الجزء 04: كواليس.. حقائق أقولها للمرة الأولى
التفت الشاذلي إلى بشير شبلي ثم التفت إليّ وصمت ولم يقل أي كلمة، وأحسست أنه لم يكن راضيا عن هذا التدخل، لكن بشير شبلي التفت إليّ وسألني أنا دون غيري: ما رأيك في عابد شارف؟ إنه يكتب بشكل جيّد … أليس كذلك؟ أحسست بأن بشير وجه لي ضربة قوية تحت الحزام، سواء بقصد أو عن [...] ظهرت المقالة الجزء 04: كواليس.. حقائق أقولها للمرة الأولى أولاً على الحياة.

التفت الشاذلي إلى بشير شبلي ثم التفت إليّ وصمت ولم يقل أي كلمة، وأحسست أنه لم يكن راضيا عن هذا التدخل، لكن بشير شبلي التفت إليّ وسألني أنا دون غيري: ما رأيك في عابد شارف؟ إنه يكتب بشكل جيّد … أليس كذلك؟
أحسست بأن بشير وجه لي ضربة قوية تحت الحزام، سواء بقصد أو عن غير قصد.. (وأنا كنت أميل إلى أنه فعل ذلك بدون قصد). لقد بدأت أحلم بكتابة مذكرات الشاذلي بن جديد منذ أن ألتقيته أول مرة، قبل سنوات، في مقر إقامته في بوسفر قرب وهران، وكنت أشعر بأنني قادر على كتابتها بشكل جيد حتى لا أقول ممتاز، أولا بسبب اهتمامي بتاريخ الثورة، وثانيا لأنني قرأت الكثير عن مسار الشاذلي بن جديد خلال الثورة وبعد الاستقلال، وثالثا، لأنني التقيت عشرات المرات مع الرئيس السابق وحدثني عن الكثير من التفاصيل، ولدي فكرة جيدة عن الموضوع ستساعدني بشكل واضح على تحرير المذكرات والإلمام بكل جوانبها.
بلعت المرارة التي أحسست بها في حلقي وقلت لبشير: عابد شارف أعرفه شخصيا، إنّه صحافي بارز وكاتب كبير ومثقف ومساره المهنيّ ثرّي وله عدة كتب، وكنت صادقا فيما قلته.
كنت أعرف عابد شارف منذ 1990، فقد انضممت إلى جريدة الخبر بعد أيام قليلة من تأسيسها وكان هو مديرها ولعب دورا كبيرا في إطلاقها، وبذل جهدا واضحا في بنائها سواء بماله وامكانياته الشخصية أو بجهده الفكري والجسدي، وكنت شاهدا على ذلك، وهو صحافي بارز ومثقف، وعمل في وكالة الانباء الفرنسية، ويكتب بشكل ممتاز، أسلوبه خفيف وسهل ممتنع، وكنت، وأنا صحافي مبتدئ، أتعلم منه وأرصد طريقته في الكتابة، ومازلت حتى اليوم أرى أن أسلوبه يعد من أرقى أساليب الكتابة في الصحافة الجزائرية، أسلوب خفيف ولذيذ إذا جاز لي هذا التعبير.
قال لي بشير: هل يمكن أن تتصل به وترى إن كان مستعدا لكتابة المذكرات؟ هكذا فجأة، دخل بشير على الخط دون أن يطلب منه أحد ذلك، ورغم انزعاجي من تدخله، قلت له أنني سأفعل، وسأتصل به وأخبره برغبتك، وفي الحقيقة، كانت هذه رغبة بشير شبلي صهر مالك بن جديد شقيق الرئيس السابق ولم تكن أبدا رغبة الرئيس الشاذلي بن جديد نفسه.
تذكرت حينها قصة “مول العرس ومول الباش” المشهورة، لكنني تخطيت الأمر وكأنّ الأمر غير مهم بالنسبة لي وهذا احتراما للرئيس السابق والحاضرين في الجلسة.
أحسّ مالك بن جديد أنني انزعجت من اقتراح عديله (بشير شبلي ومالك بن جديد متزوجين من شقيقتين)، فقال لي سي مالك رحمه الله بنوع من العطف: “سي حناشي، يمكنك أن تتكفل أنت بالموضوع، إذا كنت ترغب في ذلك”، فرديت على الفور، مخفيا انزعاجي، أن المهم ليس من يكتب المذكرات، بل ما يهمني هو أن تكتب وتنشر وتخرج للرأي العام، وقلت له أن المذكرات إذا كتبها عابد شارف، فمن دون شكّ ستخرج بشكل ممتاز وتليق بالرئيس.
لم يكن الجزء الأول من هذا الرد صادقا ونابعا من القلب، إنما قلته وفي حلقي غصة، وقلت ما قلت احتراما للرئيس السابق وأنا في مجلسه وفي بيته وبين أفراد أسرته.
في اليوم الموالي، اتصلت بعابد شارف وقلت له أن الرئيس الشاذلي بن جديد يريد كتابة مذكراته، وأنك من بين المقترحين لكتابتها، وهو يريدك أن تأتي لمقابلته.
كان عابد شارف من المعجبين بالرئيس الشاذلي بن جديد ومن أنصار سياسته وحصيلته في الحكم.
قال لي شارف أنه مبدئيا يرحب بالفكرة، وأنه مستعد للذهاب إليه ومقابلته، وترك لي حرية تحديد الوقت وفق برنامج الرئيس.
اتصلت بالرئيس الشاذلي وأبلغته بموقف الكاتب الصحافي وطلبت منه تحديد موعد لاستقبالنا، أنا وهو، فحدد لي موعدا في اليوم الموالي، ثم اتصلت بالسيد بشير شبلي وأبلغته بأن عابد شارف موافق مبدئيا، وأن الرئيس حدد لنا موعدا للقائه، وقلت له أنني أتمنى أن تأتي وتشارك في اللقاء.
جاء بشير شبلي إلى اللقاء ومعه مالك بن جديد، صهره ورفيقه وصديقه.
في اليوم الموالي، التقينا بالشاذلي بن جديد، كنّا أربعة نجلس في الصالون ونحتسي القهوة معه: عابد شارف، بشير شبلي، مالك بن جديد، وأنا.
يتبع…
ظهرت المقالة الجزء 04: كواليس.. حقائق أقولها للمرة الأولى أولاً على الحياة.