سالم الشبوكي [ الشبايكي] .. و مخطوطته «المواهب الفطرية» من رسالة التعليم ومهمة النضال إلى ميدان البناء والتشييد
سمير زمال/ إهتم الكُتّاب و الباحثون في تاريخ الجزائر المعاصر بـدراسة شخصية المجاهد الشاعر محمد الشبوكي صاحب رائعة «جزائرنا» رحمه الله، تعريفا به وتحليلا لديوانه الذي يحوي قصائده وأشعاره، ونحن في مقالنا التالي سنتطرق إلى شخصية تحمل نفس اللقب ولها نفس الأثر ومن نفس العائلة، لكنها لم تنل حقها من التعريف والبيان، ذلكم هو المجاهد …
![سالم الشبوكي [ الشبايكي] .. و مخطوطته «المواهب الفطرية» من رسالة التعليم ومهمة النضال إلى ميدان البناء والتشييد](https://cdn.elbassair.dz/wp-content/uploads/2025/01/%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%B1-%D8%B2%D9%85%D8%A7%D9%841.jpg)
سمير زمال/
إهتم الكُتّاب و الباحثون في تاريخ الجزائر المعاصر بـدراسة شخصية المجاهد الشاعر محمد الشبوكي صاحب رائعة «جزائرنا» رحمه الله، تعريفا به وتحليلا لديوانه الذي يحوي قصائده وأشعاره، ونحن في مقالنا التالي سنتطرق إلى شخصية تحمل نفس اللقب ولها نفس الأثر ومن نفس العائلة، لكنها لم تنل حقها من التعريف والبيان، ذلكم هو المجاهد المثقف الشاعر سالم بن محمد الشبايكي الذي ارتبط مساره وأعماله بشكل مباشر بميدان النضال الوطني، فبالإضافة إلى ممارسته التعليم في مدارس الجمعية، شارك في صفوف جبهة التحرير الوطني وأجهزتها السياسة، وقد كان إعتمادنا على نسخة مخطوطة تُعد الوحيدة مما تركه وخلّفه.
ترجمة موجزة للمؤلف
هو سالم بن محمد الشبايكي من مواليد 1جويلية 1925م بالشريعة – تبسة – هاجر إلى تونس حيث تلقى العلم في نفطة وتوزر حفظ القرآٱن ونهل من مختلف العلوم في فرع معهد الزيتونة، ليلتحق ببعدها بـمدارس الجمعية وانخرط في سلك التعليم ببسكرة ثم أم البواقي بداية من سنة 1946 م إلى حين إندلاع الثورة التحريرية 1954م ليتم تكليفه بمهمة العمل الميداني في الولاية الأولى – المنطقة الرابعة – بالسيوس، اعتقل على إثرها من طرف البوليس الفرنسي ومورس عليه التعذيب، ليتمكن المجاهدون من تهريبه لتونس وتكليفه بمهام في مقر الثورة بحمام الأنف كاتبا للتقارير والمراسلات بحكم معرفته للرقن باللغتين العربية والفرنسية، وبقي هناك لغاية إسترجاع السيادة الوطنية.
بعد الإستقلال أسس مدرسة لتعليم الكتابة على آٱلة الراقنة كانت أول رخصة تمنح في الجزائر المستقلة لمثل هاته المشاريع العلمية، وهكذا واصل حياته معلما وقاضي صبلح بداية من مدينة عين مليلة ثم قسنطينة، لحين عودته لمسقط رأسه بتبسة وتحديدا لبلدة ثليجان سنة 1978م، حيث إنطلق في ممارس مهمة الفلاحة والزراعة كما أسهم في ميدان الإمامة والتعليم القرٱني، و تأسيس مسجد الإصلاح بمدينة الشريعة.
هكذا كان مساره بين التعليم والنضال وخدمة الأرض قبل وأثناء وبعد الإحتلال، لحين وافته المنية بداية الألفية الثانية، عليه رحمة الله.
وصف المخطوطة
جاءت الكراسة متوسطة الحجم في حوالي 112 صفحة، كُتبت بخط يدٍ واضح متناسق وأغلب الظن أنّ محرّرها هو نفسه مؤلفها، اشتملت على واجهة ثم إهداء متبوع بمدخل وقسمين أحدهما للأشعار ذات القافية الحرة وٱآخر خاص بالشعر العمودي الموزون، جاء في ٱآخر صفحة تاريخ صدورها وهو: 18 سبتمبر 1988م، مع الختم الخاص بمؤلفها، مؤكدا على أنها أصلية والتي لا تحمل ختمه فليست معتمدة ويتبرأ منها، من انتاج الشبوكي سالم.
قراءة حول مضمونها
إستهل المؤلف بالتعريف بنفسه مبرزا أهم مراحل حياته، في عنوانين رئيسيين أولهما مساراته التعليمية بداية، ثم أعماله في صفوف الجمعية حيث عمل معلما ومدرسا وفي ثلاث مدارس تابعة لها، ليتطرق لمهامه بعد إلتحاقه بجبهة التحرير الوطني بداية من سنة 1956 ، ليعرج على نشاطه ومساره بعد إسترجاع السيادة الوطنية سنة 1962م، أما العنوان الثاني فتناول حياته الإجتماعية والأسرية وما تعلق بحالته العائلية.
تناول الأستاذ سالم الشبايكي في مقدمة ضافية حول ماهية الشعر وأهميته ومواصفاته والفوارق بين نوعيه الحر والعمودي، معدّدا مزايا كل نوع بلغة معبرة وأسلوب فصيح سلس و بسيط، ليبدأ مشواره في ميدان الشعر من خلال وصف الطبيعة وما يشاهده في رحلاته وتنقلاته في ربوع تبسة حيث زاوج بين الحر والفصيح كقصيدته التي عنونها بـ نونية المطلع والمرجع.
كما عالج مواضيع إجتماعية وسياسية وثقافية مختلفة، كالإنتخابات وما يكون فيها من تجاذبات، وكتب في إحياء المناسبات والذكريات الدينية والوطنية؛ لم تخل كتاباته من النكتة والمدح والذم والشكوى والحسرة والفرح والحنين..، فكتب عن الشيخ العربي ومعركة الحرف ومعانات الفلاح وبيروقراطية الإدارة، شارك في مهرجانات وحضر افتتاح مؤسسات وإدارات، فكتب عنها وخلّد ذكراها بمقاطع شعرية ونصوص شعبية، في مراحل متعددة جمعها صاحبنا بين دفتي كتابه الذي بين أيدينا «المواهب الفطرية للأشعار الشعبية»، في قصائد فاقت 21 قصيدة بين طويلة و موجزة.
نموذج من أشعاره
كتب عن الجمعية ورجالها قصيدة شعبية بالوزن الحر
(اللهجة المحلية) طويلة جاء فيها :
[الحمد للإله ربي اجمعنا
بِالْعِلْمُ وَالتَّعْلِيمَ سَدُّو ثِلْمَهُ
والوعظ والتَّوْجِيةُ نحُوعُمَّهُ
لَوْ كان ماهم هومه الجهل أصرعنا
رِجَالُ فِي الْإِصْلَاحَ فَادُو أَمَّهُ
وبمَشْعَل القُرآن وسط الظلمة
أخْلاقُ حُسْنَهُ وَالْوَفَا وَالكَلمَة]
وكتب أيضا حول ثورة التحرير قصيدة طويلة تحت عنوان «ذكراك يا نوفمبر» وضعتها مصورة مباشرة من المخطوطة حتى تقرأها كما كتبها صاحبها.- أنظر الصور المرفقة-.
تعد هاته المخطوطة من نفائس ما كتب من الأدب الشعبي المحلي، حملت ذوقا و نفسا تبسيا خالصا، تشم فيه عبق الأيام الخوالي وما كان عليه اللسان التبسي من جمالية التوصيف والتعبير.