سفينة المالوف تبحر من قسنطينة : إصدار موسوعي يوثق تراثا موسيقيا عريقا نصوص وسولفاج

زهير بللو : الجهود متواصلة لترشيح المالوف ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية باليونيسكو

شهد قصر الثقافة مفدي زكرياء بالعاصمة الجزائرية صباح الأحد 14 سبتمبر 2025 حدثا ثقافيا بارزا تمثل في الإطلاق الرسمي للكتاب الموسوعي الفاخر “سفينة المالوف.. مدرسة قسنطينة”، تحت إشراف وزير الثقافة والفنون زهير بللو، في إطار جهود القطاع لحماية الموروث الثقافي الجزائري وتعزيز البحث العلمي في مجالاته المتنوعة. وجاء الحفل بحضور رسمي ودبلوماسي مميز تقدمه سفير اليابان بالجزائر سوزوكي كوتارو والرئيس المدير العام للخطوط الجوية الجزائرية حمزة بن حمودة، إلى جانب وجوه ثقافية وفنية وأكاديمية بارزة، وفي مقدمتها الفنان القدير وعميد فن المالوف محمد حمة، ما منح المناسبة بعدا رمزيا يعكس استمرارية هذا الفن العريق وتواصل أجياله. وفي كلمته، عبر الوزير عن اعتزازه بهذا الإنجاز مؤكدا أن المالوف ليس مجرد ألحان أو إيقاعات، بل هو مكون أصيل من مكونات الهوية الوطنية وعنوان للشخصية الجزائرية وسفيرها الثقافي عبر العالم، مشيرا إلى أن الجزائر أولت منذ الاستقلال أهمية كبرى لحماية تراثها اللامادي، وكانت من أوائل الدول المصادقة على اتفاقية اليونسكو لعام 2003، وهو ما تُرجم بتسجيل عناصر تراثية جزائرية على قوائم المنظمة الأممية، مضيفا أن الجهود متواصلة لترشيح المالوف ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية. واعتبر أن إصدار هذا الكتاب يشكل خطوة أساسية في هذا المسار الوطني بما يمثله من مرجع توثيقي يعزز ملف التسجيل ويبرز مكانة مدرسة قسنطينة في ترسيخ هذا اللون الأصيل. ومن جهته، وصف محافظ المهرجان الدولي للمالوف هذا العمل بالمصدر العلمي الهام للباحثين وطلبة المعاهد الموسيقية ولبنة جديدة لإثراء المكتبة الوطنية، مؤكدا أن مدرسة قسنطينة صنعت لنفسها مكانة بفضل أعلامها ومشايخها الذين حملوا رسالة الفن جيلا بعد جيل. وقد تخلل الحفل عرض روبورتاج مصور أبرز المحطات التاريخية لفن المالوف في الجزائر ورموزه بصوت محمود بن شعبان، كما سلط الضوء على خصوصيات مدرسة قسنطينة التي تميزت بثراء أساليبها وتنوع إبداعاتها، فيما عرفت المناسبة لحظة وفاء مؤثرة من خلال تكريم شيوخ المالوف الذين أسهموا في صون هذا التراث، حيث قُدمت لهم شهادات تقدير وهدايا رمزية عرفانا بمسيرتهم وإبداعهم. وقد حظي فنان طبع المالوف محمد حامة بتكريم خاص من قبل الوزير ومحافظة المهرجان.

وبهذا الإصدار الموسوعي، يجدد قطاع الثقافة والفنون التزامه بمواكبة مشاريع التوثيق والبحث العلمي بما يخدم الذاكرة الوطنية ويصون الهوية الثقافية ويعزز مكانة المالوف كأحد أبرز ألوان التراث الجزائري في الساحة الدولية.

نخبة من أهل الفكر والفن توثق مدرسة قسنطينة ضمن الكتاب الفاخر “سفينة المالوف”

في حضرة المالوف حيث يلتقي عبق الماضي بروح الحاضر، اجتمع ثلة من الباحثين والفنانين والمفكرين واضعين على عاتقهم مسؤولية صون المدرسة القسنطينية وحماية تراثها العريق من الضياع، فكانوا بمثابة مجاديف تدفع “سفينة المالوف” لتبحر بالذاكرة نحو المستقبل، في مشروع موسوعي يليق بمقام هذا اللون الموسيقي الأصيل ومكانته في الثقافة الجزائرية. وتتشكل لجنة التحرير من الفنان والأستاذ إلياس بن بكير، رئيس اللجنة ومحافظ المهرجان الثقافي الدولي للمالوف، والبروفيسور عبد الله حمادي، المنسق العام للكتاب وكاتب ومفكر وباحث أصدر أكثر من أربعين مؤلفاً، إلى جانب الباحث عبد المليك مرواني المختص في موسيقى المالوف وصاحب ثمانية كتب في المجال، كما تضم اللجنة الأستاذ الأكاديمي والمكون في الموسيقى حكيم شويب، والباحث الموسيقي محمد بن ثابت، محافظ المهرجان الوطني للموسيقى الأندلسية، إضافة إلى حكيم بن شفرة المتخصص في التدوين والكتابة الموسيقية، والباحث والموسيقي مهدي مقناوة صاحب إصدارات مميزة في مجال الموسيقى الأندلسية. وقد جاء في الاستهلال ما خطه الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين حيث قال: “من لم يُحركه الربيع وأزهاره، والعود وأوتاره، فهو فاسد المزاج ليس له علاج”، وهي مقولة عكست عمق الرؤية التي تأسست عليها هذه الموسوعة لتؤكد أن المالوف ليس مجرد فن، بل روح نابضة وهوية متجذرة وحياة متجددة.

خليل عدة

The post سفينة المالوف تبحر من قسنطينة : إصدار موسوعي يوثق تراثا موسيقيا عريقا نصوص وسولفاج appeared first on الجزائر الجديدة.