خروجٌ سياسي تحسُّبا لدخول اجتماعي
ككلّ سنة، ومنذ سنوات طوال، طالما كنا نشهد دخولا اجتماعيا حارا بفعل الطبيعة، ولكن أكثر بفعل البشر: حرائق طبيعية صيفا، أكثرها أعمال إجرامية، تحرّكها مصالح خاصة نفعية وتخريبية ذات امتدادات خارجية، الهدف منها تحريك الثبات وخلط الأوراق، وتأزيم الوضع لحاجة في نفوس سياسية، الغاية تبرَّر فيها الوسيلة، ولو بحرق الشجر والبشر والبهائم والحرث والنسل. كما […] The post خروجٌ سياسي تحسُّبا لدخول اجتماعي appeared first on الشروق أونلاين.


ككلّ سنة، ومنذ سنوات طوال، طالما كنا نشهد دخولا اجتماعيا حارا بفعل الطبيعة، ولكن أكثر بفعل البشر: حرائق طبيعية صيفا، أكثرها أعمال إجرامية، تحرّكها مصالح خاصة نفعية وتخريبية ذات امتدادات خارجية، الهدف منها تحريك الثبات وخلط الأوراق، وتأزيم الوضع لحاجة في نفوس سياسية، الغاية تبرَّر فيها الوسيلة، ولو بحرق الشجر والبشر والبهائم والحرث والنسل.
كما تعوّدنا أيضا حدوث اضطرابات وندرة بسبب المضاربة، بهدف زعزعة الثقة في القرارات السياسية وخلق التذمر في الأوساط الشعبية. كما رأينا حالات تدل على عمل سري تقوم به أيادي وأرجل وأذناب مصالح خفية داخلية وخارجية وتتمثل في إحداث أجواء من الخوف والاضطراب والقلق وحالة عدم استقرار عبر نشر البلبلة والإشاعات وتكبير أحداثها وتنميطها اجتماعيا وسياسيا، وخلق حالات ترهيب وإرباك كمحاولات اختطاف أطفال أو وخزهم بإبر أو ما إلى ذلك من وسائل إفزاع المواطنين عند أي دخول اجتماعي ومدرسي، مخططات تعودنا عليها طويلا، حتى إنها أصبحت لسنوات طوال تتكرّر كل سنة كما لو كانت أحداثا طبيعية عادية، مع أن الكل بات يعرف أنه لا نار من دون دخان وأن كل عمل، مُعَدٌّ له سلفا من طرف جهات باتت اليوم معروفة ومحسوبة على مخابر أجنبية في الضفة الأخرى، بتنفيذ أياد داخلية مأجورة ومهيَّأة مسبقا.
جرت تنقية كثير من الأجواء الخفية والعلنية، بفعل عمل لا يزال متواصلا وحثيثا وعلى قدم وساق، وتمكّنت مصالحنا الأمنية من تفكيك كثير من هذه البؤر التي تقف وراء هذه الظواهر المفتعلة طبيعيا أو تنظيميا، مع ذلك، يُنتظر أن تقوم الدولة بالكثير لاجتثاث ما تبقى من الطحالب والأعشاب الضارة التي تعيق وتشوش على مسار التنمية والذي يخضع منذ ست سنوات لتجربة جديدة، محرِّكة للسواكن وجريئة إزاء مغامرات وتداعيات المؤامرات التي لم تنفكّ تتداعى، بل وتزداد شراسة بفعل الضربات التي تلقتها لوبيات الفساد المتغلغل خلال العقدين الماضين في دواليب السياسية والإدارة وفي كل مفاصل الدولة، حتى بات البلد على حافة الانهيار.
تتوالى وبحزم الضربات ضد عملاء الفتن وأيادي الإجرام الاقتصادي والثقافي والأخلاقي والمجتمعي بشكل عامّ، وهذه السياسة في ما يبدو، ستستمر وستزداد قوة وثباتا بفعل إصرار الدولة على المضيِّ قدما في هذا الاتجاه النسقي واجتثاث بقايا عصابات المال الفاسد المرتبطة مصلحيا وعضويا وأحيانا ثقافيا، بالمستعمِر القديم وثقافته ونرجسيته وعنصريته البغيضة تجاه كل ما هو أصيل ونقي في هذا البلد.
هذه السنة، رأينا مشاهد من هذه الأنواع المستفزة للمشاعر، اللاعبة على وتر الهوية والأخلاق والشرف، ولكن أيضا على وتيرة نزع ثقة الشعب بقادته وخلق البلبلة ونشر الإشاعات المغرضة والملفَّقة، بلا ضمير ولا أخلاق: فضاء أزرق تحوَّل إلى سواد بفعل طنين الذباب، وفبركات إعلامية غبية بفعل “الغباء البشري” الذي يراد له ينطلي على الذكاء الاصطناعي. حتى الحرائق، عادت للظهور، لكنها لم تكن بحجم السنوات السابقة وضراوتها، بفعل تأهيل الدولة لآليات الإخماد واقتناء أسطول من طائرات الإطفاء وتنظيم القطاع. جهدٌ ضخم يُبذل، وتقليص الأفعال الإجرامية المخطط لها والمدبَّرة، التي لا تزال تشتغل حتى في وضح النهار، عمل متواصل، لكنه يتطلب وقتا وصبرا، برغم التعب الذي أصاب الفئات الأكثر هشاشة، لأن المرض كان مستشريا في كل المفاصل والعروق، إلى درجة أننا وصلنا إلى حافة الهاوية لولا لطف الله والخيِّرين من أبناء هذا البلد الذين انتشلوه من الغرق الحتمي المراد له أن يحدث بتحريك خارجي سيبقى قائما، ما بقي البلد قائما.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post خروجٌ سياسي تحسُّبا لدخول اجتماعي appeared first on الشروق أونلاين.