إنها حرب دينية بقيادة يهودية نصرانية ولَكِنَّ قومنا يتجاهلون
أ.د حجيبة أحمد شيدخ/ ما الذي يمكن أن نقدمه لغزة، ونحن أمة ضعيفة، لم نستفد من دروس التاريخ ـ بل ما يحدث الآن على المكشوف من تواطؤ بعض الدول العربية مع العدو الصهيوني بالتطبيع والمساعدات المادية يجعلنا في حيرة من أمرنا، لم يحدث أبشع منه في التاريخ، كيف يمكن لحكام بلاد إسلامية الوقوف إلى جانب …

أ.د حجيبة أحمد شيدخ/
ما الذي يمكن أن نقدمه لغزة، ونحن أمة ضعيفة، لم نستفد من دروس التاريخ ـ بل ما يحدث الآن على المكشوف من تواطؤ بعض الدول العربية مع العدو الصهيوني بالتطبيع والمساعدات المادية يجعلنا في حيرة من أمرنا، لم يحدث أبشع منه في التاريخ، كيف يمكن لحكام بلاد إسلامية الوقوف إلى جانب مغتصبي بقاع من بلادهم، وهي من البقاع المقدسة؟ ما السر في هذا الخذلان والذل، وقد تعلمنا أن الإسلام أعزنا ورفع من قدرنا؟
قتل الإنسان ما أكفره، كيف يمكن أن ينحط إلى هذه الدرجة من السفالة، وهو يرى الموت أمام عينيه صباحا مساء؟ لا يمكن أن نتصور تهورا من الإنسان بطريقة الإجرام الصهيوني إلا إذا كان منبعثا من عقيدة قوية تدفعه إلى ذلك. وهذا ما عبر عنه (النتن) الأيام السابقة بإظهار سعادته بأنه يحقق أمرا دينيا ورد في نصوص كتابهم المدنس بأيديهم النجسة. والذي بشرهم بأرض الميعاد، التي عبر عنها بـ: «إسرائيل الكبرى»، الواقعة حسب مزاعم الشعب المحتار في منطقة الشرق الأوسط، وتشمل أجزاء من مصر، وفلسطين، ولبنان، وسوريا والأردن. فصرح بأنه في مهمة تاريخية وروحية، وأنه مرتبط جداً برؤية إسرائيل الكبرى. ولم يكن تصريحا عفويا بل كان مقصودا.
جاء هذا الكلام في وقت يشهد فيه العالم أسوأ مناظر الإبادة والتجويع عبر التاريخ، وهو يتحدث بكل راحة من منطلق القوة والجبروت التي أكسبته أياها الإدارة الأمريكية والمطبعون العرب. ويرى بعض المحللين أن السبب في التصريح بهذا حاليا، يهدف إلى تحويل الأنظار عما يحدث من إبادة في غزة، وشغل الرأي العام عنه. وإرضاء للائتلاف الصهيوني، اليميني المتطرف، وطمأنة له بالسير في تحقيق مشاريعه، ومحاولة من النتن لاستعادة شعبيته بسبب عدم قدرته على تحقيق الانتصار في غزة.
وإذا لم يكن هذا الوقت المناسب لتأديب النتن وأتباعه، فمتى سيغضب العرب من الصهاينة؟ إن التصريحات والتنديد الكلامي بالتجربة، لم يعد إلا مثارا للسخرية من طرف الصديق والعدو؟ أليست هذه الفرصة المناسبة لإعادة تقييم اتفاقيات التطبيع و تجميدها، وفرض الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية للحد من هذه النزعة الاستدمارية الصهيونية؟ أم أن العرب لضعفهم استساغوا الإذلال والإهانات والتنازلات؟
إن هذه الحرب كما قال كبار علماء المسلمين، كالغزالي والشعراوي… يديرها النصارى واليهود، وما كان يمكن أن يجرأ اليهود على العرب والمسلمين لولا السلاح الفرنسي والانجليزي والأمريكي، والدافع لهؤلاء جميعا هو اجتثاث الإسلام والقضاء عليه. إنها حرب دينية، لا يخفى ذلك إلا على محاربي الإسلام تجاهلا للحقائق، ولا يمكن الانتصار عليها إلى بعقيدة دينية. لماذا لا يفهم حكام المسلمين الخطابات المتكررة من حكام الغرب والصهاينة التي يطلقونها من منابرهم وكنائسهم ومعابدهم في مناسبات مختلفة متباهين بدياناتهم المحرفة، وفرحهم بمباركة الإله عندهم بانتصاراتهم، ويحاربون أبناء شعوبهم الذين يتمسكون إلى دينهم؟
لماذا أصبح عدل الإسلام ومحاربته للظلم والفساد في الأرض مخيفا للمسؤولين في بلاد الإسلام؟ إن هذه العروش ستؤول إلى الزوال بحماس وبالإسلاميين أو بغيرهم، وسيسجل التاريخ أن مدينة صغيرة، قهرت جبروت الطغاة وجعلتهم في حيرة من أمرهم، فدججوا كل وسائل الإجرام للقضاء عليها، لا لشيء إلا لأنها مدينة أرادت أن يكون الإسلام حكمها، ولأنها كسرت كبرياء عتاة الأرض في زماننا، وفضحت النفاق والكذب الذي يعيش عليه العالم.
إن الحرب على غزة وفلسطين حرب على الدين، اشترك فيها الأعداء، والإخوة الخونة، لأنهم يرون في حماس الإسلام الحقيقي، وهم بحربهم عليها ينقلون رسالة رعب لمن يتبنى الإصلاح بالمنهج الإسلامي. ولكن الله وعد بالتمكين لدينه. وإن كانت الصورة التي نشاهدها مظلمة ومؤلمة ومستفزة للكرامة الإنسانية فلعل المسلمين يبعثون من جديد، ويستعيدون مجدهم، إذا تخلوا عن الخرافات واتخذوا أسباب النهوض، وفهموا أن سنن الله في الحياة لا تحابي أحدا.