الأسرة الجزائرية في مهب عاصفة سيداو

د. محمد الأمين مقراوي/ تعد اتفاقية سيداو الدولية التي تبنتها الأمم المتحدة عام 1979 أخطر استراتيجية دولية في مجال تفكيك القيم الاجتماعية المتعارف عليها بين العالمين؛ بما تحويه من قوانين مناقضة لهوية المجتمع الإنساني؛ خاصة مجتمعات أهل الكتاب؛ أي: الأمّة الإسلاميّة، والأمّة النّصرانية، والأمّة اليهوديّة. تنطلق اتفاقية سيداو من مبدأ خاطئ، مناقض لما عرفته البشرية …

سبتمبر 2, 2025 - 16:05
 0
الأسرة الجزائرية في مهب عاصفة سيداو

د. محمد الأمين مقراوي/

تعد اتفاقية سيداو الدولية التي تبنتها الأمم المتحدة عام 1979 أخطر استراتيجية دولية في مجال تفكيك القيم الاجتماعية المتعارف عليها بين العالمين؛ بما تحويه من قوانين مناقضة لهوية المجتمع الإنساني؛ خاصة مجتمعات أهل الكتاب؛ أي: الأمّة الإسلاميّة، والأمّة النّصرانية، والأمّة اليهوديّة. تنطلق اتفاقية سيداو من مبدأ خاطئ، مناقض لما عرفته البشرية منذ آدم -عليه السلام- إلى غاية اليوم؛ حيث تؤسس لاستراتيجيتها عبر اعتماد مقاربة تساوي بين الرجل والمرأة مساواة مطلقة؛ تعتبر أي انفراد للرجل بحكم معين شكلا من أشكال التمييز ضد المرأة، وتغلفه بغلاف المظلومية؛ لذلك تلزم الدّول المصدقة عليها بإزالة القوانين الأسريّة التي لا تتلاءم مع جوهر سيداو. تهدف اتفاقية سيداو إلى إحداث تغييرات جذرية في بنية المجتمعات البشرية؛ لغرض عولمة النّموذج الغربي، وجعله الشّكل النهائيّ للمجتمعات التي لا يزال الدّين عنصرا أساسيّا في تكوينها وهويّتها، مثل: مجتمعات العالم الإسلاميّ، والهند والاتحاد الروسي ودول شرق آسيا. من بين الأهداف التي تعمل سيداو على تحقيقها: – إحداث تحول اجتماعي راديكالي في الجزائر في مجال القيم العائلية؛ يشبه عملية تجريف عنيفة لا تراعي هويته الحضارية. – من بين التحولات التي تريد تحقيقها سيداو في المجتمع الجزائري: تحويل المجتمع من النموذج الأبيسي (سلطة الأب) إلى النموذج الأميسي (سلطة الأم)، وهذا مخالف للفطرة التي خلق الله عليها الإنسان، ومصادم لمنطوق القرآن الكريم، ومناقض للهدي النّبويّ في مجالات: التشريع والقضاء في مجاليّ الأسرة والمجتمع. – بسط المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، وتمهد سيداو لذلك بعدة ممهدات، منها: شيطنة قيم الأبوّة والزوجيّة، مع ترسيخ مظلوميّة الزّوجة والبنت والأخ كهولوكوست يمنع الاقتراب منه أو مناقشته. – إنّه وبالنّظر إلى تجارب الدّول التي سبقتنا في هذه التّجارب: فإنّ الهدف الأخير هو تفكيك بنية المجتمع، ليصل إلى مرحلة يتوقف فيها التمييز بين الذّكر والأنثى عقليّا وبيولوجيّا؛ ما يعني انهيار أرضيّته الصّلبة. لاحقا؛ لن تبقى هناك حاجة للحديث عن قيم الأسرة (المودّة والرّحمة) والقوامة وتكامل الأدوار؛ حيث يدخل جنس الرّجال وجنس النّساء في حالة من الصّراع والصّدام؛ يتضرّر بسببها مشروع الزّواج وبناء الأسر، ويلحق بالأطفال ضرر كبير؛ بفعل انتشار الطّلاق أكثر ممّا هو منتشر الآن. إنّ التّوجه الغربيّ عبر أداته الأمضى: اتفاقيّة سيداو؛ يسعى إلى ترسيخ هُويّة جمعية (النّموذج الكليّ الواحد للبشريّة) وهو مخالف للوحي الذي يبني هُويّة فرديّة تخدم داخل هويّة جماعيّة واسعة، بينما التوجّه الغربيّ يضع هويّة جمعيّة أولا ثمّ يطلب من الأفراد اعتناقها. إن نجح المشروع ووصل إلى الفردانية المطلقة للمرأة، وغيّر قانون الأسرة ومواده كما حدث في عدة دول ومجتمعات، فإنّ الأسرة ستواجه عواصف شديدة في مجال: قيم العائلة، وإن حصل ذلك؛ فإنّ الأمن القوميّ للبلاد يصبح مهددا تهديدا وجوديّا؛ لأنّ العائلة هي إسمنت المجتمع والجبل الذي يجعل المجتمع راسخا مستقرا. إن الهدف الأخير لاتفاقية سيداو سلخ العالم عامّة والعالم العربيّ والإسلاميّ من القيم (المضادة للهيمنة الثقافية للغرب) ليسهل التحكم بمجتمعاته التي ستصبح مجتمعا معولما وفق قالب واحد خادم للرأسمالية والصهيونية. لهذا ندعو المجتمع الفاعل من النخب والعلماء والفقهاء والباحثين والمصلحين وأئمة المساجد والمربين والأساتذة والمعلمين، أن يلعبوا دورهم في توعية المسؤولين بضرورة الحفاظ على أحكام الشريعة الإسلامية في الجزائر، وأن يمارسوا دورهم في مرافقة المجتمع في هذه الظروف المهددة لهويته الحضارية؛ بتوعيته بمخاطر العيش على غير هدي محمد -عليه الصلاة والسلام- في المجال الأسري والمجتمعي إنّ القيم التي عاش بها المجتمع الجزائري المسلم لقرون طويلة؛ هي التي جعلته يحافظ على الهوية والجغرافيا رغم قساوة الاحتلال الفرنسي الذي لم يستطع هزيمة الأمة الجزائرية على الرغم من طول بقائه الذي ناهز 132 سنة.