فرنسا تستعمل ملف “الحركى” مجددا لاستفزاز الجزائر
“استمرار في تزييف التاريخ بحجة تصحيح الأخطاء” أقر المجلس الدستوري الفرنسي، بأحقية جميع “الحركى” الذين تم ترحيلهم من الجزائر وإيوائهم في مواقع مختلفة في فرنسا من الحصول على تعويضات، وهذا في الوقت الذي تتجه فيه العلاقات بين الجزائر وفرنسا نحو مزيد من التعقيد والاحتقان بسبب الأزمة الدبلوماسية غير المسبوقة …

“استمرار في تزييف التاريخ بحجة تصحيح الأخطاء”
أقر المجلس الدستوري الفرنسي، بأحقية جميع “الحركى” الذين تم ترحيلهم من الجزائر وإيوائهم في مواقع مختلفة في فرنسا من الحصول على تعويضات، وهذا في الوقت الذي تتجه فيه العلاقات بين الجزائر وفرنسا نحو مزيد من التعقيد والاحتقان بسبب الأزمة الدبلوماسية غير المسبوقة التي أذكاها اليمين المتطرف.
وفي خطوة استفزازية تتجاهل معاناة ملايين الجزائريين الذين دفعوا أرواحهم ثمنا للحرية وبحجة “تصحيح الأخطاء”، استجاب المجلس لطعن دستوري تقدّمت به عائلة عسكري سابق في الجيش الفرنسي من أصول مغاربية، أُعيد إلى فرنسا بعد استقلال الجزائر سنة 1962، وأُسكن في ظروف وُصفت – على حد تعبيرهم – بغير الإنسانية، حيث اعتبرت الأسرة نفسها مستبعدة من نظام التعويضات الذي أنشأه قانون 23 فيفري 2022، والذي يعترف بمسؤولية الدولة الفرنسية عن “ظروف الاستقبال غير الكريمة” المخصصة على وجه الخصوص للحركى نظرًا لأن الجندي لم يكن من فئة “الحركى” أو القوات المساعدة.
لكن المجلس الدستوري الفرنسي وفي تطور جديد، أكّد أن جميع الأشخاص الذين كانوا يحملون الوضع المدني المحلي سابقا، والذين عاشوا في ظروف مهينة داخل تلك المواقع، يحق لهم ولأسرهم الحصول على التعويضات، دون تمييز.
وقد رحب محاميا الأسرة، أنطوان أوري ورافاييل بونيول بروشييه، بالقرار الذي وصفاه بالمنصف، مؤكدين أنه يعيد الاعتبار لهذه الفئة من قدماء الجنود. غير أنهما أبديا أسفهما لعدم ربط المجلس بين “التعويض” و”الاعتراف الرمزي من الأمة”، وهو مطلب كانت العائلة قد أدرجته في طعنها.
وفي خطوة سابقة، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال حفل تكريمي بقصر الإليزيه، عن مشروع قانون التعويض للحركى ممن وقفوا إلى جانب بلاده خلال ثورة التحرير الجزائرية بين 1954 و1962، وطلب الصفح منهم باسم فرنسا. وقال متبجحا إن “الحركى خدموا فرنسا وجازفوا بحياتهم وعائلاتهم” من أجلها، لكن الأخيرة لم تقم بواجبها إزاء هؤلاء بعد الحرب.
وتجدر الإشارة إلى أن قانون 23 فيفري 2022، الذي أسس لتعويض “الحركى”، جاء في سياق سياسة اعتراف أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتُوّجت باعتذاره الرسمي لـ “الحركى” في سبتمبر 2021، حين أقرّ بأن “فرنسا أخفقت في الوفاء بواجبها تجاههم وأسرهم”. وبموجب هذا القانون، أنشئت لجنة وطنية مستقلة (CNIH) لمعالجة ملفات التعويض، وقد نظرت بالفعل في أكثر من 27 ألف ملف، بتعويضات تجاوزت 176 مليون يورو.
وفي نهاية شهر أفريل، الوزير الأول، فرانسوا بايرو، أعلن على توسيع قائمة المواقع (مثل المعسكرات وقرى التشجير) التي تمنح الحق في التعويض، وهو ما من شأنه أن يسمح بتعويض نحو 6 آلاف شخص إضافي.
ويُذكر أنه في أوت 2001 أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن يوم 25 سبتمبر لتكريم الحركى والمتعاونين مع فرنسا. وفي 23 فيفري 2005، صدر قانون في فرنسا ينص على منح اعتراف بـ “الحركى والأقدام السوداء”. كما اعترف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في 25 سبتمبر 2016 بـمسؤوليات الحكومات الفرنسية في التخلي عن الحركى، وظروف استقبالهم في المعسكرات في فرنسا. ويسعى ماكرون للمضي أبعد من أسلافه عبر الاعتراف بـ”الدين” تجاه الحركى وعائلاتهم التي عاشت إثر وصولهم إلى فرنسا في “ظروف غير لائقة”. كما يعتبر ماكرون أول رئيس فرنسي طلب “الاعتذار” من الحركى وعائلاتهم.
إلهام.س