الجزائر، في عام 1975 راسلت عميد كلية الحقوق بجامعة الجزائر وقلت له أنا محامي في مونبليه وأتي أيضا للتدريس في الجزائر، ولكن مُقابل الإبقاء على مكتبي بفرنسا والمجيئ مثل ما جرت العادة في ذلك الوقت دون الدخول في إطار ما يسمى بالتعاون الفرنسي بالنظر إلى بعض العقبات التي لم أكن قادرا على تجاوزها لكن الدخول مباشرة في التدريس، لكن الرد كان سلبيا لأنه ما دمت كنت أريد الاحتفاظ بمكتبي هناك لا يمكن ذلك من الناحية الإدارية، ولذلك لم أحقق هدفي ولم يكن أمامي غير ذلك لأن مكتبي كان في طور الإنشاء ولم يكن ممكن إطلاقا التخلي عنه، وفي الجزائر لم يكن الأمر ممكنا من الناحية التقنية والإدارية لكنني احتفظت بكل العلاقات التي كانت تربطني بأصدقائي الجزائريين، بعد ذلك في عام 2000 كانت لدى الفرصة، التقيت بالصدفة مع علي سعد وهو قنصل الجزائر في مونبليه وأخبرني أن كاتب الدولة المكلف بالجالية سيأتي إلى مدينتي ويتمنى لقاء بعض الأقدام السوداء، وطلب مني إن كنت مُهتما باللقاء أجبت بأنه من الطبيعي ان آتي وبسرور أثناء الاجتماع واللقاء والمأدبة التي نظمت من طرف القنصل كنا 5 إلى 6 عائدين من مختلف الجماعات.
وعند بداية الاجتماع حدث قليل من التوتر، لأن هناك من قال إنه لا جدوى من جلوسنا هنا إذا لم تحل مشكلة المقابر وهي بداية واجب الذاكرة، وحقيقة القنصل ارتبك مما سمع والوزير تفاجأ لكننا حاولنا تهدئة الأجواء لمواصلة الجلسة وأنا جلست شخصيا إلى جانب الوزير والقنصل، وكان الوزير أنذاك السيد زياري الذي فهم الوضعية وكان متفتحا للحديث والتفت إلي قائلا تبدو أكثر هدوء من الآخر، غير أنني خاطبته قائلا “سيدي الوزير لقد دعوتموني وعلي واجب الاحترام والجزائر مستقلة وسيدة تستقبل من شاءت وتقبل بهذه الوضعية أو تلك.
وقد أخبرني يومها الوزير أن “مشكلة المقابر بسيطة ومقابرنا معتنى بها مثل مقابركم، قال لي أنشئوا جمعية وسنساعكم من خلال تسهيل التواصل”.
فؤاد ق
The post المحامي الفرنسي لـ “الوطنية تي في”: ماضي فرنسا في الجزائر جزء من الذاكرة و يجب ان نتعلم منه appeared first on الجزائر الجديدة.