ميلاد النّور.. وبدايات الحقد اليهوديّ!
في أيام الولادة المباركة، كان اليهود في يثرب ينتظرون ظهور نجمٍ في السّماء يرافق ميلاد نبيّ آخر الزّمان، وكانوا قبلها يستفتحون على المشركين في يثرب ويقولون لهم: في هذا الزّمان سيولد نبيّ نتبعه ونقاتلكم خلفه وننصر عليكم.. كانوا كذلك حتى كانت تلك الليلة التي تراءى فيه يهودي نجم أحمد فرآه في السماء بازغا: يروي حسان […] The post ميلاد النّور.. وبدايات الحقد اليهوديّ! appeared first on الشروق أونلاين.


في أيام الولادة المباركة، كان اليهود في يثرب ينتظرون ظهور نجمٍ في السّماء يرافق ميلاد نبيّ آخر الزّمان، وكانوا قبلها يستفتحون على المشركين في يثرب ويقولون لهم: في هذا الزّمان سيولد نبيّ نتبعه ونقاتلكم خلفه وننصر عليكم.. كانوا كذلك حتى كانت تلك الليلة التي تراءى فيه يهودي نجم أحمد فرآه في السماء بازغا: يروي حسان بن ثابت –رضـي الله عنه- تلك الواقعة فيقول: “والله إني لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود، حتى إذا اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به”.
فرح اليهود في يثرب بطلوع نجم أحمد، ظنّا منهم أنّ نبيّ آخر الزّمان سيكون منهم، فلمّا اصطفاه الله من غيرهم، بعد ذلك، عادوه وحاربوه وحرّضوا النّاس عليه، كما قال –تعالى-: ((وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الكافرين)).
لقد زاد حقد اليهود على النبيّ الخاتم –عليه الصّلاة والسّلام- حينما هاجر إلى يثرب، والتفّ حوله النّاس وأصبح سيّدها المطاع، وهم الذين كانوا ينتظرون أن يتوّج للسّيادة حليفُهم عبد الله بن أبيّ بن سلول.. ومن يومها بدأ النّفاق وبدأ التحالف بين اليهود والمنافقين، وبلغ حقد اليهود مداه، حينما انتصر المسلمون في بدر، فراح اليهود الحانقون يستفزون المسلمين في المدينة، وبلغ بهم الأمر أنّهم أرادوا امرأة مسلمة على خلع حجابها، فقرر النبيّ الهادي –عليه الصّلاة والسّلام- أن يؤدّبهم ويعلّمهم أنّ أعراض المسلمين فوق المواطنة وفوق كلّ عهد واتّفاق، فكانت غزوة بني قينقاع في السّنة 2 هـ، اضطرّ اليهود بعدها لأن يحنوا رؤوسهم ويستخفوا بمكرهم.. حتى كانت غزوة أحد التي انكسر فيها المسلمون بسبب خيانة المنافقين بقيادة ابن سلول وبتحريض من اليهود، فكانت فرصة اليهود ليخرجوا رؤوسهم مرّة أخرى ويعلنوا عداوتهم للمسلمين، وتبلغ بهم الجرأة أن يحاولوا قتل النبيّ –عليه الصّلاة والسّلام- الذي اتّخذ القرار الحاسم بتأديبهم مرّة أخرى، فكانت غزوة بني النضير في السنة 3 هـ، والتي أُخرج بموجبها يهود بني النضير من المدينة النبوية.. ثمّ حين كانت غزوة الأحزاب، تآمر اليهود مرّة أخرى لتمكين الأحزاب من ديار المسلمين بالمدينة، فكان الردّ حاسما في غزوة بني قريظة في العام 5 هـ.. وهكذا حتّى كان القرار الحاسم بضرب اليهود ضربة قاصمة، تكفّ شرّهم عن الأمّة المسلمة، وتجليهم عن مهد الدّولة الإسلامية، في غزوة خيبر في السّنة 7 هـ.. وتعلّم المسلمون من يومها أنّ اليهود لا تنفع معهم العهود والمواثيق ولا يعترفون بقيم المواطنة، وأنّ الذي يردّهم إلى رشدهم هو القوة وليس غيرها.. ولكنّ بعض المسلمين في القرن الأخير، نسوا هذه الحقيقة، فراحوا يسارعون في اليهود ويبرمون معهم المواثيق والعهود التي لم يجن منها العرب غير الخيبة والخسران!
بالعودة إلى قصّة ميلاد النّور الهادي –صلّى الله عليه وسلّم-، فإنّه حين وُلد أرضعته أمّه آمنة أياما، وأرضعته ثويبة جارية عمّه أبي لهب أياما، ومكث أياما مع أمّه وجارية أبيه أمّ أيمن بركةَ بنت ثعلبة، ثمّ انتقل إلى بادية بني سعد ليتمّ عامين عند المرأة المباركة حليمة السّعدية، التي رأت هي وزوجها من بركات الغلام محمّد ما رأت، في الأرض والمال والأولاد، فترجّت أمّه أن تتركه عامين آخرين عندها، وكان لها ذلك، ومكث الهادي في بادية بني سعد حتى أتمّ أربع سنين، ثمّ عاد إلى أمّه التي كانت تعدّ الأيام والليالي ليعود إليها نورها وفلذة كبدها، ولولا الجدب الذي أصاب مكّة في تلك الأعوام ما كانت لتتركه يفارقها طرفة عين.
وعندما بلغ النّور الهادي –عليه الصّلاة والسّلام- السادسة من عمره، رأت أمه أن تزور وإياه أخوال أبيه من بني النجار في يثرب، ليراهم ويروه، فأقامت بيثرب شهرا من الزمان، ورأى محمّد –صلّى الله عليه وسلّم- قبر أبيه، وحُفرت ذكريات تلك الرحلة في ذاكرته، حتى إنه بعد 47 سنة من ذلك حين بُعث وهاجر إلى المدينة، رأى حصنا لعدي بن النجار فعادت به ذاكرته إلى الوراء، فقال –صـلى الله عليه وسلم-: “كنت مع غلمان من أخوالي نطيّر طائرا كان يقع عليه”، ونظر –صـلى الله عليه وسلم- إلى دار النابغة فقال: “هاهنا نزلت بي أمي، وفي هذه الدار قبر أبي عبد الله بن عبد المطلب”، ثمّ قال: “وأحسنتُ العوم في بئر بني عدي بن النجار، وكان قوم من اليهود يختلفون ينظرون إليّ”. قالت أم أيمن: “فسمعت أحدهم يقول: هو نبي هذه الأمة، وهذه دار هجرته”. وهنا عندما كان النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- في السّادسة من عمره في زيارة إلى يثرب، عرفه بعض اليهود بخاتم النبوة في كتفه الأيسر، وأسقط في أيديهم أنّه ليس منهم، ومع ذلك ظلّوا ينتظرون ويأملون أن يكون الأمر على ما يتمنّون.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post ميلاد النّور.. وبدايات الحقد اليهوديّ! appeared first on الشروق أونلاين.