ميلاد الحبيب.. ذكرى للمراجعة والتثريب
ينفعنا كثيرا أن نشتاق إلى النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- وتتلهّف قلوبنا للقياه، وينفعنا أن نفرح بالشهر واليوم الذي ولد فيه، إن نحن أخلصنا النية لله وكان فرحنا واحتفاؤنا في حدود المشروع.. لكنّ الذي ينفعنا أكثر، ويوردنا أبواب الجنّة، ويجعلنا قريبين من حبيبنا المصطفى –عليه الصّلاة والسّلام-، هو أن نقدّم الدّليل والبرهان على محبّتنا […] The post ميلاد الحبيب.. ذكرى للمراجعة والتثريب appeared first on الشروق أونلاين.


ينفعنا كثيرا أن نشتاق إلى النبيّ –صلّى الله عليه وآله وسلّم- وتتلهّف قلوبنا للقياه، وينفعنا أن نفرح بالشهر واليوم الذي ولد فيه، إن نحن أخلصنا النية لله وكان فرحنا واحتفاؤنا في حدود المشروع.. لكنّ الذي ينفعنا أكثر، ويوردنا أبواب الجنّة، ويجعلنا قريبين من حبيبنا المصطفى –عليه الصّلاة والسّلام-، هو أن نقدّم الدّليل والبرهان على محبّتنا له، في أقوالنا وأعمالنا وأحوالنا.
حتى نكون صادقين في محبّتنا لحبيبنا المصطفى –صلّى الله عليه وآله وسلّم- وشوقنا إليه، يُفترض فينا أن نحتفي بسيرته وسنّته في كلّ يوم وكلّ ساعة من حياتنا، ونجعله أسوتنا في كلّ شؤون حياتنا. يقول الله تعالى آمرا نبيّه –عليه الصّلاة والسّلام- أن يدلّ المؤمنين على طريق المحبّة التي تنفع وتشفع وترفع: ((قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)).
حتّى ننعم برؤية وجه حبيبنا المصطفى –عليه الصّلاة والسّلام- ونكون في الجنّة قريبين منه، يجب علينا أن نطيعه فيما أمر وننتهي عمّا عنه نهى وزجر، فليس يصحّ لعبد مؤمن تبكي عينه حينما يسمع كلاما عن الشوق إلى رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم-، ثمّ إذا ذكر له حديث للنبيّ –عليه الصّلاة السّلام-، تعامل معه كما يتعامل مع كلام البشر، وربّما أعرض بجانبه، واستثقل الكلام بقلبه. يقول الله تعالى: ((فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)).. الصالحون من عباد الله، كالإمام مالك وغيره، كان الواحد منهم إذا أراد أن يحدّث بحديث النبيّ –عليه الصّلاة والسّلام- توضّأ واستاك واعتدل في جلسته، وبعض المسلمين اليوم يتعامل مع من يقرأ أحاديث الحبيب –عليه الصلاة والسلام- كما يتعامل مع صحفي يقدّم نشرة أخبار! يصدّق ما يعجبه ويكذّب ما يخالف رأيه وهواه، وربّما يسمع حديثا فيقول: “يظهر لي أنّ الأمر ليس هكذا”!
أحاديث النبيّ –عليه الصلاة والسلام-، تعب الرجال في جمعها، فقطعوا الفيافي والقفار وطافوا آلاف الكيلومترات على دوابّهم لأجلها، وامتحنوا وابتلوا، وتعبوا في تنقيحها وبيان صحيحها من ضعيفها، ثمّ نأتي نحن في آخر الزّمان، في وقت يمكن الواحدَ منّا أن يعرض أمامه أحاديث النبيّ –عليه الصّلاة والسّلام- كلها بلمسة على شاشة هاتفه، ومع ذلك يستعذب فيديوهات الإثارة والضحك والغرائب، ولا تطاوعه نفسه في قراءة حديث واحد فضلا عن حفظه! كيف يريد الواحد منّا أن يلقى النبيّ –عليه الصّلاة والسّلام- يوم القيامة ويشرب من حوضه، وهو لا يحمل في صدره حديثا واحدا يحفظه، وربّما يعيش عشرات السنين ولم يعرض نفسه على كتاب واحد يجمع أحاديث الحبيب –عليه الصلاة والسلام- مثل كتاب الشمائل المحمّدية، أو كتاب رياض الصالحين!
شهر ربيع الأوّل، من كلّ عام، ينبغي أن يكون شهرَ مراجعةٍ لعلاقتنا بحبيبنا وقدوتنا –صلّى الله عليه وآله وسلّم- وبسيرته وسنّته؛ ننظر فيها إلى مكان سنّنته من قلوبنا وأرواحنا وأقوالنا وأعمالنا وأحوالنا وبيوتنا ومعاملاتنا.. كما ينبغي أن يكون مناسبة للمعاتبة والتثريب، يعاتب فيها كلّ واحد منّا نفسه في تفريطه في حقّ حبيبه –عليه الصّلاة والسّلام، وتقصيره في تمثُّلِ شمائله وسنّته وتبليغ دعوته ورسالته.
شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين
The post ميلاد الحبيب.. ذكرى للمراجعة والتثريب appeared first on الشروق أونلاين.