المغرب: فشل سياسات المخزن يدفع الأطفال إلى الهجرة القسرية

الرباط - يستمر المغرب في التنصل من مسؤولياته تجاه فئة القاصرين الذين يجبرون على الهجرة نحو سبتة و مليلية, في مشهد يفضح هشاشة السياسات الاجتماعية وفشل الدولة في تأمين الحد الأدنى من الحماية والرعاية لأطفاله. وأفادت وسائل إعلام إسبانية, من بينها "الفارو دي سبتة" (منارة سبتة), بأنه في الوقت الذي تسجل فيه موجات متكررة من اقتحامات جماعية لمعابر المدينتين, كما حدث نهاية الأسبوع الماضي, تكتفي السلطات المغربية بسياسة الصمت أو التملص من المسؤولية, تاركة الأطفال يواجهون مصيرا غامضا بين أمواج المتوسط وأسوار مراكز الإيواء في الضفة الأخرى. وكشفت الصحيفة عن عملية ترحيل شملت 27 قاصرا مغربيا من مدينة سبتة نحو مناطق إسبانية أخرى, وذلك في إطار خطة استعجالية لمواجهة الاكتظاظ الخانق داخل مراكز الاستقبال, التي تجاوز عدد المقيمين فيها خمسة أضعاف قدرتها القانونية. ويعكس هذا الوضع --تضيف الصحيفة ذاتها-- ليس فقط عجز السلطات المغربية عن وقف تدفق القاصرين نحو أوروبا, بل أيضا تخليها التام عن مسؤولية تأطير هذه الفئة العمرية الهشة, التي يفترض أن تحظى بأولوية قصوى في السياسات العمومية, بدل دفعها نحو خيار الهروب والمجهول. ولم تكن هذه المحاولة هي الأولى من نوعها, بحسب صحيفة "اوروبا جنوب", بل تأتي ضمن موجة متكررة من الهجرات القسرية, دفعت السلطات الإسبانية إلى إعلان حالة استنفار قصوى, في ظل أكبر محاولة تسلل جماعي هذا الصيف. في هذا السياق, دعا باحثون في قضايا الهجرة, على غرار الدكتور خالد مون, إلى ضرورة مساءلة الدولة المغربية عن فشل سياساتها تجاه الشباب, مشيرا إلى أن استمرار هذه الظاهرة يعد مؤشرا خطيرا على غياب مشاريع بديلة حقيقية, سواء في التعليم أو التشغيل أو التكوين المهني. وأشار في تصريح صحفي إلى أن "الهجرة الجماعية للقاصرين ليست فقط مأساة إنسانية, بل إهانة توجه إلى مؤسسات الدولة التي لم تفلح في احتضان أبنائها", مضيفا بالقول : "هنا تتجلى المفارقة الكبرى: دولة تغرق شبابها في اليأس والفقر, وتنتظر من جيرانها أن يتحملوا مسؤولية ما أنجبته السياسات الداخلية الفاشلة". أما الصحفي حسن بن طالب, فقد أشار في تصريح إلى أن الاكتظاظ بمراكز الاستقبال يعود كل صيف, دون أن تتحرك الدولة المغربية لوضع حد لهذه الكارثة الموسمية, مكتفية بدور المتفرج, معتبرا أن "الحل ليس في توزيع القاصرين على المدن الإسبانية, بل في منع تهجيرهم من الأصل عبر حلول جذرية تبدأ من الداخل". وأضاف أن السلطات المغربية تحاول التهرب من مسؤوليتها عبر تسويق خطاب يحمل الأسر الفقيرة كامل المسؤولية عن هجرة أبنائها, متناسية أن تدهور الخدمات العمومية وتفشي البطالة وانعدام الأفق, كلها عوامل تدفع هؤلاء القصر إلى المغامرة بحياتهم بحثا عن كرامة مفقودة.

يوليو 29, 2025 - 20:09
 0
المغرب: فشل سياسات المخزن يدفع الأطفال إلى الهجرة القسرية

الرباط - يستمر المغرب في التنصل من مسؤولياته تجاه فئة القاصرين الذين يجبرون على الهجرة نحو سبتة و مليلية, في مشهد يفضح هشاشة السياسات الاجتماعية وفشل الدولة في تأمين الحد الأدنى من الحماية والرعاية لأطفاله.

وأفادت وسائل إعلام إسبانية, من بينها "الفارو دي سبتة" (منارة سبتة), بأنه في الوقت الذي تسجل فيه موجات متكررة من اقتحامات جماعية لمعابر المدينتين, كما حدث نهاية الأسبوع الماضي, تكتفي السلطات المغربية بسياسة الصمت أو التملص من المسؤولية, تاركة الأطفال يواجهون مصيرا غامضا بين أمواج المتوسط وأسوار مراكز الإيواء في الضفة الأخرى.

وكشفت الصحيفة عن عملية ترحيل شملت 27 قاصرا مغربيا من مدينة سبتة نحو مناطق إسبانية أخرى, وذلك في إطار خطة استعجالية لمواجهة الاكتظاظ الخانق داخل مراكز الاستقبال, التي تجاوز عدد المقيمين فيها خمسة أضعاف قدرتها القانونية.

ويعكس هذا الوضع --تضيف الصحيفة ذاتها-- ليس فقط عجز السلطات المغربية عن وقف تدفق القاصرين نحو أوروبا, بل أيضا تخليها التام عن مسؤولية تأطير هذه الفئة العمرية الهشة, التي يفترض أن تحظى بأولوية قصوى في السياسات العمومية, بدل دفعها نحو خيار الهروب والمجهول.

ولم تكن هذه المحاولة هي الأولى من نوعها, بحسب صحيفة "اوروبا جنوب", بل تأتي ضمن موجة متكررة من الهجرات القسرية, دفعت السلطات الإسبانية إلى إعلان حالة استنفار قصوى, في ظل أكبر محاولة تسلل جماعي هذا الصيف.

في هذا السياق, دعا باحثون في قضايا الهجرة, على غرار الدكتور خالد مون, إلى ضرورة مساءلة الدولة المغربية عن فشل سياساتها تجاه الشباب, مشيرا إلى أن استمرار هذه الظاهرة يعد مؤشرا خطيرا على غياب مشاريع بديلة حقيقية, سواء في التعليم أو التشغيل أو التكوين المهني.

وأشار في تصريح صحفي إلى أن "الهجرة الجماعية للقاصرين ليست فقط مأساة إنسانية, بل إهانة توجه إلى مؤسسات الدولة التي لم تفلح في احتضان أبنائها", مضيفا بالقول : "هنا تتجلى المفارقة الكبرى: دولة تغرق شبابها في اليأس والفقر, وتنتظر من جيرانها أن يتحملوا مسؤولية ما أنجبته السياسات الداخلية الفاشلة".

أما الصحفي حسن بن طالب, فقد أشار في تصريح إلى أن الاكتظاظ بمراكز الاستقبال يعود كل صيف, دون أن تتحرك الدولة المغربية لوضع حد لهذه الكارثة الموسمية, مكتفية بدور المتفرج, معتبرا أن "الحل ليس في توزيع القاصرين على المدن الإسبانية, بل في منع تهجيرهم من الأصل عبر حلول جذرية تبدأ من الداخل".

وأضاف أن السلطات المغربية تحاول التهرب من مسؤوليتها عبر تسويق خطاب يحمل الأسر الفقيرة كامل المسؤولية عن هجرة أبنائها, متناسية أن تدهور الخدمات العمومية وتفشي البطالة وانعدام الأفق, كلها عوامل تدفع هؤلاء القصر إلى المغامرة بحياتهم بحثا عن كرامة مفقودة.