استمرار الحصار وتضحيــات الأحــــرار

أ.د: عبد الحليم قابة رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/ بعدما اعترضت قوات الاحتلال مسيرة القافلة العالمية الإنسانية في مسيرتها الشريفة التي تهدف إلى كسر الحصار عن إخواننا المظلومين في غزة، وإلى الحفاظ على البقية الباقية من وجودهم الذي خطط الأعداء للقضاء عليه، وتآمر معهم على ذلك بعض من بني جلدتنا والناطقين بألسنتنا – للأسف الشديد …

أكتوبر 6, 2025 - 12:35
 0
استمرار الحصار وتضحيــات الأحــــرار

أ.د: عبد الحليم قابة
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرييـن/

بعدما اعترضت قوات الاحتلال مسيرة القافلة العالمية الإنسانية في مسيرتها الشريفة التي تهدف إلى كسر الحصار عن إخواننا المظلومين في غزة، وإلى الحفاظ على البقية الباقية من وجودهم الذي خطط الأعداء للقضاء عليه، وتآمر معهم على ذلك بعض من بني جلدتنا والناطقين بألسنتنا – للأسف الشديد – بدا لي التنبيه على حقيقة بعضِ نجاحات شياطين الإنس والجن في الإضرار بأمتنا ووحدتنا وعزّتنا ونهضتنا، لعل ذلك ينفعنا كتشخيص عام لكارثة تخلفنا وهيمنة الأعداء على واقعنا، فكانت هذه الخاطرة:

نجح الأعداء والشياطين نجاحا باهرا فيما يلي:
-في كسب كثير من الحكام وأصحاب التأثير السياسي أو الإعلامي أو الاقتصادي أو الثقافي، إلى صفوفهم، فأصبحوا خُدّاما لهم، وحماةً لمشاريعهم، وأعوانا لهم على إذلال أمتنا، وإيذاء أفاضلنا، وتكريس تخلفنا، وغَدوا قائمين مقامهم في تنفيذ مشاريعهم، وفي إدارة شؤوننا وتحديد مساراتنا، وتربية أجيالنا، والتصرف في كثير من أمورنا.
– كما نجحوا في شغل كثير من المحسوبين على العلم والدعوة والشأن الديني بخلافات جزئية، وقضايا فرعية، وأمور هامشية على حساب قضايا الأمة المصيرية، واهتماماتها الضرورية، وأمورها الكلية، وشؤونها الحضارية.
– كما نجحوا في تسخير كثير ممن يتكلم في الدين وينظِّر للمسلمين، للصد عن سبيل الله، والتأصيل للضلال المبين، ونصرة الباطل والمبطلين، وترسيخ العداوة بين المسلمين العاملين لنصرة هذا الدين، وتأجيج نار الشقاق بينهم، وتركوا الأعداء يفعلون بنا الأفاعيل، بل وصل الأمر ببعضهم إلى الدفاع عن أعداء الملة والدين والتماس الأعذار لهم للتنكيل بإخوانه المسلمين والتبرير لإجرامهم ضد المؤمنين.كما يدور حول قضية غزة وأسطول الصمود هذه الأيام.
– كما نجحوا – أيضا – في تحييد جماهير من المسلمين عن أن يكونوا أنصارا لله ورسوله والمؤمنين في صراعهم مع الباطل والمبطلين والفساد والمفسدين ، وفي الدعوة إلى هيمنة الإسلام بأنواره وبركاته في بلاد المسلمين، بل نجحوا في جعل جماهيرهم موتى لا يفعلون شيئا لدينهم ولا لأمتهم، بل نجحوا في كسب كثير منهم وضمِّهم إلى صفوف من يوالي أعداء الملة والدين ويحارب المسلمين بسلاحه أو ماله أو إعلامه أو منشوراته أو غير ذلك من الوسائل.
-كما نجحوا – أيضا – في جوانب عديدة، مستغلين ضعفَنا وغفلتنا وخلافاتنا وعداواتنا وانشغالاتنا التافهة، ففعلوا فينا الأفاعيل، وأمضوا فينا مكائدهم مطمئنّين.
هذه حقيقة معروفة لا تنفيها نظرية المؤامرة التي أنكر العقلاء ربط مآسينا كلها – دون استثناء – بها، وصَدَقوا ؛ لأن الواقع يُثبت أن كثيرا من مظاهر تخلفنا مِنّا وفينا وبأيدينا، وقد ذكرتُ بعضًا منها في التشخيص السابق، ولكن المؤامرة – خصوصا في زماننا – حقيقةٌ لا تُنكر، ويجب استحضارها وحسن التعامل معها عند وضع الخطط والرّؤى لنهضتنا وعودة أيام عِزّنا واستقلالنا عن هيمنة أعدائنا، دون إفراط ولا تفريط.
والمطلوب – بعد معرفة هذا التشخيص – :
يقظة سريعة، ونية صادقة، وعزيمة قوية، وتعلّم حكيم، وتخطيط راشد، وتعاون واسع، واستفادة واعية من تجارب السابقين، وانطلاقة هادفة مع انضباطٍ هادٍ، وثبات دائم، مع حسن التوكّل على الله وجميل التفويض إليه، وستكون العاقبة – لا محالة – للمتقين، كما وعد ربُّ العالمين.
{قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف:128]