نور الصباح عكنوش :هناك محاولات للذهاب بدول الساحل إلى نموذج الصوملة

طرح البروفيسور نور الصباح عكنوش، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة بسكرة فرضية تفيد بأن قرار موسكو القاضي بسحب مقاتلي “فاغنر” من مالي يعكسُ سياسة التدوير ما دام الأصل هو التدخل الأجنبي، متطرقا في حوار مقتضب مع “الجزائر الجديدة” للخرجة “العدائية” و “غير مفهومة” للتلفزيون الرسمي النيجيري الذي بث في نشرة الثامنة والنصف، بتاريخ 09 جوان الجاري، تقريرا يحمل اتهامات مباشرة ومجحفة بحق الجزائر، وأكد المتحدث جازمًا بأن “حاكم النيجر لا يتحدث بلسانه بل يبعث برسائل مُوقعة من الخارج في اتجاه الجزائر وهُو مُعطى مُتوقع في الحقيقة لا سيما بعد اجتماع ملك المخزن مع دول الساحل الثلاثة من جهة وقيام الإمارات بتمويل أو شراء النظام العسكري في النيجر من جهة أخرى، وذلك كله في إطار مخطط كبير يستهدف أمن واستقرار الوطن”.

تفاعلت “جبهة تحرير أزواد” مع قرار انسحاب أو سحب مجموعة “فاغنر”، ووصفت ما حدث بـ “المسرحية الإعلامية”، ما رأيك في هذه القراءة؟

جبهة الأزواد لها تقييمها للموقف وقراءتها للوضع انطلاقًا من رؤيتها الخاصة، والظاهر أنها تُريد أن تُرسل رسائل معينة لأطراف خارجية مفادها أنها غير معنية باستبدال فاغنر بقوة أخرى تابعة لوزارة الدفاع الروسية ما دام الأصل هو التدخل الأجنبي أما الشكل فمجرد تدوير لا أكثر ولا أقل.

في تقدير مُراقبين حمل تغيير قوة مرتزقة بأخرى مُؤشرات تبرز رغبة روسيا في انتهاج سياسة جديدة في الساحل الإفريقي، على ماذا تقوم هذه السياسة؟

ما يحدث في مالي أقرب إلى عملية إعادة هيكلة للوجود الروسي في منطقة الساحل وفق تقديرات مالية و لوجيستية واستراتيجية بالنظر الى الوضع على جبهة اوكرانيا و تغير النظام في سوريا و هو ما تحاول موسكو اخذه بعين الاعتبار في ترتيباته الجديدة في منطقة الساحل باقل تكلفة و اكثر فعالية حسب ما تعتقد طبعا.

هل سينهي هذا التغيير الحلول العسكرية والعنيفة للمسائل السياسية أو سيعززها بشكل غير مباشر؟

لا يمكنُ إطلاقًا تقديم أجوبة قطعية فالإحتراب الداخلي في مالي أصبح حتمية بالنظر الى مقاربة النظام العسكري للمسألة حيث يخدمه العنف كمبرر للبقاء في السلطة وتعويض الشرعية الشعبية ولو ادى الامر لاستدامة الازمة الدموية سنوات أخرى.

ماهي السيناريوهات المحتملة في مالي بعد إعلان مجموعة “فاغنر” الروسية الانسحاب من المنطقة واستبدالها بالفيلق الإفريقي؟

السيناريو الاقرب في ضوء المحددات الداخلية و الخارجية المكثفة هو تحول مالي الى صومال مكرر حيث تبقى العاصمة باماكو في يد الطغمة الحاكمة و باقي اقاليم البلاد خارج سيطرة الحكومة المركزية بمعنى ادق ندخل مرحلة ” اللامالي ” إن صح التعبير وهو ما تشتغل عليه علب تفكير أجنبية من أجل أن تتحول البلاد الى بيئة رخوة و مفتوحة للنهب و النفوذ على غرار ما يحصل مع مناجم الذهب القريبة من باماكو و التي تستغلها الإمارات و روسيا على حساب الشعب المالي الفقير.

في خطوة غير مُتوقعة هاجمت النيجر عبر تلفزيونها الرسمي في نشرة الثامنة والنصف الجزائر وجيشها بشدة وزعمت أنها لا تمتلك نية صادقة تجاه دول الساحل، ماهي خلفيات هذا الهجوم؟

حُكومة نيامي وهي أضعف وأهون من أن تتجرأ على الجزائر، فهي تقوم بخرجات استعراضية بإيعاز من أطراف أجنبية وأكاد أجزم أن حاكم النيجر لا يتحدث بلسانه بل يبعث برسائل مُوقعة من الخارج في اتجاه الجزائر وهُو مُعطى مُتوقع في الحقيقة لا سيما بعد اجتماع ملك المخزن مع دُول الساحل الثلاثة من جهة وقيام الإمارات بتمويل أو شراء النظام العسكري في النيجر من جهة أخرى، وذلك كله في إطار مخطط كبير يستهدف أمن واستقرار الوطن.

تجدُ الجزائر اليوم نفسها بين اضطرابات ليبيا وأزمات الساحل الإفريقي، ماهي الاستراتيجية التي يجبُ أن تتبناها اليوم اتجاه هذه التطورات؟

نحن بصدد لا استقرار نسقي و بنيوي محيط بنا على نحو غير مسبوق في تاريخ المنطقة و التي تعتبر عمقا استراتيجيا بالنسبة لنا وتحولها الى منطقة رمادية وهذا يعتبرُ مؤشر خطير على صعيد امن البلاد واستقرارها.

وإن ما يحدث في الجوار مُؤثر بشكل مباشر على مصالحنا و علاقاتنا، لأنه يتضمن استهداف واستنزاف للجزائر و كانت رسالة المؤسسة العسكرية في العدد الأخير من مجلة الجيش حُبلى بالأجوبة التي نرد من خلالها على قوى الشر المتحالفة ضدنا من حيث قوة وجاهزية وعقيدة الجيش الوطني الشعبي الذي يواجه المخططات الخبيثة بذكاء و عزم و هو على دراية من جهة بما يفكر فيه أعداء الوطن وأعداء الساحل وأعداء افريقيا من سيناريوهات فوضوية، ويعول على وعي الشعب و صلابة الجبهة الداخلية لمواجهة المتغيرات الناشئة والأزمات الطارئة من جهة اخرى.

فؤاد ق

The post نور الصباح عكنوش :هناك محاولات للذهاب بدول الساحل إلى نموذج الصوملة appeared first on الجزائر الجديدة.