لقاء وطني يجمع وزيرة الثقافة والفنون بالمسرحيين لرسم ملامح المستقبل
احتضن قصر الثقافة مفدي زكرياء لقاءً وطنياً حول المسرح شكل محطة حوارية جمعت وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة مليكة بن دودة بنخبة واسعة من المبدعين ومديري المسارح وأكاديميين ونقاداً وفنانين، حيث تجاوز عدد المشاركين فيه المئتين وخمسين، اجتمعوا لمناقشة واقع المسرح وآفاقه في ظل التحولات الاجتماعية والتكنولوجية والاقتصادية. استهلت الوزيرة كلمتها بالترحم على روح […] The post لقاء وطني يجمع وزيرة الثقافة والفنون بالمسرحيين لرسم ملامح المستقبل appeared first on الجزائر الجديدة.

احتضن قصر الثقافة مفدي زكرياء لقاءً وطنياً حول المسرح شكل محطة حوارية جمعت وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة مليكة بن دودة بنخبة واسعة من المبدعين ومديري المسارح وأكاديميين ونقاداً وفنانين، حيث تجاوز عدد المشاركين فيه المئتين وخمسين، اجتمعوا لمناقشة واقع المسرح وآفاقه في ظل التحولات الاجتماعية والتكنولوجية والاقتصادية.
استهلت الوزيرة كلمتها بالترحم على روح الفنان الراحل فوزي صايشي ودعت الحاضرين للوقوف دقيقة صمت تكريماً له، قبل أن تؤكد على أن المسرح ليس مجرد وسيلة للترفيه بل هو فضاء للتعبير الحر وذاكرة للأمة ومدرسة للتربية الجمالية، مشيرة إلى أن أصله الفلسفي كفن إنساني ظل منذ نشأته شاهداً على تطور المجتمعات ورمزاً للعيش المشترك.
وشددت بن دودة على أن حضورها بين المسرحيين جاء لمشاركة همومهم والإنصات لانشغالاتهم قصد التوصل إلى حلول عقلانية وجذرية من شأنها إصلاح وعصرنة تسيير المسارح الوطنية والجهوية، مؤكدة أن المطلوب ليس مجرد حلول استعجالية قد تتحول إلى أزمات مستقبلية، بل بناء إستراتيجية متكاملة تضمن استدامة الفعل المسرحي. وفي هذا السياق أبرزت التزام الوزارة بدعم المبادرات المبدعة ومرافقة التجارب التي تعيد الاعتبار للمسرح في المشهد الثقافي الوطني.
وقد توزعت أشغال اللقاء على ورشات متخصصة تناولت عدة محاور أساسية أهمها التسيير والحوكمة، إنتاج وتوزيع العمل المسرحي، علاقة الجمهور بالتحولات الاجتماعية وسبل استقطابه، إضافة إلى التكوين والأرشفة والرقمنة، فضلاً عن دراسة الدور الحيوي للجمعيات والتعاونيات المسرحية في تعزيز الحركية الإبداعية. وفي مداخلته دعا الباحث المسرحي مخلوف بوكروح إلى ضرورة تقييم واقع المؤسسة الثقافية داخل فضاء المدينة، وقياس مدى تأثيرها في المجتمع ومساهمتها في التنمية المستدامة، مؤكداً على أهمية اعتماد مراكز بحث لرصد الممارسات الثقافية ورسم السياسات المستقبلية على أسس علمية.
كما عقدت الوزيرة على هامش اللقاء اجتماعاً مع مديري المسارح الوطنية والجهوية خصص لمناقشة آليات تطوير الأداء المؤسساتي وتدعيم وسائل العمل بما يواكب متطلبات العصر. وفي ختام الأشغال عبّرت الوزيرة عن امتنانها للأفكار والتوصيات التي خرج بها المشاركون، مؤكدة عزمها على متابعة تنفيذها وتحويلها إلى خطوات عملية تفتح أمام المسرح الجزائري آفاقاً جديدة، وتكرّس مكانته كفضاء حيّ يجمع بين الإبداع والذاكرة والتجربة الإنسانية.
ورشات اللقاء الوطني تضع أسس نهضة جديدة للفعل المسرحي
جاء اللقاء الوطني حول المسرح ليؤسس لمسار إصلاحي شامل، حيث حاول المشاركون من خلال الورشات العملية التوصل إلى أرضية عمل يمكن اعتمادها سواء في تعديل القانون الأساسي للمسارح الجهوية أو في إيجاد حلول عاجلة على المديين القريب والمتوسط تخص التسيير المالي والإداري، إلى جانب تحديث المدونة المهنية المتعلقة بالمجالات التقنية كالإضاءة والصوت والديكور والسينوغرافيا. كما أولت النقاشات أهمية لبناء القدرات الفنية، ورقمنة الأرشيف الفني، بما يتيح حفظ الذاكرة المسرحية واستثمارها في المستقبل.
هذا اللقاء الذي جمع ما يقارب اثنين وخمسين مشاركاً من مسيرين وأكاديميين وفنانين وتقنيين مسرحيين ورؤساء تعاونيات فنية وجمعيات ثقافية وقانونيين ومثقفين وصناع قرار، كان فضاءً رحباً لتبادل الرؤى والأفكار حول واقع المسرح وآفاقه. فقد ركزت الورشات على قضايا محورية، من أبرزها ورشة الحوكمة والتسيير التي قادتها المفتشة المركزية فتيحة قدوري بمشاركة الدكتور نبيل شرادي ومحمد يحياوي، والتي تناولت الإشكالات القانونية والتنظيمية التي تواجه المؤسسات المسرحية وطرحت تساؤلات حول كيفية تطوير أنظمة الإدارة والرقابة والشفافية، إلى جانب وضع خطط لتشجيع الاستثمار والشراكات في القطاع المسرحي.
أما ورشة الإنتاج والتوزيع التي ترأسها الدكتور محمد بوكراس بمعية البروفيسور أحسن تليلاني فقد عالجت معضلة التمويل وتحدياته، وطرحت بدائل للرعاية العمومية عبر فتح المجال أمام الرعاة والتمويل التشاركي. كما سلطت الضوء على ضعف شبكات التوزيع وغياب مؤسسات متخصصة، مع الدعوة إلى الانفتاح على المدارس والجامعات والفضاءات المفتوحة، من أجل خلق دورة إنتاج وتوزيع متكاملة.
وفي ورشة الجمهور التي أشرفت عليها الباحثة جميلة مصطفى الزقياي رفقة بوبكر سكيني ودريس قرقوا، تم تشخيص ملامح جمهور المسرح اليوم، ومناقشة التحولات الاجتماعية والثقافية التي أثرت على أنماط الاستهلاك الثقافي، حيث برزت الحاجة إلى تنويع العروض وربطها بلغة الجيل الجديد ومزجها بالوسائط الرقمية، مع اعتماد استراتيجيات جذب تقوم على العروض التفاعلية والاقتراب من المدارس والجامعات والأحياء الشعبية.
من جهته، ركز الدكتور حبيب بوخليفة في ورشة التكوين والأرشيف والرقمنة، بمشاركة ليلى بن عائشة وأنور أسم الله، على واقع معاهد التكوين ومدى مواكبتها لحاجيات الميدان، وعلى ضرورة التكوين المستمر للعاملين في المؤسسات المسرحية، إضافة إلى التأسيس لمركز وطني أو منصات رقمية متخصصة في أرشفة الإنتاج المسرحي وربطه بالبحث الأكاديمي.
أما ورشة التعاونيات والجمعيات التي ترأسها الكاتب والمخرج عمر فطموش رفقة الدكتور بشير بن سالم ووليد عبد اللاهي فقد بحثت في دور هذه الهياكل كفضاءات حاضنة للمواهب والطاقات الشابة، وما تواجهه من صعوبات قانونية وتنظيمية ومالية، مع اقتراح آليات عملية لتمويلها وضمان استمراريتها، وصولاً إلى تكاملها مع المؤسسات الرسمية في إطار شراكات إنتاجية وتكوينية وتوزيعية.
أبرزت هذه الورشات أن إصلاح المسرح لا يقتصر على تعديل نصوص أو سن قوانين، بل يتطلب رؤية شاملة تراعي التسيير العصري، الاستثمار في العنصر البشري، الانفتاح على الجمهور الجديد، وتبني الرقمنة والذكاء الاصطناعي كرافعة للتفاعل والإبداع. وبذلك يظل المسرح عنصراً محورياً في المشهد الثقافي الوطني والدولي، ورسالة متجددة تحمل قيم النقد والابتكار وصون الذاكرة.
خليل عدة
The post لقاء وطني يجمع وزيرة الثقافة والفنون بالمسرحيين لرسم ملامح المستقبل appeared first on الجزائر الجديدة.