لماذا يسعون لتفتيت سوريا؟

لماذا يصر الكيان الصهيوني على لعب ورقة الدروز في الآونة الأخيرة؟ وهل هي جزء من مخطّطه لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط؟ وما تداعيات ذلك على شعوب ودول المنطقة؟ يبدو أن تركيز هذا الكيان على الطائفة الدرزية في الآونة الأخيرة، والمبالغة في الادعاء بحمايتها بكافة الوسائل بما في ذلك شنّ الهجمات العسكرية، يعد مؤشرا حقيقيا على […] The post لماذا يسعون لتفتيت سوريا؟ appeared first on الشروق أونلاين.

مايو 3, 2025 - 20:15
 0
لماذا يسعون لتفتيت سوريا؟

لماذا يصر الكيان الصهيوني على لعب ورقة الدروز في الآونة الأخيرة؟ وهل هي جزء من مخطّطه لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط؟ وما تداعيات ذلك على شعوب ودول المنطقة؟
يبدو أن تركيز هذا الكيان على الطائفة الدرزية في الآونة الأخيرة، والمبالغة في الادعاء بحمايتها بكافة الوسائل بما في ذلك شنّ الهجمات العسكرية، يعد مؤشرا حقيقيا على ما ينتظر المنطقة من تطوّرات في الأشهر والسنوات القادمة. كل الإستراتيجية الصهيونية ستقوم على تفتيت المفتّت لمنع تشكّل أي كتلة ديمغرافية كبيرة وموحّدة حولها خاصة إذا كانت عربية أو مسلمة.
نجح مخططها، لحد الآن، في زيادة الفجوة بين السنة والشيعة، وفرح الكثير من أهل السنة بانحصار الدور الإيراني، معتبرين أنه كان الشر بعينه! فإذا بهم يتفاجأون اليوم بأن مشروع التقسيم والتفتيت يأخذ منحى آخر تجاه بقية الطوائف المسلمة بداية بالدروز! وبعد الدروز، سيتم اللجوء إلى طوائف ثالثة ورابعة وخامسة، وبعد الطوائف، سينتقلون إلى المذاهب والفرق وبعد المذاهب والفرق، سينتقلون إلى المدارس الفقهية والجماعات الأصغر، فالأصغر وهكذا دواليك، لمنع أي وحدة أو تعايش مذهبي أو طائفي في المنطقة ناهيك عن تشكّل وحدة سياسية شاملة أو حتى وحدات في مستوى الدولة كما هو عليه الآن. وما يحدث مشرقا يسعى هذا الكيان وعملاؤه إلى نقله مغربا لأجل تحقيق هدف واحد، هو البقاء سيد الموقف من خلال التلاعب بهذا التنوع الذي تعايشت المنطقة معه طيلة قرون من دون أن يصيبها في مقتل كما هو الآن، ومن دون أن يشكّل تهديدا وجوديا لها.
نرى ذلك واضحا اليوم في سوريا، بمجرد القضاء على ما سمّوه الحكم العلوي، من خلال عمليات مركّبة ومتداخلة، بدأت مرحلة أخرى من مشروع التفكيك والتحطيم، بافتعال الملف الدرزي السوري والدرزي اللبناني، برغم صيحات الدروز المتعدّدة في كلا البلدين أن لا وطن لنا سوى الوطن الأم! إن كان سوريا أو لبنان! وبرغم تصريحات كبار مشايخهم، أنهم وسياسييهم يرفضون هذا المخطط جملة وتفصيلا، إلا أن الآلة الصهيونية الاستعمارية تستمر في طرح بديل الدفاع وبالقوة العسكرية على هؤلاء، وبتنا نشاهد ما نشاهده اليوم من غارات متتالية على الأراضي السورية تحت هذا الغطاء، وسنرى ذلك في المستقبل تجاه طوائف أخرى ومناطق أخرى، لتحقيق غاية واحدة وهي الإبقاء على هيمنة القوى الاستعمارية على المنطقة ومنع قيام دول مركزية قوية حولها يمكن أن تقف لها موقف الندية أو تدعّم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه المحتلة.
وإذا لم يتم وضع حد لهذا المشروع التخريبي في سوريا ولبنان، فلا شك أنه سينتقل إلى دول الجوار، بل ولن تسلم منه كافة المنطقة العربية والإسلامية، ولن نستغرب أن يتحوّل هذا الكيان إلى الدفاع عن أقلية شيعية في بلد معروف غالبيته الساحقة من أهل السنة أو العكس، والمؤشرات اليوم كثيرة على ذلك…
ولا يخفى على أحد أن الكيان الصهيوني اعتمد هذا الأسلوب داخل الأراضي المحتلة منذ سنة 1948 ذاتها! إذ بين كل العرب الفلسطينيين، كان يعطي للدروز مكانة خاصة، ويمكّنهم من اعتلاء المناصب العسكرية والأمنية الحسّاسة، ويمنع ذلك عن بقية الفلسطينيين الذين لا حق لهم تماما في الالتحاق بالجيش.. ليس حبا في الدروز وإنما تكريسا لمنطقه التقسيمي الذي دأبت عليه كافة القوى الاستعمارية في البلاد العربية والإسلامية وليس فقط في فلسطين.
وعليه، فإنه لا بديل لنا عن الحذر كل الحذر من هذا المخطط التدميري الحالي والقادم، وأن ننزع كل فتيل لأي صراعات طائفية حالية أو محتملة، حتى لا نقع في لعبة الأعداء القديمة، الجديدة، ذلك أن خلف تجييش الفعل الطائفي أهداف سياسية وأمنية تدميرية إذا ما تحققت لن تبقي ولن تذر… وسوريا اليوم حالة واقعية يتم التعامل معها على هذا الأساس… لنعتبر!

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post لماذا يسعون لتفتيت سوريا؟ appeared first on الشروق أونلاين.