فريق مستقبل الرويسات.. مآلات الصعود التاريخي إلى الدوري المحترف

رسم أشبال فريق مستقبل الرويسات بتاريخ 2025/05/18 بفوزهم على فريق اتحاد الشاوية بأربعة أهداف مقابل هدفين وبافتكاكهم لتأشيرة الصعود إلى الدوري المحترف ملحمة أسطورية ، وحدثا تاريخيا بارزا يُكْتَب بحروف من ذهب، على إعتبار أن هذا الصعود يمثل أول صعود يُسجل عبر تاريخ كرة القدم بالولاية منذ البدايات الأولى في الستينيات من القرن الماضي على …

مايو 23, 2025 - 20:12
 0
فريق مستقبل الرويسات.. مآلات الصعود التاريخي إلى الدوري المحترف

رسم أشبال فريق مستقبل الرويسات بتاريخ 2025/05/18 بفوزهم على فريق اتحاد الشاوية بأربعة أهداف مقابل هدفين وبافتكاكهم لتأشيرة الصعود إلى الدوري المحترف ملحمة أسطورية ، وحدثا تاريخيا بارزا يُكْتَب بحروف من ذهب، على إعتبار أن هذا الصعود يمثل أول صعود يُسجل عبر تاريخ كرة القدم بالولاية منذ البدايات الأولى في الستينيات من القرن الماضي على الرغم من المحاولات العديدة من مختلف الفرق السابقة المتألقة بالمنطقة والتي ضمت لاعبين مهاريين أمثال : الطيب السفاري لاعب هجوم فريق اتحاد الأغواط ، ومحمد بلحرش المدعو الخوميني لاعب فريق اتحاد أولاد نايل بالجلفة، محمد إدريس بوتروق وسط ميدان هجومي بفريق هلال بلدية غرداية ، وجمال عبد الناصر سبيحي وسط ميدان دفاعي بفريق الاتحاد الرياضي لبلدية ورقلة، والسبتي بلاصة الملقب بالجوهرة السوداء بفريق النقل البري‪ SNTR ‬، وصالح السوفي المدعو البرازيلي الجوهرة السمراء لاعب هجوم فريق اتحاد وادي سوف بالوادي، للحصول على هذه التأشيرة لكن دون جدوى بسبب ظروف عديدة لا يتسع المقام للتفصيل فيها .‬
كما نشير إلى أن هذا الفوز لم يأت هكذا بسهولة على طبق جاهز بل جاء بعد تحضيرات مكثفة وتعب وعمل مضن ومتواصل للفريق طيلة سنة كاملة، وانضباط الأطقم الإدارية والطبية والتقنية تحت قيادة رئيس الفريق لعروسي بن ساسي المخضرم، فضلا عن المساندة القوية لأنصار الفريق ودعمهم للاعبين والوقوف إلى جانبهم في أحلك الظروف، كما نشيد بالروح الرياضية العالية التي سادت المقابلة الأخيرة أين قدم اللاعبون عروضا كروية شيقة أمتعت وأبهرت الجميع وجعلتهم يؤمنون بالفريق ويتأكدون أنه جدير بأن يكون مع الكبار، أي نعم هي فرحة صنعتها كتيبة مؤلفة من خيرة اللاعبين أمثال: جلال رحال حارس أنظف شباك، رضا جحدو مهاجم جناح أيسر، عبد المالك تليلي وسط ميدان دفاعي، سفيان لعراف محور الدفاع، لسعد دردوري قلب هجوم…الخ.
كما أتمنى أيضا في المقابل لإخواننا أعضاء فريق الحراش وكل من يناصرهم حظا موفقا الموسم القادم للالتحاق بقسم المحترف الأول، وهكذا هو منطق الكرة المستديرة ينتهي دوما إلى خاسر وفائز والأمل يظل معقودا دوما بمنهج العمل والمثابرة، وأن نتعظ جميعا ونعتبر مما جرى من اختلاف وفرقة وبغضاء، وأن نرتقي بوعينا إلى درجات الحكمة والسموّ الفكري، ونعمل على تحويل مثل تلك التشنجات والمشاحنات الماضية إلى توافق ومودة بين الفريقين ومناصريهم ولما لا التعاون وإبرام توأمة رياضية وعقود شراكة في مختلف المشاريع الرياضية وتبادل الخبرات.
فالكل في الأخير ينتمي إلى هوية واحدة وهي جزائر الشهداء الموحدة التي يتساوى فيها جميع المواطنين، ولا مكان فيها للإقصاء ولا التهميش كما حلم بها الأجداد والشهداء، وأن تكون هذه التجربة العنيفة التي تأذى من مخلفاتها الكثيرون أيضا درسا قاسيا ومفيدا لمنظومة الإعلام بأن الانحياز والتخلي عن قواعد الاحترافية يمكن أن يشكل تهديدا حقيقيا للأمن والنظام العام، مما يستوجب التقيد مستقبلا بمدونة أخلاقيات المهنة والإسهام في توعية الجماهير بدور الرياضة في لم الشمل وبناء اللحمة الوطنية.
كما نشير أيضا إلى أن حدث صعود الفريق سيفتح المجال حتما لاكتشاف المواهب الخفية على مستوى المدن الجنوبية المجاورة، وفرصة مشجعة للفرق الأخرى للاقتداء بالفريق القدوة والإيمان بقدراتهم والثقة في الإمكانات البشرية المتوفرة للظفر بالصعود.
كذلك سيكون الفريق وما يجلبه من طاقات شابة محلية ملهمة عامل ممون لتشكيلة الفريق الوطني وتدعيمها بالعناصر الموهوبة، وسيكون لهذا الصعود أيضا آثار اقتصادية إيجابية على الولاية من خلال تنقل العديد من فرق الشمال ومشجعيهم ومحبيهم إلى الجنوب مما سيعمل على تحريك الدورة اللاقتصادية وتنشيط المرافق السياحية من فنادق ومطاعم الأمر الذي سيحفز السلطات لإطلاق مشاريع بناء مرافق سياحية تنافسية ملائمة للضيوف مؤهلة لتقديم أفضل الخدمات، ناهيك عن إطلاع الضيوف والوافدين على الموروث الثقافي الصحراوي وتاريخ المنطقة الزاخر بالحكايات والمرويات والإبداعات الضاربة في عمق التاريخ والتمتع بسحر وجمال طبيعة المنطقة من كثبان رملية وواحات النخيل الساحرة ومختلف الآثار والمتاحف والصناعات التقليدية والحرفية والفن والفلكلور الشعبي، والمخطوطات العلمية،…..الخ.
مما يوطد أواصر المحبة ويعمق المودة بين أبناء الوطن الواحد ويحدث التلاقح بين مختلف ثقافات البلد القارة، إضافة إلى ضرورة التفكير في دعم الفريق من طرف المؤسسات الاقتصادية المتواجدة بتراب الولاية لضمان تنشئة البراعم الموهوبة، وللتحضير الجيد في هياكل رياضية مطابقة ، واقتناء خيرة اللاعبين، وتغطية المستحقات، وتوفير اللوجستيك الضروري للتنقلات الرياضية..الخ‪ .‬‬
والأهم من ذلك كله يستوجب الاستثمار في هذا الصعود التاريخي ليفسح المجال لتعبئة ساكنة الولاية ومن جاورها وتوعيتهم بأن بناء وتنمية المدينة ليس بالأمر المستحيل على الرغم من العديد من العراقيل والتثبيطات، فبإمكان صاحب أي مؤسسة من مؤسسات الولاية سواء في القطاع العام أو الخاص، غيور على بلده أن يحذو حذو فريق‪ MBR ‬ويتسلح بذات الإرادة الصلبة وبالمعنويات العالية ويثق في الإمكانات المتاحة ويسند المهام للكفاءات، وينتهج روح العمل الجماعي ويستعين بكل الطرق والتدابير المتوفرة للارتقاء بالمؤسسة إلى مصاف المؤسسات الناجحة المتميزة، ويكتمل بذلك البناء المؤسسي وتنتعش الحركة الاقتصادية وتتنوع العلاقات الاقتصادية وتُستقطب الاستثمارات الوازنة، وتُخلق الثروة، وتُنشأ المؤسسات وتتضاعف مناصب العمل وتتوحد الأفكار، وتتوضح جليا أحقية الاستفادة من إستكمال باقي المشاريع القاعدية والمنجزات الضرورية والحيوية، وتضمحل الفوارق العرقية والثقافية، والجهوية، ويتلاشى منطق البراني تماما…الخ ويكتمل بذلك نضج المجتمع استعدادا للعب الأدوار الريادية على غرار باقي مجتمعات كبريات الولايات‪ . ‬‬‬
صفوة القول أن هذا الصعود التاريخي سيظل محفورا في ذاكرة ساكنة الجنوب لعظمته وأهميته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ونتمنى أن لا يكون هذا الصعود شكليا أو عبثيا من أجل مجرد التخدير وصرف الشباب عما هو أهم وأسمى، بل نأمل أن يكون صعود الفريق مستحقا ومشرفا يأتي بالإضافة المميزة ويوجد موضع قدم مع الكبار بالمحترف الأول، ودافعا وحافزا لهيئات ومؤسسات بالولاية للإقتداء والتأثر بصدى ووقع هذا الحدث التاريخي والتناغم مع جسامة الحدث الاستراتيجي من حيث المعنى والمبنى وما يحمله من دلالات وإشارات عميقة، وأن يؤمن الجميع بالقدرات المتوفرة لبلوغ الريادة ورفع التحدي دائما وأبدا رغم كل الصعوبات المطروحة. فالأمر يستدعي همة وطموحا عاليين، وأن تتخذ قرارات تنظيمية هيكلية جريئة في القريب العاجل بخصوص تحضيرات الفريق، وأن توضع استراتيجية واضحة المعالم كأن يكون الهدف القريب المدى هو الحفاظ على البقاء في الدوري المحترف، والهدف المتوسط المدى هو اللعب على البطولة أو الأدوار الأولى، والهدف البعيد المدى هو تمثيل الجزائر في المنافسات الدولية والقارية وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، وأختم بمثل جرى تعديله للضرورة إذا كان من الصعب والعسير اقتطاع تأشيرة المرور إلى الدوري المحترف وقد منّ الله بذلك، فمن الأصعب والأعسر المحافظة على هذا الإنجاز ولن يكون ذلك من قبيل المستحيل متى توفرت الإرادة والعزيمة والثقة بالله وبالنفس. يقول أحدهم: (البقاء على القمة أصعب من الوصول إليها)‪.‬‬
‪”‬تهانينا الحارة لفريق مستقبل الرويسات و‪Hard luck ‬لفريق اتحاد الحراش‪”.‬‬‬‬

الأستاذ: العابد بكاري /باحث في العلوم القانونية و الاقتصادية