“جمهورية الريف”.. الحقيقة ودعاية المخزن

الندوة التي نظمها الحزب الوطني الريفي بالجزائر العاصمة، بالتنسيق مع المرصد الريفي لحقوق الإنسان، شكلت فرصة سانحة لكشف الكثير من الحقائق حول الوضع الإنساني بجمهورية الريف، عبر عنها المتحدث الرسمي باسم الحزب يوبا الغديوي بالقول: “يمثّل هذا التجمع بداية خريطة طريق قانونية وسياسية لإعادة العدالة لشعبٍ طال دفن قضيته المشروعة تحت طبقاتٍ من التشويه والتهميش […] The post “جمهورية الريف”.. الحقيقة ودعاية المخزن appeared first on الجزائر الجديدة.

يوليو 22, 2025 - 12:38
 0
“جمهورية الريف”.. الحقيقة ودعاية المخزن

الندوة التي نظمها الحزب الوطني الريفي بالجزائر العاصمة، بالتنسيق مع المرصد الريفي لحقوق الإنسان، شكلت فرصة سانحة لكشف الكثير من الحقائق حول الوضع الإنساني بجمهورية الريف، عبر عنها المتحدث الرسمي باسم الحزب يوبا الغديوي بالقول: “يمثّل هذا التجمع بداية خريطة طريق قانونية وسياسية لإعادة العدالة لشعبٍ طال دفن قضيته المشروعة تحت طبقاتٍ من التشويه والتهميش والإنكار الرسمي”.

الغدوي لخص الكثير مما يمكن قوله حول نضال سكان منطقة الريف ضد النظام المغربي القمعي والمتصهين، وكشف زيف الدعاية المخزنية التي تحاول الصاق تهمة المشروع الانفصالي بالجزائر، فمنطقة الريف، لم تكن يوما جزءا من مملكة مراكش التي تسمى حاليا بـ”المغرب”، وهناك شواهد تاريخية كثيرة تؤكد هذه الحقيقة.

الصحافة المغربية وأجهزة الاستخبارات في مملكة محمد السادس، تتهم الجزائر بالوقوف وراء انشاء “الحزب القومي الريفي” الذي يطالب بإحياء جمهورية الريف التي أسسها المجاهد الراحل عبد الكريم الخطابي، وتحاول أن تقنع المغاربة بأن الحركة الاستقلالية في شمال المغرب مصطنعة، وهو منافي تماما للحقيقة والواقع، فحركة الريف قائمة منذ عقود طويلة، و”جمهورية الريف” هي حقيقة تاريخية تختلف عن “جمهورية” مهني الوهمية التي فبركتها أجهزة المخابرات في فرنسا، بالتعاون مع الكيان الصهيوني ومملكة “الحشيش”.

المغرب يحاول ترحيل مشاكله في الريف صوب الجزائر، بعدما عجز عن القضاء على الحركة الاستقلالية في هذه المنطقة المجاهدة التي ترفض منذ عقود وصاية المخزن، فمحاولات النظام المغربي إعطاء انتفاضة الريف صبغة مطلبية لم تنجح، وحالة الاحتقان التي تعيشها منذ عقود طويلة منطقة الريف أكبر من كل تحريف، لها خلفيات سياسية وتاريخية لها علاقة بنزعة استقلالية تعود إلى العهد الاستعماري.

 لقد واجه الريف أبشع أنواع القمع التي قادها الحسن الثاني قبل وبعد أن اعتلى العرش خلفا لوالده الراحل محمد الخامس، وكتبت “مغرس بريس” على موقعها الالكتروني بمناسبة مرور 50 سنة على انتفاضة الريف، تقول: “رغم مرور 50 سنة على انتفاضة الريف 1958-1959 ولا زالت الجراح التي خلفتها لم تندمل بعد، نظرا للقمع الوحشي الذي تعرض له أبناء الريف في نهاية الخمسينات من طرف جيش النظام المخزني (القوات المسلحة) بقيادة مولاي الحسن، الذي سيصبح فيما بعد الملك الحسن الثاني فيحكم البلاد بقبضة من حديد، رفقة جنراله القوي آنذاك أوفقير، من قتل وتعذيب واغتصاب واختطاف..”، وكتب موقع الكتروني مغربي أخر يقول في وصفه لجرائم النظام المغربي خلال قمعه لثورة الريف بـ “آيث بوقبارن بالريف”: “لم تكن هذه الأعمال الإرهابية وغيرها التي كان يرتكبها جنود المخزن وميلشيات حزب الاستقلال وحزب الإصلاح الوطني أن تمر دون أن ترغم سكان الريف والناجون من البطش على الهروب الاضطراري والعودة إلى مرتفعات الريف البعيدة عن قوى الشر المخزنية والحزبية، لحماية أنفسهم وحماية أبنائهم وبناتهم من الاغتصاب والاعتقال والاختطاف والتعذيب والقتل من طرف سفاحي “آيت بوقبارن”، وقد بقي هذا التاريخ من الهروب الاضطراري موشوما في ذاكرة الريافة، ويعرف الآن بـ (عام ن ثورا) أي عام الهروب من التعذيب المخزني والحزبي التي بقيت ذكراه مشوؤمة وموصومة العار في التاريخ المغربي الرسمي الاستعماري في بلادنا الأمازيغية، ولا تزال الذاكرة الجماعية عند أهالي الريف تحتفظ بأحداثها المأسوية والمؤلمة وتعبر عنه بـ (أعموذ ن يحيى)، للدلالة على التعذيب المبرح جدا الذي لقاه أهالي الريف على يد جنود الملك..هذه الحقائق تكفي لوحدها للرد على أدوات الدعاية المغربية التي تحاول التغطية على حقيقة النزعة الاستقلالية في منطقة الريف.

ولا يزال “الريافة” يتذكرون كيف خرج عليهم الملك الراحل الحسن الثاني بخطاب تاريخي وصف فيه سكان الريف بـ “الأوباش”، وهددهم بأن يذيقهم أسوأ مما أذاقهم ولي العهد من قبل، في إشارة إلى انتفاضة الريف الأولى، ورغم محاولات محمد السادس محو أثار سياسة والده بإطلاق مشاريع تنموية في الريف، بقيت العلاقة متوترة بين هذه المنطقة والسلطة المركزية، فالعلاقة بين العرش المغربي ومنطقة الريف لم تكن طبيعية حتى خلال الحقبة الاستعمارية، لقد قوبل طلب تقدم به المقاوم الكبير عبد الكريم الخطابي من المخزن للمساعدة في طرد المستعمر بالرفض، ما دفع بالأمير إلى الاعتماد على نفسه وتحرير مناطق شاسعة كانت تحت سيطرة الفرنسيين، فاتهم بمحاولة الانفصال، ولجوئه إلى إعلان قيام الجمهورية في الريف سنة 1921، كان ردا على رفض العرش المغربي مساعدته، ولم يكتف برفض المساعدة بل تواطأ وشارك الفرنسيين والاسبان في قصف الريف بالكيماوي، وهي خيانة عظمى لا يمكن لشعب الريف أن يغفرها للنظام المغربي.

ولا يزال أهل الريف، خصوصا النخبة، ينظرون إلى الثورات المتتالية التي عاشها الريف بمرارة كانتفاضات ضد نظام قمعي واستبدادي واستعماري، ومن بين الكتابات التي عبرت عن تلك الانتفاضات تلك التي تحدثت عن جرائم المخزن في الريف بالتفصيل، فقد كتب أحد المناضلين في حركة الريف يقول: ” لن تكون هناك مصالحة حقيقية مع الدولة المخزنية بدون معرفة كامل الحقيقة للتاريخ الدموي الأسود للمخزن وحزب الاستقلال ومحاكمة كل الجلادين الأحياء والأموات منهم ولو بشكل رمزي للراحلين وتقديم الاعتذار للدولة من أعلى سلطة في البلاد بشكل علني ورسمي إلى جانب حزب الاستقلال الذي كان جزء لا يتجزأ من دولة المخزن المارقة آنذاك وقوة نافذة في دواليبها ويد طويلة في جرائمها، لكن.. المخزن وحزب الاستقلال يرفضان الاعتراف بجرائمهما في الريف والمناطق الأمازيغية الأخرى، ويرفضان تقديم الاعتذار للشعب الأمازيغي ولا يريدان رفع التهميش…”، فكره أهل الريف للمخزن وعساكره طبيعي لمن يعرف تاريخ الريف وقصته المأساوية مع النظام المغربي إبان الاحتلال وبعده، فكل محاولات خليفة الحسن الثاني، لترميم هذه العلاقة باءت بالفشل، ذلك أن داخل النظام نفسه هناك كره للريف الذي يعتبرونه عنيد ومقاوم مشبع بـ”تاغنانت”، يرفض الرضوخ ولا يقبل بثقافة الانبطاح التي سلمت بها باقي مناطق “مملكة الحشيش”، وما حصل مع انتفاضة الحسيمة بعد سحق بائع السمك محسن فكري في أكتوبر 2016 في شاحنة لرفع القمامة، دليل آخر على أن أزمة الريف أكبر من أن تحتويها دعاية المخزن المغلوطة. وستظل للأبد المنطقة الرخوة في جسد المملكة لا تخفى على الاستخبارات الصهيونية التي سبق وأن نشرت تقارير تؤكد على ضرورة استغلال البعد الأمازيغي في الجزائر، كما في المغرب وباقي مناطق المغرب العربي، لأهداف تتجاوز بكثير مدارك نظام محمد السادس.

مصطفى ق.

The post “جمهورية الريف”.. الحقيقة ودعاية المخزن appeared first on الجزائر الجديدة.