مَن يتلاعب بالخوارزميات؟!!
يختلف التلاعب بالعقول في زمن الكتاب الورقي والكلمة المسموعة والمرئية التقليدية عنه في زمن الذكاء الاصطناعي. الأمر اليوم يتعلق بالتلاعب بالخوارزميات التي تتلاعب بدورها بالكلمات والصوت والصورة لتستهدف عقولنا بطريقة أو بأخرى. لقد تبدلت الأساليب تبدلا كليا وهي تتبدل في كل يوم، بل وفي كل ساعة ودقيقة! وإذا كانت الدول الأكثر تطورا في مجال الذكاء […] The post مَن يتلاعب بالخوارزميات؟!! appeared first on الشروق أونلاين.


يختلف التلاعب بالعقول في زمن الكتاب الورقي والكلمة المسموعة والمرئية التقليدية عنه في زمن الذكاء الاصطناعي. الأمر اليوم يتعلق بالتلاعب بالخوارزميات التي تتلاعب بدورها بالكلمات والصوت والصورة لتستهدف عقولنا بطريقة أو بأخرى. لقد تبدلت الأساليب تبدلا كليا وهي تتبدل في كل يوم، بل وفي كل ساعة ودقيقة! وإذا كانت الدول الأكثر تطورا في مجال الذكاء الاصطناعي تُكيِّف برامج وأدوات وتقنيات للكشف عن هذا التلاعب، لا نمتلك نحن سوى سلاح “الوعي” والذكاء الطبيعي للقيام بذلك. وإذا ما تقاعسنا عن اللجوء إليهما فمصيرنا هو الوقوع ضمن شراك المتلاعبين بالخوارزميات بطريقة أو بأخرى. وهو ما يتطلب مِنا تطوير ما يمكن تسميته بـ”اليقظة الخوارزمية” باستمرار لكشف ليس فقط الأخبار الزائفة، بل تلك الحملات التضليلية المتكاملة التي تقوم بها جهات معادية وأحيانا متحالفة فيما بينها لإلحاق الضرر بمجتمعاتنا وإبقائها ضمن حالة التوتر والاضطراب حتى لا تُحقِّق نهضتها المنشودة ولا تَتقدم بخطى ثابتة نحو بناء مستقبلها.
تُفيد بعض الإحصائيات الغربية أن نسبة الأخبار المزيفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي تصل إلى %20 في دولها، وهي أعلى من ذلك بكثير في دول الجنوب التي لا تمتلك الوسائل الكافية للكشف عن التضليل الإعلامي، رغم أنها مُستَهدَفة أكثر، ولديها بيئة مواتية لاستقبال المعلومات والأخبار الزائفة على أساس أنها حقائق نتيجة ضعف التوعية في مجال الحذر من التعامل مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي خاصة…
تقوم بهذه العمليات التضليلية شركات مختصة في التلاعب بالخوارزميات وهي بالمئات على مستوى العالم، وعلى رأسها الشركة الصهيونية Team Jorge التي للأسف تلجأ إليها بعض الجهات (معروفة) لزعزعة استقرار دول تعتبرها “شقيقة” أو تريد استغلال ثرواتها وتغيير مواقفها السيادية مثل ما حدث ويحدث مع بعض الدول الإفريقية في المدة الأخيرة.
تتقاضى مثل هذه الشركات مبالغ مالية ضخمة تتراوح بين مئات الآلاف إلى ملايين الدولارات للتلاعب بالخوارزميات، وتعترف بذلك علنا تحت عنوان منصات “تقديم الحلول عبر أنظمة إعلامية متقدمة للتأثير” (الاختراق) أو ما يُعرف بـ Advanced Impact Media Solutions، توظف مخترِقين (هاكرز) محترفين وتقوم بإنشاء وإدارة جيوش إلكترونية – يُعَد الذباب الالكتروني شكلا بدائيا أمامها – تُنشِئ وتتحكم في آلاف الحسابات الوهمية يصعب التعرف عليها من خلال الخوارزميات المضادة (لمن امتلكها)، وتقوم بشن هجمات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتلاعب فيها بـ”الترندات” و”الهاشتاقات” وكل المحتوى الإعلامي للتأثير في مزاج المستخدمين وتشتيت أفكارهم والتلاعب بعواطفهم وخلق الوهم لديهم بالانتصار للحق، أو لهذه الشخصية أو تلك، من دون السماح لأي طرف بالانتصار على مدار زمن المعركة المُحدَّد وحتي يتم تحقيق الهدف المُسطّر الذي تقاضت من أجله الأموال.
وإذا كانت الدول المتقدمة تكنولوجيا قد ابتكرت الأدوات والوسائل المضادة لمثل هذه الأعمال، (مع إتاحة بعضها منها للاستخدام الواسع لنا)، فإن أفضل سبيل للتصدي لمثل هذه الأساليب هو الوعي بها أولا وآخرا، ثم لا بأس من الاطلاع على بعض الأدوات المتاحة التي تُعين على كشف هذا التلاعب مثل InVID للتحقق من الأخبار والتأكد من صحتها، وBotometer للتعرف عما إذا كانت الحسابات وهمية أم حقيقية، وHoaxy لتتبع الأخبار الزائفة… الخ. ومثل هذه الأدوات وهي بالمئات (منها المتخصص في الفيديو، والصور، ونتائج محركات البحث… الخ)، إلا أنها جميعا من إنتاج الدول الأكثر تصنيعا وهي معدة لخدمة مصالح شعوبها… لذا لم يبق أمامنا سوى الرفع من درجة الوعي بها من خلال الإعلام والتكوين والنشر المتخصص والعام لجميع الفئات العمرية لعلنا نتمكن من التعامل مع هذا التلاعب بالخوارزميات أو على الأقل الحد من تأثيرها السلبي إلى حين نتمكن من الأخذ بزمام المبادرة في هذا المجال…
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post مَن يتلاعب بالخوارزميات؟!! appeared first on الشروق أونلاين.