عيش النظام العسكري الانقلابي في مالي حالة من عدم الاستقرار بسبب غياب الثقة بين القادة العسكريين الماسكين بزمام الحكم بقبضة حديدية، أتت على الحريات السياسية والاعلامية، ما تسبب في خلق حالة من الاحتقان السياسي داخل البلاد.
وفي هذا السياق، وقع رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي، العقيد أسيمي غويتا، مرسوما يقضي بعزل 11 ضابطا من الجيش، بينهم رتب عالية في صورة جنرالات بارزون، بعد اتهامهم بالمشاركة في “محاولة لزعزعة استقرار الدولة”، غير أنه لم يتم تقديم شروحات ضافية بشأن الحادثة ولا توقيتها.
وتشترك دولة مالي مع غيرها من الدول الإفريقية بظاهرة الانقلابات العسكرية، وفي مالي وحدها وقعت عدة انقلابات عسكرية في ظرف وجيز، بحيث يعد انقلاب أصيمي غويتا الثالث من نوعه منذ سنة 2012. وشمل المرسوم الصادر في 7 أكتوبر الحالي ضباطا برتب مختلفة، إضافة إلى رقيب أول.
واستنادا الى تقارير اعلامية فرنسية، فقد بررت السلطات المالية هذه الخطوة بأنها “إجراء تأديبي”، لكن توقيتها وسياقها السياسي أثارا جدلا واسعا داخل مالي وخارجها، علما أن ثمانية من هؤلاء الضباط قد اعتُقلوا في أوت الماضي، بتهمة التورط في “مخطط لإسقاط المؤسسات”، من بينهم الجنرال عباس ديمبلي، الحاكم السابق لمنطقة موبتي الحساسة، والجنرال نيما ساغارا إحدى الشخصيات النسائية البارزة في هرم المؤسسة العسكرية.
ومن حين الى آخر يعلن المجلس العسكري عن عمليات اعتقال لكبار الضباط في الجيش المالي، ولا سيما منذ انقلاب أوت 2020 الذي أطاح بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، ثم انقلاب ماي 2021 ضد الحكومة الانتقالية، غير أن هذه هي المرة تعتبر الأولى التي يُقدِم فيها على شطب جنرالات من الخدمة العسكرية، وهي العقوبة الأشد في تقاليد الجيش المالي، وفق التقارير الاعلامية التي تناولت الموضوع.
وعلى غير العادة، أقدمت الطغمة العسكرية الحاكمة على التشهير بحق الموقوفين واهانتهم، إذ بث التلفزيون الرسمي صور الضباط المعتقلين، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها محاولة لـتحطيم عزيمة الموقوفين ولا سيما الجنرال عباس ديمبلي ونيما ساغارا.
تكرار عمليات الاعتقال بحق كبار الضباط في الجيش المالي، تكشف عن وجود حالة من عدم الثقة بين المقربين من القائد أصيمي غويتا، نتيجة للاخطاء التي وقع فيها منذ سيطرته على مصادر صناعة القرار في باماكو.
كما يوعز المراقبون تكرار مثل الاحداث الى حالة الشك التي تسيطر على الطغمة الانقلابية في مالي، بسبب الأزمات متعددة الأوجه التي تمر بها البلاد، مثل أزمة الوقود، التي ترجع الى غضب الجزائر من المواقف الاستفزازية للطغمة الحاكمة، ما دفعها الى منع تصدير أي قطرة من الوقود نحو هذا البلد، فضلا عن أزمة الغذاء والدواء التي تعاني منها مالي، بسبب العقوبات التي فرضت عليها من قبل الجزائر ايضا.
م. الناصر
The post غياب الثقة يضعف مضاجع الانقلابيين في الانقلابيين في مالي appeared first on الجزائر الجديدة.