بعد خسارة “فاغنر”.. هل يعود غويتا إلى جادة الصواب؟
تشكل مغادرة ميلشيا “فاغنر” الروسية مالي، ضربة موجعة للنظام الانقلابي في باماكو برئاسة أصيمي غويتا، الذي راهن منذ وصوله إلى السلطة عبر انقلاب عسكري، على الاحتماء بهذه الميلشيا في الدفاع عن القصر الرئاسي، وكذا الاستعانة بها في قمع جزء من الشعب المالي، وهي الحركات الأزوادية في الشمال وحاضنتها الشعبية. ولم تكن هذه المغادرة طوعية، كما […] The post بعد خسارة “فاغنر”.. هل يعود غويتا إلى جادة الصواب؟ appeared first on الجزائر الجديدة.

تشكل مغادرة ميلشيا “فاغنر” الروسية مالي، ضربة موجعة للنظام الانقلابي في باماكو برئاسة أصيمي غويتا، الذي راهن منذ وصوله إلى السلطة عبر انقلاب عسكري، على الاحتماء بهذه الميلشيا في الدفاع عن القصر الرئاسي، وكذا الاستعانة بها في قمع جزء من الشعب المالي، وهي الحركات الأزوادية في الشمال وحاضنتها الشعبية.
ولم تكن هذه المغادرة طوعية، كما يحاول البعض الإيحاء بذلك، ولكنها أعقبت ضربات قاتلة تعرضت علها على أيدي الحركات الأزوادية في الشمال، التي تطالب بنصيبها من الثروة والتنمية، وكذا حقها في تولي المسؤوليات على غرار بقية سكان جنوب هذا البلد الفقير والمأزوم بسبب القلاقل الأمنية والسياسية التي تأبى التوقف.
وعكس ما ذهبت إليه ميلشيا “فاغنر” من أنها أكملت مهمتها بنجاح، وقاتلت بجانب الجيش النظامي، ومكنته من استعادة السيطرة على مناطق واسعة من البلاد، وتحييد عدد من قادة التنظيمات التي تحارب الجيش النظامي المدعوم من قبل هذه الميلشيا الخارجة عن القانون، فإن هذا الانسحاب يشكل إعلان فشل المهمة التي جاءت من أجلها، فإلى غاية اليوم لا يزال الجيش المالي يتعرض لهجومات قاتلة في مختلف مناطق مالي، بحيث لم يعد الأمر يقتصر على مناطق تواجد الحركات الأزوادية في الشمال والشمال الشرقي، بل امتد حتى إلى المناطق الغربية التي كانت تعتبر آمنة نسبيا.
ويمكن القول إن السلطات الروسية التي زادت الوضع تعقيدا في منطقة الساحل، بتدخلها غير الشرعي وغير المقبول، وتغذيتها للصراع، تخلت عن حليفها النظام الانقلابي في باماكو برئاسة أصيمي غويتا، في وقت كان في أم الحاجة إلى هذه المؤازرة التي لم تجلب له ولبلاده الأمن والاستقرار كما حاول في البداية تسويق هذا التحالف، الذي لم يكن أبدا في صالح الشعب المالي، لأن ظاهرة كان الدعم العسكري للنظام الانقلابي، في حين أن الباطن كان غير ذلك، وهو سرقة ثروات الشعب المالي من الذهب، مقابل حماية طغمة انقلابية من شعبها، غير قادرة على الاستمرار.
وأيا كانت التبريرات التي ساقتها القيادة الروسية، التي سارعت إلى نفي الأخبار التي تتحدث عن الانسحاب الروسي الكامل من مالي، من خلال الترويج للإبقاء على ما يعرف بـ “الفيلق الإفريقي”، الذي يتمركز في ليبيا، وهو كلام يبقى محل مغالطات وشكوك، لأن التسمية لا تهم بقدر ما يهم المضمون، فسواء كانت ميليشيا “فاغنر” أو “الفيلق الإفريقي”، فكلاهما خاضعان للجيش الروسي بشكل كامل، منذ تصفية مؤسس “فاغنر”، يفغيني بريغوجين، في عملية غامضة، في 23 أوت 2023، اعتبرها بعض المراقبين، انتقاما منه على التمرد الذي قاده ضد بلاده في جوان من السنة ذاتها، في وقت كان الجيش الروسي يخوض معارك طاحنة من أجل السيطرة على مناطق وأقاليم في أوكرانيا.
ومن شأن هذا التطور الذي يأتي في غير صالح السلطات الانقلابية في باماكو، أن يهز أركان أصيمي غويتا وفريقه الحاكم، لأنه فقد الذراع العسكري التي كان يبطش بها ضد أبناء شعبه في الشمال، الذين حولها في لحظة من الجنون، إلى إرهابيين بعدما سبق للسلطات الشرعية في مالي أن تفاوضت معهم في الجزائر برعاية هيئة الأمم المتحدة في سنة 2015.
علي. ب
The post بعد خسارة “فاغنر”.. هل يعود غويتا إلى جادة الصواب؟ appeared first on الجزائر الجديدة.