نعم.. معركة طوفان الأقصى انتصرت لفلسطين

كلما وافقت المقاومة الفلسطينية على مقترح لِوقف إطلاق النار مؤدِّيا إلى تبادل للأسرى ووقف للحرب، تعالت أصواتٌ مِمَّن يزعمون إدارة الصراع بالتّطبيع مع العدو الصهيوني للادِّعاء بعبثية معركة “طوفان الأقصى” والزَّعم بأنها لم تُحقِّق أيَّ نتائج للشعب الفلسطيني غير الخراب والدمار. دعنا نناقش هذه المسألة بموضوعية: -أولا: هل كان الشعب الفلسطيني يعيش الحرية والكرامة قبل […] The post نعم.. معركة طوفان الأقصى انتصرت لفلسطين appeared first on الشروق أونلاين.

أغسطس 19, 2025 - 17:58
 0
نعم.. معركة طوفان الأقصى انتصرت لفلسطين

كلما وافقت المقاومة الفلسطينية على مقترح لِوقف إطلاق النار مؤدِّيا إلى تبادل للأسرى ووقف للحرب، تعالت أصواتٌ مِمَّن يزعمون إدارة الصراع بالتّطبيع مع العدو الصهيوني للادِّعاء بعبثية معركة “طوفان الأقصى” والزَّعم بأنها لم تُحقِّق أيَّ نتائج للشعب الفلسطيني غير الخراب والدمار.

دعنا نناقش هذه المسألة بموضوعية:
-أولا: هل كان الشعب الفلسطيني يعيش الحرية والكرامة قبل “طوفان الأقصى”؟ هل كانت السلطة الفلسطينية ذاتها التي تربطها بسلطة الاحتلال اتفاقياتٌ مُذلة وتنسيق أمني غير طبيعي تعيش حالة سيادة أو شبه سيادة قبل الطوفان؟ هل كانت الضّفة الغربية تتهيأ وفق اتفاقيات “أوسلو” إلى أن تكون نواة الدولة الفلسطينية أم أنها تُهيَّأ لِتُضَمَّ إلى الأراضي المحتلة سنة 1948؟ هل كانت غزة تعرف وضعا يهيِّئها هي الأخرى لتكون جزءًا من هذه الدولة وفق الاتفاقيات ذاتها، أم أنها كانت سجنا مفتوحا محاصَرا من كافة الاتجاهات ينتظر اللحظة التي يجري فيها فصله عن فلسطين التاريخية والقضاء على فرضية ربطها بالضفة الغربية كنواة لدولة فلسطينية مستقلة مستقبلا؟ ألم نكن نعيش قبل الطوفان مرحلة ما قبل التصفية التامة للقضية الفلسطينية؟
– ثانيا: هل كان العالم قبل الطوفان يُدرك حقيقة الاحتلال الصهيوني لفلسطين؟ هل كان العالم يَنظر إلى الاحتلال بالنّظرة نفسها التي أصبح ينظر إليه بها بعد الطوفان؟ مَن كان يتصور أن الشعب الأمريكي نفسه سينتفض يوما ضد سياسات الاحتلال والقمع الإسرائيلية وأن نُخَبه مُتمَثِّلة في أعرق جامعاته ترفع من سقف المطالبة باستقلال فلسطين عاليا؟ مَن كان يتصور أن الشعوب الغربية من أقصى المدن الأسترالية إلى أقصى مدن بلاد البلطيق تتّحد في كلمة واحدة عنوانها “الحرية لفلسطين” رافعة شعار free free Palestine عاليا وفي كافة المظاهرات، بل إنّ منها مَن أصبح ينادي بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر ضاربا عرض الحائط بوجود كيان قائم اسمه “إسرائيل”؟
– ثالثا: في جانب آخر، مَن كان يصف “إسرائيل” بالدكتاتورية والنازية والفاشية قبل الطوفان؟ ألم تكن غالبية الدول الغربية وكثير من دول العالم تصفها بـ”واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط”؟ ماذا بقي من ذلك اليوم؟ لولا بعض أوجه المعارضة في الداخل الإسرائيلي التي ترفض الإبادة القائمة اليوم في غزة لَسَقط القناع عن كل مَن يصف نفسه بالإسرائيلي عبر العالم، بل إن ذلك أصبح واقعا إذ أصبحت مثل هذه الهوية مرادفة للاشمئزاز في جميع أنحاء العالم بل وترمى جوازات السفر الإسرائيلية في القمامة كما حدث في إحدى البلدان لـ47 سائحا يحمل هذه الجنسية قبل أيام؟ هل كان هذا يحدث قبل الطوفان أم أن عكسه هو الواقع اليوم؟
– رابعا: من كان يعتقد أن دولا غربية مثل إيرلندا وإسبانيا والنرويج و15 دولة أخرى تعلن وترسم اعترافها بالدولة الفلسطينية، بل وصل الأمر إلى أنّ بريطانيا الأقرب إلى الكيان تعلن ذلك؟ ألم يكن ملف فلسطين قبل الطوفان ضمن أدراج مكاتب وزراء خارجية معظم هذه الدول وفي طي النسيان؟
– خامسا: مَن كان يتصور بأن الخذلان العربي الذي كان مؤسفا لِمعركة طوفان الأقصى، والتطبيع المُعلَن والخفي سيقضي على عنوان اسمه الصراع العربي– الإسرائيلي الذي طمس القضية الفلسطينية ويجعل عنوان الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي يحل محله لتستقيم المعادلة ويتبين للعالم بحق أن لفلسطين شعبا يدافع عنها ويكافح من أجل التحرير بدل اعتبارها أرضا إسرائيلية يسعى العرب إلى استعادتها من اليهود؟ أليس هذا تحولا كبيرا رغم ما فيه من مأساة تخلي الأخ عن أخيه؟
– سادسا: مَن كان يعتقد قبل الطوفان أن عبارة “معاداة السامية” أصبحت بلا معنى ولا يخشاها أحد بعد أن كان الكيان الإسرائيلي يرفعها سيفا مسلطا على كل مَن ينتقده أو يعارض احتلاله لفلسطين؟ ألم تعد العبارة مبتذلة ومحل سخرية من الجميع باعتبارها كذبة كبيرة لم يعد يصدّقها أحد؟
ومع ذلك يأتي مَن يقول اليوم إن الطوفان كان كارثة على الشعب الفلسطيني؟ ناسيا أن الشعوب ما تحرّرت بالاستكانة والخنوع، ومن دون تضحيات ودماء ودموع وجوع وعطش… ذلك هو ثمن الحرية والاستقلال، وهو غال بلا شك ولكنه أفضل من الموت ذُلا وهوانا أو السكوت عن أرض مغتصَبة ومقدسات يجري تدنيسها كل يوم في انتظار محوها من الوجود إلى الأبد.. فشكرا للطوفان على ما حققت ورحم الله الشهداء وشفى الجرحى وعوَّض كل مظلوم خيرا.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post نعم.. معركة طوفان الأقصى انتصرت لفلسطين appeared first on الشروق أونلاين.