الجزائر ورقة روما الإستراتيجية ..

إيطاليا تقود المصالحة الاقتصادية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي تسعى إيطاليا إلى لعب دور الوسيط الفعّال لإعادة إطلاق العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، مستندةً إلى روابطها الثنائية القوية مع الجزائر ورؤيتها الاستراتيجية لتحويل منطقة البحر الأبيض المتوسط إلى فضاء للتعاون والنمو المشترك. وتأتي هذه المبادرة في ظل تحولات إقليمية ودولية تتطلب شراكات أكثر توازنًا وشمولًا، حيث …

يوليو 23, 2025 - 17:02
 0
الجزائر ورقة روما الإستراتيجية ..

إيطاليا تقود المصالحة الاقتصادية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي

تسعى إيطاليا إلى لعب دور الوسيط الفعّال لإعادة إطلاق العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، مستندةً إلى روابطها الثنائية القوية مع الجزائر ورؤيتها الاستراتيجية لتحويل منطقة البحر الأبيض المتوسط إلى فضاء للتعاون والنمو المشترك.

الجزائر ورقة روما الإستراتيجية ..
الجزائر ورقة روما الإستراتيجية ..

وتأتي هذه المبادرة في ظل تحولات إقليمية ودولية تتطلب شراكات أكثر توازنًا وشمولًا، حيث ترى روما في الجزائر شريكًا محوريًا في مستقبل المنطقة.

وفي سياق التحولات الجيوسياسية والاقتصادية الإقليمية، برزت إيطاليا كمحرك نشط يسعى إلى تعزيز علاقات الجزائر بالاتحاد الأوروبي، في خطوة تنم عن رغبة روما في لعب دور محوري بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، وجعلها فضاءً للتعاون لا للصراع.

إيطاليا.. جسر بين الجزائر وأوروبا

إيطاليا.. جسر بين الجزائر وأوروبا
إيطاليا.. جسر بين الجزائر وأوروبا

خلال كلمته في افتتاح منتدى الأعمال الجزائري الإيطالي، أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، أن إيطاليا تسعى إلى ترسيخ شراكة ملموسة وشاملة مع الجزائر، معتبرا المنتدى “فرصة ثمينة لتعزيز الحوار الاقتصادي”، ومشدداً على التزام بلاده بدفع العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي نحو أفق أوسع وأكثر توازناً.

وقال تاياني: “نريد أن يكون البحر الأبيض المتوسط بحرًا للتجارة، لا مقبرة للمهاجرين”، مؤكداً أن روما ستلعب دور “أفضل جسر ممكن” لتجاوز العقبات التي تعرقل العلاقة بين الجزائر وبروكسل.

“شراكة 2005 على طاولة التعديل… والجزائر تغيّر قواعد اللعبة”

لطالما كانت العلاقات الجزائرية الأوروبية محكومة باتفاق الشراكة الموقع عام 2005، والذي يغطي مجالات متعددة من السياسة والاقتصاد إلى الهجرة والبيئة. غير أن الجزائر، بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون، أعلنت نيتها مراجعة هذا الاتفاق انطلاقاً من 2025، انسجاماً مع التطورات الاقتصادية التي عرفتها البلاد.

وقد أكد الرئيس تبون أن الاتفاق وُقّع في فترة كانت فيها الجزائر تعتمد بشكل شبه كلي على المحروقات، بينما باتت اليوم تملك قاعدة إنتاجية تشمل الفلاحة، المعادن، المنتجات الغذائية، وحتى الصناعات التحويلية والكهرومنزلية، ما يجعل مراجعة الاتفاق ضرورية لتحقيق مبدأ “رابح-رابح”.

دور إيطاليا كحليف اقتصادي وشريك موثوق

بلغ حجم التبادل التجاري بين الجزائر وإيطاليا 14 مليار يورو في 2024، ما يعكس حجم التعاون المتنامي بين الطرفين. تاياني أشار إلى أن بلاده، بفضل نسيجها المتنوع من الشركات الصغيرة والمتوسطة، تمثل الشريك المثالي لمرافقة جهود الجزائر في تنويع اقتصادها.

المنتدى الذي جمع أكثر من 500 رجل أعمال من البلدين، جاء برعاية الوكالة الإيطالية للتجارة الخارجية “آيس”، واتحاد الصناعات الإيطالية “كونفيندوستريا”، ومجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، في إشارة إلى رغبة متبادلة في تعميق أواصر التعاون الثنائي.

مليار يورو حجم التبادل بين الجزائر وإيطاليا
مليار يورو حجم التبادل بين الجزائر وإيطاليا

“14 مليار يورو حجم التبادل بين الجزائر وإيطاليا”

تاياني أوضح أن التزام بلاده تجاه الجزائر ليس آنياً ولا فردياً، بل مهيكل ضمن خطة واقعية تشمل الأبعاد السياسية والدبلوماسية أيضًا. وقال إن إيطاليا تدعم “السلام، الوقاية من النزاعات، والمشاريع المشتركة”، مشيراً إلى توقيع نحو ثلاثين اتفاقية، ما يبرز عمق ومتانة الشراكة.

كما شدد على أهمية تطوير مشاريع في مجالات البيئة، الرقمنة، البنية التحتية والربط الرقمي، معتبرًا الكابلات البحرية “طرقًا سريعة نحو المستقبل”، ومؤكداً على اهتمام بلاده بالمشاركة في مشروع IMEC الاستراتيجي الذي يربط آسيا بأوروبا عبر إفريقيا.

رسالة سياسية للاتحاد الأوروبي.. الجزائر ورقة روما الاستراتيجية

يأتي إصرار إيطاليا على لعب دور فاعل في إعادة إطلاق العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي ضمن رؤية دبلوماسية أوسع تهدف إلى ترسيخ موقعها كقوة توازن داخل الاتحاد الأوروبي. فإيطاليا، التي تدرك أهمية الاستقرار في جنوب المتوسط، ترى في الجزائر شريكًا موثوقًا يمكن الاعتماد عليه لتهدئة التوترات الإقليمية وتعزيز التنمية الاقتصادية المشتركة.

هذا الدور لا يقتصر فقط على تسهيل الحوار بين الجزائر ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، بل يشمل أيضًا جهود روما في الدفاع عن شراكة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وتعتبر إيطاليا أن إعادة تفعيل العلاقة الجزائرية الأوروبية من شأنها أن تسهم في خلق فضاء متوسطي متماسك ومتعاون، يخدم الأمن الطاقوي والتجاري لأوروبا ويستفيد من الديناميكية الاقتصادية التي تعرفها الجزائر.

تطابق الرؤى بين وزيري خارجية الجزائر، أحمد عطاف، ونظيره الإيطالي أنطونيو تاياني، بشأن ضرورة توسيع الشراكة السياسية والاقتصادية، يعزز موقع روما كوسيط موثوق قادر على مدّ جسور جديدة بين شمال وجنوب المتوسط. ويبدو أن هذا التوافق ليس مجرد مواقف دبلوماسية، بل تعبير عن تحالف استراتيجي آخذ في التشكل، مبني على المصالح المتبادلة والفرص المشتركة.

رهان استراتيجي بمنافع متبادلة

ويبدو أن المسعى الإيطالي ليس مجرد مبادرة دبلوماسية، بل هو رهان استراتيجي على بلد يشهد تحولاً اقتصاديًا جذريًا ويملك موقعًا جغرافيًا حيويًا. أما الجزائر، فتجد في روما شريكاً أوروبياً مرناً ومتفهمًا، قادرًا على الدفاع عن مصالحها داخل أروقة الاتحاد الأوروبي.

ومع اقتراب موعد مراجعة اتفاق الشراكة، تبدو الفرصة سانحة لإرساء نموذج جديد من التعاون المتكافئ، يكون فيه الاقتصاد محفزاً، والدبلوماسية ضامناً، والتنمية هدفاً مشتركاً بين الجزائر، إيطاليا، وبقية دول الاتحاد الأوروبي.