خصائص الكتاب المدرسي وعلاقته بتحسين المستوى الدراسي
أ. محمد مكركب أبران نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/ ما هو الكتاب المدرسي؟ هل هو دليل تعليمي؟ هل هو مرجع منهاجي للمقررات الدراسية؟ هل هو مجرد مصدر علمي لمادة من المواد العلمية؟ هل هو وسيلة للتلميذ أم وسيلة للمعلم؟ ما هو مفهوم الكتاب لغة؟: الكِتابُ اسْمٌ لِمَا كُتب مَجْمُوعاً، والكِتابُ مَصْدَرٌ، ككتابة. وهو المخصص …

أ. محمد مكركب أبران نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/
ما هو الكتاب المدرسي؟ هل هو دليل تعليمي؟ هل هو مرجع منهاجي للمقررات الدراسية؟ هل هو مجرد مصدر علمي لمادة من المواد العلمية؟ هل هو وسيلة للتلميذ أم وسيلة للمعلم؟ ما هو مفهوم الكتاب لغة؟: الكِتابُ اسْمٌ لِمَا كُتب مَجْمُوعاً، والكِتابُ مَصْدَرٌ، ككتابة. وهو المخصص للدروس والمسائل العلمية في كل فن، من فنون المعرفة. والدّرس: من درس الكتاب يدرسه، للحفظ، وهو موضوع علمي يتدبره المعلم للمتعلم، ودرس دراسة طالع الموضوع وتدبره وتفهمه، ودارست فلانا كتابا لكي أحفظ ما فيه من العلوم النافعة. ونقول : قرأت الكتاب قراءة وقُرْآناً، ومنه سُمِّيَ القُرْآنُ، قرآنا. أي: الكتاب المجموع من جملة العلوم، المقروء، الذي جُمِعت حروفُه فألفت أصواتا، وجُمعت الأصوات فألفت كلمات، وجمعت الكلمات فألفت جملا، وهي المسائل العلمية. ويطلق مصطلح الكتاب على الرسالة الإلهية، التي يكلف بها رسول من الرسل، لتبليغها الناس. فيقال: الرسالات الإلهية، ويقال: الكتب الإلهية. والمُدارِسُ: الّذي قرأ الكُتب ودرسها. والمِدْراسُ: الْبَيْتُ الَّذِي يُدْرَسُ فِيهِ الْقُرْآنُ والعلوم، وَكَذَلِكَ المدرسة، والجمع مَدارِسُ. ما هو الكتاب المدرسي؟ مصنف لجملة من العلوم المقررة في فن من الفنون (أي: يخص مادة من المواد الدراسية) ككتاب مدرسي في الفيزياء، أو الفلسفة، أو الآيات القرآنية المحكمة، أو فقه اللغة العربية. أو الحساب، في مستوى من مستويات طلب العلم، كمستوى التعليم الابتدائي، أو الثانوي، أو الجامعي. وهو خاص بالتلميذ، بطالب العلم، فالكتاب المدرسي مرجع علمي يرجع إليه طالب العلم في مستواه، ليجد فيه كل ما يحتاج إليه من العلم المقرر عليه في المنهاج الدراسي. ما هي خصائص الكتاب المدرسي؟ أول خصيصة من خصائص الكتاب المدرسي: أن يكون شاملا للمادة، أو العلم المقرر، بحيث لا يحتاج الطالب إلى غيره، خصوصا في مستوى التعليم الابتدائي، والمتوسط، والثانوي. وعدد الكتب المدرسية بعدد العلوم المقررة. ففي الابتدائي مثلا. ثلاثة كتب مدرسية: كتاب اللغة، حسب المستوى، يشمل مقرر النحو والصرف، وقواعد الإملاء، والبلاغة. وكتاب الحساب، حسب المستوى، وفيه الهندسة والرياضيات وأن يكون مبوبا بعدد كل دروس المادة في المستوى أو المرحلة التعليمية. وكتاب الآيات المحكمات من القرآن. أو ما يعرف بالتربية الإسلامية، وفيه مقرر الإيمان، والعبادة، والأخلاق، والعقود، وتبويب دروس التربية الإسلامية بما يتناسب وعدد الفرائض المبينة في الآيات المحكمات المقررة لهذا المستوى أو ذاك. والخصيصة الثانية: أن يكون الكتاب المدرسي مبوبا بحسب الدروس المقررة بالتمام، أي يشمل كل مقرر المادة. والخصيصة الثالثة: أن يُبَيَّنَ في الكتاب المدرسي طريقة التناول والدراسة، بحيث يكون ترتيب النص وفق منهجية علمية دقيقة، تتيح لطالب العلم التمكن من فهم وإدراك المادة العلمية على الوجه الصحيح. والخصيصة الرابعة: شرح المصطلحات بمنهجية لغوية ومقاصدية لما يخدم الأهداف والقيم العلمية، حسب مستوى الطالب، خصوصا المصطلحات العلمية الرئيسية. كمصطلح دين، وفرض، وقاعدة، ومعادلة، والتعداد، ومسألة، وعنصر، وأصل، وخلق، وحكم، وكتاب، وشرع، وقانون، وغير ذلك من المصطلحات التي إن فهمها الطالب، فهم الدرس والمادة والعلم. والخصيصة الخامسة: فصاحة اللغة، ويسر التعبير، ووضوح البيان، وسهولة الأسلوب، وصريح المعاني، بمراعاة المستوى العقلي والمعرفي والاجتماعي للطالب، وهذا يتحقق باعتماد التأليف العلمي الراقي، الكامل التبويب، والعنصرة. والخصيصة السادسة: ختم كل درس بأسئلة مما يُفْتَرَضُ أن تكون هي الأسئلة المحورية في امتحانات التقييم، والتقويم، بأن تكون هذه الأسئلة باعثة على سلامة ودقة التفكير، وأن تكون مفاتيح للبحث العلمي في موضوع الدرس، وأن تمكن طالب العلم من إدراك المطلوب من الدرس. والخصيصة السابعة: أن يكون الكتاب المدرسي في مادة من المواد، دائما ثابتا لا يتغير من سنة لأخرى، إذا كان كتابا علميا حقا وهو المطلوب، إلا في شيء من جزئيات، مما يخص المستجدات والتطور العلمي، في المكتشفات. والخصيصة الثامنة: أن يشتمل الكتاب المدرسي على المعلومات الكافية عن المادة العلمية، بالقدر الذي يحتاجه الطالب في ذلك المستوى. كالعلماء الذين بحثوا ونظروا في هذا العلم، وأهم الكتب المؤلفة في هذه المادة، والتي يحتمل أن يحتاجها الطالب، أو من المفروض أن يعلمها. والخصيصة التاسعة: أن يكون كل ما في الكتاب المدرسي من النصوص والشروح والأفكار، محكوما بمنهاج القرآن والسنة وقيم المجتمع، وثوابت الأمة، بحيث تكون النصوص والمسائل والأفكار مما يحقق وحدة الأمة وفكر الأمة ومبادئ الأمة، وأن يكون الكتاب المدرسي كتاب علم يحقق المعرفة الضرورية، والثقافة التي تمكن الطالب الذي يدرس هذا الكتاب المدرسي أنه حقا سيحصل على علم حقيقي، يرتقي به في مراتب الحضارة. كيف يصل الكتاب المدرسي إلى الطالب؟ الكتاب المدرسي يشرف على تأليفه جماعة من الأساتذة العلماء المتمكنين، ويباع في المكتبات العامة لكل من يريد العلم، ولا يكون حكرا على الطلبة النظاميين فإن العصاميين لهم الحق أيضا في التعلم والاستفادة من العلم. حيث يعتبر الكتاب المدرسي كمؤلف علمي، وكمرجع علمي للطالب والعامي العصامي، وأنه وسيلة هامة وأساس، في عملية التعلم، وبفضل الكتاب المدرسي تتحقق ثلاثة أهداف تربوية هامة: فعلى أساس وجود الكتاب المدرسي بالخصائص المذكورة يحقق التعاون الفعال بين الأسرة والمدرسة. وبفضل وجوده ثانيا يتمكن طالب العلم من الاعتصام بالمنهجية البيداغوجية الدراسية، حيث الكتاب المدرسي النموذجي وفق الخصائص المبينة أعلاه يُمَكِّنُ المتعلم النظامي والعصامي معا من التحكم في طريقة المطالعة الصحيحة، وهذا هام جدا لأنه من بين أسباب الركود العلمي والثقافي سوء فهم المطالعة الأدبية والمعرفية، وسوء طريقة البحث العلمي. وثالثا: وجود الكتاب المدرسي بالمواصفات المذكورة يغني التلاميذ عن دروس الدعم التي أرهقت مَنْ قَبْلَهم وشتتت جُهُودهم. الكتاب المدرسي بالخصائص المذكورة ضرورة ملحة، وواجب تربوي وفريضة علمية على وزارة التربية والتعليم. إن تحسين المستوى التربوي والعلمي، وتحسين التحصيل الدراسي الحقيقي، كل ذلك مرهون بوجود الكتاب المدرسي، وإعداد المعلم الكفء المخلص الأمين، وإصلاح المناهج الدراسية التي تقوم على التلازم بين القيم والمبادئ والعصرنة.