وهمُ “الجزائري” الذي نفذ مجزرة في باريس!

تابعنا بكثير من الفضول الصِّحافي، تفاصيل جريمة بشعة، وقعت في العاصمة الفرنسية باريس، وزاد الفضول عندما ذكرت الصحف الفرنسية جميعا أن الجاني شابٌّ جزائري قدِم من مدينة وهران، ويقيم في باريس بطريقة غير شرعية.. والمدهش، أن هذا المجرم اغتال أربعة أشخاص، أحدهم فرنسي والآخر تونسي والآخران جزائريَّا الأصل، وألقى بجثثهم في نهر السين. إلى هنا، […] The post وهمُ “الجزائري” الذي نفذ مجزرة في باريس! appeared first on الشروق أونلاين.

سبتمبر 1, 2025 - 19:56
 0
وهمُ “الجزائري” الذي نفذ مجزرة في باريس!

تابعنا بكثير من الفضول الصِّحافي، تفاصيل جريمة بشعة، وقعت في العاصمة الفرنسية باريس، وزاد الفضول عندما ذكرت الصحف الفرنسية جميعا أن الجاني شابٌّ جزائري قدِم من مدينة وهران، ويقيم في باريس بطريقة غير شرعية.. والمدهش، أن هذا المجرم اغتال أربعة أشخاص، أحدهم فرنسي والآخر تونسي والآخران جزائريَّا الأصل، وألقى بجثثهم في نهر السين.
إلى هنا، الحكاية لم تتجاوز حدود الفضول، فمن قتل نفسا بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، فما بالك أن يقتل هذا السّفاح أربعة أشخاص، ويرميهم جميعا في نهر السين، كما فعل الأوغاد يوم 17 أكتوبر 1961.
وجرّنا الفضول الصِّحافي لمتابعة الجريمة من أشهر الصحف والمواقع الفرنسية، وعندما نقول الصحف الفرنسية، فنحن نتحدث عن مدرسة إعلامية عريقة، خاصة أن متابعتنا تركزت على ما كان يصدر يوميا في صحيفة “لوموند” عن هذه الجريمة الفظيعة، إضافة إلى صحف ومواقع أخرى تزعم الاحترافية والمصداقية مثل لبيراسيون وديباش فرونس، وأنفو، و20 دقيقة، و24 ساعة، وجنوب غرب…
كنا نشعر، وفضولنا الإعلامي يجرنا لمتابعة أطوار هذه الجريمة، بأن كلمة “”Algerien تتكرر أكثر من نهر السين ومن الجريمة، ولكننا لم نشعر قطّ بالحرج، لأن الجريمة قدرٌ مجتمعي موجود في كل زمان وفي كل مكان، والأمن الفرنسي نفسه، أحصى في سنة 2024 ما لا يقل عن 1186 جريمة قتل، أي بمعدل ثلاث جرائم قتل في اليوم، وقد أعلنت عن الرقم وزارة الداخلية الفرنسية، وأقرّت بأن غالبيتها، إن لم يكن جميعها ما بين فرنسيين “جانٍ وضحية”، وليس ببعيد عنا، جيش قتل مليونا ونصف مليون شخص في سبع سنوات.
المهمّ، أن السرد اليومي والساعي بالنسبة للمواقع تواصل، إلى أن تأكد المحققون من أن المجرم الذي قتل ورمى بجثث أربعة أشخاص في نهر السين، زُعم بأنه جزائري من وهران، والحقيقة أنه من بلد مغاربي آخر، من خلال وثائقه وأيضا شهادات من عرفوه.
فضولنا الصحافي الذي تابعنا به الجريمة الوحشية، تحوَّل إلى استغراب من ذات الصحف والمواقع، التي قفز بعضها عن سرد حقيقة هوية المجرم من المصدر الأمني الفرنسي، وبعضها الآخر صحَّح الخطأ على استحياء وذكر الجنسية الحقيقية للمجرم على استحياء أيضا، وفي غالب الأحيان، تُذكر هذه الجملة un jeune migrant sans abri، أي شاب مهاجر من دون مأوى.
نشعر أحيانا بأن الدولة الفرنسية عندما أعلنت عن شعارها الشهير بعد ثورتها “الحرية والمساواة والأخوّة”، قد أسقطت منه تعاملها مع الجزائر، فهي لا تريدها أن تكون سيدة قراراتها ولا أن تساوي مواطنيها ببقية الناس ولا أن تجمعها أخوّة معها.
والأمر لا يعني الساسة من المتطرفين، بل من كل الأطياف. ولا يعني الساسة فقط، وإنما كل مجالات الحياة ومنها هذه الصحافة التي نشهد لها بأنها مدرسة عالمية أسَّست لعالم الصحافة من الورقي إلى السمعي البصري إلى الرقمي، ولكنها على دين ملوكها إذا تعلق الأمر بالجزائر.
المهم، أن الذي رمى جزائريين في 17 أكتوبر 1961، في نهر السين، ليس جزائريا، الذي رمى جثث قتلاه في شهر أوت 2025 ليس جزائريا أيضا.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post وهمُ “الجزائري” الذي نفذ مجزرة في باريس! appeared first on الشروق أونلاين.