العمل الجماعي ثمرات و عوائق
الشيخ نــور الدين رزيق/ العمل الجماعي وسيلة لتحقيق الأهداف وإنجاز الأعمال، فاليد الواحدة لا تصفّق كما أنّ اليد الواحدة لا تنجز، والأهداف تحتاج إلى تكاتف وتضافر الجهود؛ فسنّة الحياة والكون قائمة على تكامل الأدوار وتسخير البشر لبعضهم البعض، قال تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ …

الشيخ نــور الدين رزيق/
العمل الجماعي وسيلة لتحقيق الأهداف وإنجاز الأعمال، فاليد الواحدة لا تصفّق كما أنّ اليد الواحدة لا تنجز، والأهداف تحتاج إلى تكاتف وتضافر الجهود؛ فسنّة الحياة والكون قائمة على تكامل الأدوار وتسخير البشر لبعضهم البعض، قال تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: 32]؛ فتسخير البشر بعضهم لبعض هو لبّ العمل الجماعي وأصله.
لقد قامت أحكام الإسلام و رغَّبت المسلمين بمجالسة الأخيار والاجتماع بهم، وبأن يتعاون بعضهم مع بعض على البِرِّ والتقوى؛ قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2].
قال الإمام النووي: «باب فضل الاختلاط بالناس، وحضور جُمَعهم وجماعتهم ومشاهد الخير، ومجالس الذِّكر معهم، وعيادة مريضهم، وحضور جنائزهم، ومواساة محتاجهم، وإرشاد جاهلهم، وغير ذلك من مصالحهم، لمن قدَر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقمَع نفسه عن الإيذاء، والصبر على الأذى».
ان العمل الجماعي يختصر المسافات ويوفّر الوقت والجهد، و هو عملٌ مبارك من عند الله تعالى، ففي الحديث الشّريف» إنّ يد الله مع الجماعة»،فالجماعة التي يكون أفرادها متعاونين مجتمعين تكون لها هيبةٌ بين الناس، بينما ترى الجماعة والمجتمعات التي تكثر فيها الفرقة والطّائفيّة و المذهبية المقية ممزّقة غير قادرة على الإنجاز، وفي الحديث الشّريف «إنمّا يأكل الذّئب من الغنم القاصية (أي البعيدة المنفردة )عن القطيع».
و ما يعيق الجماعة و يفرقها غياب الثقة بين أعضاء الفريق: وهو أمر يمنع أعضاء الفريق من البوح بنقاط ضعفهم والمشكلات التي يواجهونها مما يحرم الفريق من الاستفادة من خبرات وقدرات وامكانات بعضهم البعض ويؤدي غياب الثقة للتشكيك في النوايا الحقيقية،
وذلك بإفساد حياة أشخاص متميزين في أعمالهم و بتدميرهم من قبل من يعمل معهم بخلق الشك والريبة حولهم، وغالبًا ما يقترن الشك بالظلم، لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ (سورة الحجرات آية 12)، ثم يؤدي الى التجسس على الآخرين للتأكد من فرضية الفكرة التي حيكت في النفس عنها، ثم يؤدي إلى الغيبة، وكل ذلك يؤدي للإثم، و يكون بظلم الإنسان لنفسه وللآخرين، مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يصعد على المنبر وينادي بصوت: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته» (رواه أبو داود)
و ما يعيق أيضا تضارب الآراء والمصالح: عندما تختلف وجهات النظر أو الأهداف الشخصية، قد يحدث صراع داخلي يعرقل التقدم.
ومن معوقات العمل الجماعي ايضا عدم المحاسبة: المجاملات بين أعضاء الفريق لها أثر سلبي كبير على الأداء فمن الضروري متابعة ومحاسبة أعضاء الفريق عند تكليف أحد منهم بمهمة معينة وعدم ادائه لها على الوجه المطلوب وقد تسهل محاسبة عضو الفريق في مؤسسة أو في شركة لأن الأمر مرتبط بوظيفة معينة لكن البعض يستصعب هذا الأمر في العمل التطوعي الجمعوي ويغفل أهميته في الرفع من مستوى كفاءة الأداء.
هذه زفرة مما جادت به قَرَحات، و نسأل الله النجاة لنا ولإخواننا العاملين في حقل الدعوة والعمل الجماعي والاجتماعي مما يعرقل عملهم ويضعف عزيمتهم.