غزة.. بعيدا عن القلب

من اسطنبول التي تسعى لتليين القلوب بين كييف وموسكو، إلى الرياض والدوحة ودبي، تتحرك الأمم وتتشكل التحالفات الجديدة، وتتمظهر بوادر شرق أوسط جديد، يندمج فيه الجميع، على خط المال وبعيدا عن تجاذبات الإيديولوجيات، تقف غزة وحيدة في مواجهة الدمار الصهيوني والإبادة، تقف غزة التي يستنزف فيها الانسان الناجي من القنابل، جوعا ومرضا على هامش الاهتمام. […] The post غزة.. بعيدا عن القلب appeared first on الشروق أونلاين.

مايو 17, 2025 - 19:38
 0
غزة.. بعيدا عن القلب

من اسطنبول التي تسعى لتليين القلوب بين كييف وموسكو، إلى الرياض والدوحة ودبي، تتحرك الأمم وتتشكل التحالفات الجديدة، وتتمظهر بوادر شرق أوسط جديد، يندمج فيه الجميع، على خط المال وبعيدا عن تجاذبات الإيديولوجيات، تقف غزة وحيدة في مواجهة الدمار الصهيوني والإبادة، تقف غزة التي يستنزف فيها الانسان الناجي من القنابل، جوعا ومرضا على هامش الاهتمام.
ترامب تاجر العقارات الشهير، باع واشترى في المنطقة وعاد إلى بلاده، لكنه لم يترك لسكان غزة غير تصريحات رعناء من قبيل “نحن نفكر في غزة وسنجد حلا للوضع هناك وللمجاعة التي تحدث، سنتولى الاعتناء بالأمر”. نعم هذا ما خسره رئيس أقوى دولة تسعى إلى بسط عدالة رعاة البقر في العالم، وكأني به يقول: “لا مشكلة، ما زال أمام النازية الصهيونية وكيان العار، الوقت الكافي للإجهاز على ما تبقى من الغزاويين، وسيتكفل الجوع والأوبئة بالناجين من جحيم الذخائر والقنابل والصواريخ والطائرات الأمريكية”.
مئاتُ الآلاف من أطفال فلسطين في غزة، حكمت عليهم الدولة العبرية النازية بالإعدام جوعا، والعالم يتفرّج ويجد كل المبررات للمعتدي، بل ويقف الجوار وإخوان الدم، مع الطرف الآخر، بالصمت وتغليب المصالح القُطرية الضيقة على مصلحة الأمة، لقد انخرط الجميع في توليفة ورؤية ترامب لشرق أوسط جديد، قوامه المال والصفقات.
ترامب أوضح جيدا، ومن دون مواربة، أن لا عدو دائما، وهو يفتح ملف العلاقات مع ايران، لكنه أغمض العيون تجاه “حماس” التي تبدو العدو الوحيد الباقي له في المنطقة.
وفي خضم هذه التحولات والخطوط التي يرسمها المال في المنطقة، يبتعد العرب بأميال عن فلسطين، في مقابل التماهي مع السردية الصهيونية، لقد حصل الجميع على نصيبه من الثناء، من تركيا إلى سوريا إلى دول الخليج كلها، وقد كان الأمر كافيا للبهجة وإغماض العيون على وجع وجرح غائر في الجوار.
ورغم أن الرئيس الأمريكي، في مسعاه إلى تغيير واقع الشرق الأوسط والخروج به من حرب الإيديولوجيات، إلى صراع المال والمصالح، وضع إيران في صلب هذا التحول، فإنه لم يسعَ إلى تفكيك أهم القنابل الموقوتة بالمنطقة والتي قد تطيح بكل ما رسمه، أي القضية الفلسطينية، والأهم في المرحلة الحالية وقف العدوان على غزة، رغم بعض المؤشرات الخفيفة التي تحيل إلى قراءات مغايرة لعلاقة ترامب مع السفاح نتنياهو واليمين النازي الصهيوني.
وبعيدا عن الانزياح العربي، والتحولات الكبيرة في التفكير والاهتمام، تقف بعض الدول الأوروبية والكثير من القوى الحية في هذه القارة، وقفة شرف برفض ما يحدث في غزة، من خلال المطالبة بوقف حرب الإبادة، ومساعي التهجير، وأكدوا أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي “أمام كارثة إنسانية من صنع الإنسان تُرتكب أمام أنظار العالم في غزة”.
غزة البعيدة عن القلب في متاجر الشرق الأوسط الجديد، تقترب أكثر من الإنسان في اسبانيا والنرويج وأيسلندا وايرلندا ولوكسمبورغ وسلوفينيا ومالطا، الذي يسمّي الأسماء بمسمياتها ويرفض السكوت والتواطؤ مع النازيين الجدد.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post غزة.. بعيدا عن القلب appeared first on الشروق أونلاين.