حكم التنزيل في الميراث أو الوصية الواجبة للأحفاد

الشيخ محمد مكركب أبران mohamed09aberan@gmail.com/ الفتوى رقم:786 السؤال قال السائل: هل للتنزيل في الميراث لصالح الأحفاد كما هو في قانون الأسرة الجزائري، أو الوصية الواجبة في القانون المصري، والسوري، أصل في الشرع، أم هو اجتهاد بشري مشروع؟ الجواب بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله. أولا: حكم التنزيل أو …

سبتمبر 17, 2025 - 18:16
 0
حكم التنزيل في الميراث أو الوصية الواجبة للأحفاد

الشيخ محمد مكركب أبران
mohamed09aberan@gmail.com/

الفتوى رقم:786

السؤال

قال السائل: هل للتنزيل في الميراث لصالح الأحفاد كما هو في قانون الأسرة الجزائري، أو الوصية الواجبة في القانون المصري، والسوري، أصل في الشرع، أم هو اجتهاد بشري مشروع؟

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: حكم التنزيل أو الوصية لصالح الأحفاد؟: قال السائل: هل التنزيل في الميراث لصالح الأحفاد كما هو في قانون الأسرة الجزائري، أو الوصية الواجبة في القانون المصري والسوري، مشروع؟ إذا رجعنا إلى القرآن في آيات أحكام الميراث فإننا نجد التفصيل في أحكام، والتعميم في أحكام أخرى، والإجمال والتخصيص. وكثير من أحكام الشريعة في العقود والمعاملات، فيها مساحات للاجتهاد، وذلك من أسرار الشريعة. قال الله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ والولد يطلق على كل الفروع. الذكور والإناث والمولود والحفيد. وأن الجد لو وصى لأحفاده الذين مات أبوهم جاز ذلك، أو لو نَزَّلَهُمْ منزلة والدهم جاز له ذلك، ولو وهبهم جاز له، وولي أمر المسلمين ينوب عن الجد في رعاية الأحفاد، لأنه راع عن كل الرعية. والأصل أن الأولاد يحجبهم أبوهم عن جدهم، فالأقرب إلى الوارث يحجب من بعده، فإذا مات أبوهم صار الجد أبا لهم وعمهم يحجب أولاده أصلا، مثلما لو مات الحفيد يرثه الجد إذا لم يكن بينه وبين جده أبوه. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: وفي قانون الأسرة: في الفصل السابع: (التنزيل) {المادة :169. من توفي وله أحفاد وقد مات مورثهم قبله أو معه، وجب تنزيلهم منزلة أصلهم في التركة. بالشرائط التالية: المادة: 170: أسهم الأحفاد تكون بمقدار حصة أصلهم لو بقي حيا على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة. والمادة: 171: لا يستحق هؤلاء الأحفاد التنزيل إن كانوا وارثين للأصل جدا كان أو جدة، أو كان قد أوصى لهم، أو أعطاهم في حياته بلا عوض، مقدار ما يستحق بهذه الوصية…مع المادة:172 من نفس القانون.} والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: ورد في كتاب: الفقه الإسلامي وأدلته: {ويرى بعض الفقهاء كابن حزم الظاهري، والطبري، وأبي بكر بن عبد العزيز، من الحنابلة: أن الوصية واجبة ديانة وقضاء للوالدين والأقربين الذين لا يرثون، لحجبهم عن الميراث، أو لمانع يمنعهم من الإرث كاختلاف الدِّينِ، فإذا لم يوص الميت للأقارب بشيء وجب على ورثته أو على الوصي إخراج شيء غير محدد المقدار من مال الميت وإعطاؤه للوالدين غير الوارثين. وأخذ القانون المصري (م76 – 79) والسوري (م 257) بالرأي الثاني، فأوجب الوصية لبعض المحرومين من الإرث وهم الأحفاد الذين يموت آباؤهم في حياة أبيهم أو أمهم، أو يموتون معهم ولو حكما كالغرقى والحرقى} (ف.إ.أ. 10/7564). والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
رابعا: ورد في تفسير الآية: ﴿وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾ (النساء:8) في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي:{قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ قِسْمَةِ مَوَارِيثِهِمْ أَنْ يَصِلُوا أَرْحَامَهُمْ، وَيَتَامَاهُمْ وَمَسَاكِينَهُمْ مِنَ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةٌ وَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْمِيرَاثِ} (القرطبي:5/48). فتدبر قول ابن عباس: {فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةٌ وَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْمِيرَاثِ} وفي تفسير الرازي. قال: {اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ أَيِّ قِسْمَةٍ هِيَ، فَلِهَذَا الْمَعْنَى حصل لِلْمُفَسِّرِينَ فِيهِ أَقْوَالٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّ النِّسَاءَ أُسْوَةُ الرِّجَالِ فِي أَنَّ لَهُنَّ حَظًّا مِنَ الْمِيرَاثِ، وَعَلِمَ تَعَالَى أَنَّ فِي الْأَقَارِبِ مَنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ، وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ إِذَا حَضَرُوا وَقْتَ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ تُرِكُوا مَحْرُومِينَ بِالْكُلِّيَّةِ ثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَلَا جَرَمَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِمْ شَيْءٌ عِنْدَ الْقِسْمَةِ حَتَّى يَحْصُلَ الْأَدَبُ الْجَمِيلُ وَحُسْنُ الْعِشْرَةِ، ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَنْدُوبٌ} (الرازي:9/503) والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.