فرنسا ستنسى الجزائر
مسلسل استدعاء السفراء الغربيين في باريس، للمساءلة والاستفسار، يبدو أن حلقاته لا تنتهي، ويبدو أن قصر الإليزي لن يتوقف عن استقبال المغضوب عليهم من بلجيكيين وإيطاليين وأمريكيين، من الذين كشفوا عورات السياسة الفرنسية وزلات الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي ما عاد يقول كلمة إلا وأثار كلمات. بعض الفرنسيين أنفسهم، صاروا يتسلّون ببعض المواقف الغربية تجاه بلادهم، […] The post فرنسا ستنسى الجزائر appeared first on الشروق أونلاين.


مسلسل استدعاء السفراء الغربيين في باريس، للمساءلة والاستفسار، يبدو أن حلقاته لا تنتهي، ويبدو أن قصر الإليزي لن يتوقف عن استقبال المغضوب عليهم من بلجيكيين وإيطاليين وأمريكيين، من الذين كشفوا عورات السياسة الفرنسية وزلات الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي ما عاد يقول كلمة إلا وأثار كلمات.
بعض الفرنسيين أنفسهم، صاروا يتسلّون ببعض المواقف الغربية تجاه بلادهم، ضحكا واستهزاء، ولكنه ضحك بالبكاء، وهم يتمنون أن يصمت الرئيس، وينسى الخارج، ويلتفت إلى الداخل، حيث انحدار الدولة الفرنسية.
وكلما اشتدت الأزمة في باريس، حاول الرئيس الفرنسي انفراجا معنويا، بالحديث عن أوكرانيا وعن الاتحاد الأوربي والناتو وقضية الشرق الأوسط والجزائر أيضا، بحثا عن استراحة محارب فاشل على ضفاف الخارج، ولكنه في كل مرة يلقى الزجر والتهكم، وما قاله نائب رئيس الوزراء الإيطالي، تعقيبا على اقتراح الرئيس الفرنسي بإرسال جنود أوربيين للمشاركة في الحرب الدائرة في أوكرانيا عندما نصحه بارتداء الخوذة وحمل البندقية والتوجه إلى الحرب وحيدا، تحوّل إلى “ترند” سياسي عالمي، لم يكشف تهوّر السياسة الفرنسية وتخبطها وإنما درجة السوء التي جعلتها سخرية لدى أقرب أصدقائها، ثم جاءت الرسالة الأمريكية، التي تزعم بأن فرنسا بموقفها الزاعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية إنما تشجع معاداة السامية، لتؤكد أن الولايات المتحدة، لا تريد حتى من فرنسا أن تكون في صف الصهيونية العالمية، بل تراها دولة أنهت مدة صلاحيتها، وما عاد منها جدوى.
أمريكا لا تريد فرنسا، هذا الأمر صار ملموسا، في درجة الاستهزاء برئيسها الذي لم يستطع حتى تقديم صورة محترمة للعالم عن علاقته مع زوجته، فما بالك بشعبه وبقيَّة شعوب العالم، وأوربا لا تريد فرنسا بدور قيادي في تكتلها كما كانت الحال في السابق، وبين هذا وذاك كُشف للعالم أو على الأقل للأمريكان والأوروبيين، بأن ما حدث من تنافر وتنابز بين فرنسا والجزائر في الأشهر الأخيرة، هو نتاج التخبُّط الذي تعيشه فرنسا بعد أن فقدت إفريقيا كثروة كانت تنهل منها ما تشاء، والغرب كصديق كان يصمت كلما ارتكبت حماقات.
من المفروض أن تنسى فرنسا الجزائر الآن، فما تعانيه من حلفائها -إن كانوا أصلا حلفاء- يكفيها؛ فقد استدعت سفيرة إيطاليا بعد أن استهزأ أحد رجالات الطليان برئيسها، واستدعت سفير الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن تدخَّل البيت الأبيض في شؤون الإليزي، وكانت سابقا قد استدعت سفيري إيران والجزائر والعديد من الدول، وواضح أنها ستستدعي مزيدا من السفراء، في مسلسل سيفهم منه الشعب الفرنسي والساسة أن ما فعله الرئيس الفرنسي وحكومته الملطخة بالتطرف، على مدار تواجدهم في قصر الإليزي، أشبه بالرقصة الفرنسية الشهيرة “الكانكان” التي شاعت ومازالت في الملاهي الفرنسية، حيث تتخلى النساء عن حشمتهن نهائيا، فيمنحن لأجسادهن المزركشة بالألوان، حرّية التحرّك في كل الاتجاهات، سريعا وبجنون، وتنتهي رقصة الكباري دائما، بحركة الركلة العليا التي تكشف فيها الراقصة عن كل شيء.. عن كل شيء!
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post فرنسا ستنسى الجزائر appeared first on الشروق أونلاين.