سي أمحمد بوقرة, قائد عسكري جمع بين التواضع والصرامة

المدية - تميز العقيد أمحمد بوقرة, المعروف ب "سي أمحمد", قائد الولاية الرابعة التاريخية ما بين سنتي 1958و 1959, إبان الثورة التحريرية المجيدة, بالتواضع أمام رفاقه في الجهاد وبالصرامة عندما يتعلق الأمر بالانضباط وإدارة العمليات العسكرية. وفي هذا الصدد, ذكر الأستاذ والباحث في التاريخ بجامعة يحيى فارس بالمدية, موسى هيثم, في تصريح لـ/وأج/, نقلا عن شهادات رفقاء الشهيد في السلاح, بمناسبة إحياء الذكرى ال66 لاستشهاد القائد بوقرة (5 مايو 1959), أن سنوات الطفولة التي قضاها "سي أمحمد" في الكشافة الإسلامية الجزائرية كان لها "أثر كبير" في تكوين شخصيته وطريقة تطبيقه لقيم التضامن ومساعدة الآخرين واحترامهم في علاقاته مع المجاهدين الذين كانوا تحت مسؤوليته, بغض النظر عن رتبته والمنصب الذي كان يشغله. كما تؤكد الشهادات التي جمعها الأستاذ الجامعي من مسؤولين عسكريين سابقين في الولاية الرابعة التاريخية, من بينهم المجاهد الراحل لخضر بورقعة الذي عمل معه عن قرب خلال تلك الفترة, والأمين الولائي لمنظمة المجاهدين, فؤاد شواتي, أن "سي أمحمد" نجح في ترسيخ قيم التضامن والتآزر والتآخي بين المجاهدين الذين كانوا تحت مسؤوليته وكانت لديه القناعة الراسخة بأن ذلك من شأنه أن يعزز التماسك داخل المجموعة ويقربهم منه دون إهمال الجانب الانضباطي والصرامة التي يتطلبها العمل الثوري. وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن مجاهدي المنطقة الذين أتيحت لهم فرصة لقاء هذا القائد الفذ خلال السنوات التي قضاها في أولاد بوعشرة, حيث كان يتواجد مقر قيادته, شهدوا على "الإنسانية والتواضع والحزم والصرامة" التي كان يتحلى بها "سي أمحمد" في إدارة العمليات العسكرية والإشراف عليها, وهو ما أكسبه احترام الجميع. واستنادا لهذه الشهادات, فقد كان العقيد بوقرة قدوة لكل من عرفه أو عمل إلى جانبه, حيث كانت لديه دائما تلك الابتسامة التي لا تفارقه حتى في أصعب اللحظات, وقد رافقته حتى حين استشهاده والسلاح بين يديه. وساهم "سي أمحمد" بشكل كبير في تنظيم الوحدات العسكرية على مستوى الولاية الرابعة التاريخية خلال ثورة الفاتح من نوفمبر 1954, كما ساعدته الخبرة التي اكتسبها في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية ثم في صفوف الحركة الوطنية, إضافة إلى كونه عضوا فعالا في المنظمة الخاصة, على تنفيذ مهمته بنجاح كقائد لهذه الولاية التاريخية من 1958 إلى 1959. ونجح "سي أمحمد" الذي خلف على التوالي رابح بيطاط وأعمر أوعمران وسليمان دهيلس, خلال تلك الفترة القصيرة على رأس الولاية الرابعة التاريخية, في إقامة تنظيم عسكري هرمي ومنظم استطاع به أن يزعزع استقرار آلة الحرب الاستعمارية. وكان هدف العقيد بوقرة أن يقوم بتوحيد كل الكتائب التي تعمل على مستوى الولاية الرابعة التاريخية, على غرار كتيبة الزبيرية, الحمدانية والعمرية, من أجل تشكيل كتيبة قادرة على مجابهة القوة العسكرية للمستعمر, وفق الأرشيف المحلي. ولم ير هذا المشروع النور بسبب اندلاع معركة "جبل مونقورنو" نهاية ديسمبر 1958 وتشتت العناصر التي كانت تشكل الكتائب المذكورة. وجاء في سيرة ذاتية أصدرها المتحف الجهوي للمجاهد أن الجيش الاستعماري نشر ابتداء من نهاية أبريل 1959, قوة عسكرية كبيرة في "جبل مونقورنو" وحتى منطقة أولاد بوعشرة, غرب ولاية المدية, حيث يوجد مقر قيادة الولاية الرابعة التاريخية. ودفع وجود القوات الاستعمارية وانتشارها بالمنطقة العقيد أمحمد بوقرة إلى إعداد هجوم مضاد من أجل فك الخناق الذي يحيط بمقره بمنطقة أولاد بوعشرة. وفي 5 مايو 1959, سقط "سي أمحمد" في ميدان الشرف خلال اشتباك مع القوات الاستعمارية ولم يتم العثور على جثته إلى غاية اليوم, حيث كانت هناك عدة محاولات لمعرفة المزيد عن مكان دفنه, لكن دون جدوى.

مايو 5, 2025 - 18:37
 0
سي أمحمد بوقرة, قائد عسكري جمع بين التواضع والصرامة
سي أمحمد بوقرة, قائد عسكري جمع بين التواضع والصرامة

المدية - تميز العقيد أمحمد بوقرة, المعروف ب "سي أمحمد", قائد الولاية الرابعة التاريخية ما بين سنتي 1958و 1959, إبان الثورة التحريرية المجيدة, بالتواضع أمام رفاقه في الجهاد وبالصرامة عندما يتعلق الأمر بالانضباط وإدارة العمليات العسكرية.

وفي هذا الصدد, ذكر الأستاذ والباحث في التاريخ بجامعة يحيى فارس بالمدية, موسى هيثم, في تصريح لـ/وأج/, نقلا عن شهادات رفقاء الشهيد في السلاح, بمناسبة إحياء الذكرى ال66 لاستشهاد القائد بوقرة (5 مايو 1959), أن سنوات الطفولة التي قضاها "سي أمحمد" في الكشافة الإسلامية الجزائرية كان لها "أثر كبير" في تكوين شخصيته وطريقة تطبيقه لقيم التضامن ومساعدة الآخرين واحترامهم في علاقاته مع المجاهدين الذين كانوا تحت مسؤوليته, بغض النظر عن رتبته والمنصب الذي كان يشغله.

كما تؤكد الشهادات التي جمعها الأستاذ الجامعي من مسؤولين عسكريين سابقين في الولاية الرابعة التاريخية, من بينهم المجاهد الراحل لخضر بورقعة الذي عمل معه عن قرب خلال تلك الفترة, والأمين الولائي لمنظمة المجاهدين, فؤاد شواتي, أن "سي أمحمد" نجح في ترسيخ قيم التضامن والتآزر والتآخي بين المجاهدين الذين كانوا تحت مسؤوليته وكانت لديه القناعة الراسخة بأن ذلك من شأنه أن يعزز التماسك داخل المجموعة ويقربهم منه دون إهمال الجانب الانضباطي والصرامة التي يتطلبها العمل الثوري.

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن مجاهدي المنطقة الذين أتيحت لهم فرصة لقاء هذا القائد الفذ خلال السنوات التي قضاها في أولاد بوعشرة, حيث كان يتواجد مقر قيادته, شهدوا على "الإنسانية والتواضع والحزم والصرامة" التي كان يتحلى بها "سي أمحمد" في إدارة العمليات العسكرية والإشراف عليها, وهو ما أكسبه احترام الجميع.

واستنادا لهذه الشهادات, فقد كان العقيد بوقرة قدوة لكل من عرفه أو عمل إلى جانبه, حيث كانت لديه دائما تلك الابتسامة التي لا تفارقه حتى في أصعب اللحظات, وقد رافقته حتى حين استشهاده والسلاح بين يديه.

وساهم "سي أمحمد" بشكل كبير في تنظيم الوحدات العسكرية على مستوى الولاية الرابعة التاريخية خلال ثورة الفاتح من نوفمبر 1954, كما ساعدته الخبرة التي اكتسبها في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية ثم في صفوف الحركة الوطنية, إضافة إلى كونه عضوا فعالا في المنظمة الخاصة, على تنفيذ مهمته بنجاح كقائد لهذه الولاية التاريخية من 1958 إلى 1959.

ونجح "سي أمحمد" الذي خلف على التوالي رابح بيطاط وأعمر أوعمران وسليمان دهيلس, خلال تلك الفترة القصيرة على رأس الولاية الرابعة التاريخية, في إقامة تنظيم عسكري هرمي ومنظم استطاع به أن يزعزع استقرار آلة الحرب الاستعمارية.

وكان هدف العقيد بوقرة أن يقوم بتوحيد كل الكتائب التي تعمل على مستوى الولاية الرابعة التاريخية, على غرار كتيبة الزبيرية, الحمدانية والعمرية, من أجل تشكيل كتيبة قادرة على مجابهة القوة العسكرية للمستعمر, وفق الأرشيف المحلي.

ولم ير هذا المشروع النور بسبب اندلاع معركة "جبل مونقورنو" نهاية ديسمبر 1958 وتشتت العناصر التي كانت تشكل الكتائب المذكورة.

وجاء في سيرة ذاتية أصدرها المتحف الجهوي للمجاهد أن الجيش الاستعماري نشر ابتداء من نهاية أبريل 1959, قوة عسكرية كبيرة في "جبل مونقورنو" وحتى منطقة أولاد بوعشرة, غرب ولاية المدية, حيث يوجد مقر قيادة الولاية الرابعة التاريخية.

ودفع وجود القوات الاستعمارية وانتشارها بالمنطقة العقيد أمحمد بوقرة إلى إعداد هجوم مضاد من أجل فك الخناق الذي يحيط بمقره بمنطقة أولاد بوعشرة.

وفي 5 مايو 1959, سقط "سي أمحمد" في ميدان الشرف خلال اشتباك مع القوات الاستعمارية ولم يتم العثور على جثته إلى غاية اليوم, حيث كانت هناك عدة محاولات لمعرفة المزيد عن مكان دفنه, لكن دون جدوى.