زاهية مصطفى قدورة 1920 – 2002م ورسالية الدفاع عن قضايا الأمة
أ.د حجيبة أحمد شيدخ/ زاهية مصطفى قدورة امرأة مناضلة، محبة للعلم، من مواليد بيروت عام 1920م نشأت في أسرة ارستقراطية تميزت بتكريس حياتها للعلم وحبها لانتمائها الإسلامي، ترقت في درجات العلم إلى أن نالت درجة الأستاذية. وعينت بين أعوام 1971-1977عميدة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة نفسها. ومن سنة 1977إلى غاية 1988تولت رئاسة قسم التاريخ. …

أ.د حجيبة أحمد شيدخ/
زاهية مصطفى قدورة امرأة مناضلة، محبة للعلم، من مواليد بيروت عام 1920م نشأت في أسرة ارستقراطية تميزت بتكريس حياتها للعلم وحبها لانتمائها الإسلامي، ترقت في درجات العلم إلى أن نالت درجة الأستاذية. وعينت بين أعوام 1971-1977عميدة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة نفسها. ومن سنة 1977إلى غاية 1988تولت رئاسة قسم التاريخ. يُشهَدُ لها بأنها كانت دائمة النشاط والعطاء، ولتميزها العلمي ونشاطاتها منحتها كلية الأوزاعي للدراسات الإسلامية الدكتوراه الفخرية سنة 1983 م.
ومن أهم إنجازاتها: مؤسسة اتحاد الجامعيات اللبنانيات سنة 1953م الدي ترأسته الى غاية وفاتها. كانت أول امرأة تعين عميدة على كلية الآداب والعوم الاجتماعية بعدما كانت حكرا على الرجال، عاشت معارك في مجال عملها في دار المعلمين العليا التي أصبحت جامعة فيما بعد حين عينت بها لتدريس التاريخ حيث طلب منها التدريس باللغة الفرنسية وبأفكار تربوية مخالفة لنهجها وتوجهاتها العربية المسلمة لكنها تحدت ورفضت. كما طلبوا منها تدريس التاريخ الأوربي وباللغة الفرنسية، وكانت ترى ضرورة تدريس التاريخ الإسلامي والعربي وبلغة العرب.
ولعل النقلة النوعية التي أحدثتها زاهية قدورة في الجامعة اللبنانية هي تعريب جميع مواد العلوم الإنسانية، والزام جميع أساتذتها بإلقاء المحاضرات باللغة العربية. وكانت إلى جانب نشاطاتها الاجتماعية الكثيرة، وبخاصة النهوض بالمرأة، ذات اهتمام بقضايا الأمة، وأهمها: القضية الفلسطينية؛ حيث عملت لصالحها فترة طويلة من حياتها، دعما لها ودفاعا عنها، سواء عن طريق المؤتمرات، والندوات والمحاضرات، أو من خلال الأبحاث والدراسات والكتابات المختلفة، التي طالبت فيها بدعم القضية بكل الوسائل.
شغلت القضية الفلسطينية زاهية قدورة بشكل لافت، ظهر ذلك في كتاباتها ونشاطها الدائم لدعمها، ورأت أن العدو قبل أن يدخل إلى فلسطين سنة 48 كان قد أعد كل شيء، وألقت باللائمة على الحكام العرب الذين لم يعدوا السلاح وهم يدركون الأخطار لكنهم لم يتحسبوا لها .
لقد كانت ثائرة ضد الأوضاع السيئة التي تعيشها الدول العربية، وموقفها المخزي من القضية الفلسطينية، فكانت تدعو إلى العصيان والثورة ضد التخلف، وكانت كثيرا ما توجه خطاباتها إلى المرأة بخاصة، فتدعوها إلى مقاطعة البضائع الصهيونية تقول: أما الآن وقد استيقظ وعيك القومي، فلابد من برنامج لك … حيث لك واجبات معنوية، وأخرى عملية …أما المعنوية فهي محاربة الروح الانهزامية والقضاء على الفساد …أما واجبتك العملية فكثيرة.
ولم تكتف بالدعوة الى مقاطعة بضائع الصهاينة بل دعت الى مقاطعة بضائع أمريكا وبريطانيا وكل من يدعم دولة إسرائيل، ودعت المرأة بخاصة اللبنانية إلى التقشف في حياتها ومد يد العون لإيواء المشردين، والنازحين المهجرين، ودعت رجال السياسة والفكر في الجامعات إلى تكثيف حملات التوعية، وحثت رجا ل الصحافة والإعلام على القيام بواجب دعم المعركة.
عرفت زاهية قدورة بثورتها ضد الاستعمار في جميع بلاد المسلمين؛ تميزت بالشعور الوطني المتقد والكره للظلم الاستدماري، ومن المفارقات أنها أخذت ذلك بخاصة على معلمة فرنسية كانت تحدثهم في دروسها عن جان دارك وما قامت به من بطولات. ومن شدة حماسها قامت لتلك المعلمة، وقالت لها بأنها، هي ستكون جان دارك لبنان، وستحرره من المحتلين الفرنسيين.
كانت شديدة التأثر بالأحداث التي تقع في أي بقعة من الأرض العربية؛ نتيجة انتمائها العربي والقومي، ولأنها كانت تعتبر نفسها معنية بصورة مباشرة بها، تأثرت بأحداث الجزائر التي كافحت للحصول على الاستقلال. فلقيت منها كل الاهتمام والمساندة والتأييد. فصبت كثيرا من جهودها على قضية الشعب الجزائري الذي أعتُبر القدوة والمثل بين شعوب العالم آنذاك.
يقول عنها هواري زهير: «تشبه زاهية قدورة المدينة، بيروت، أو أن العاصمة تشبهها، في مسارها نحو حداثة، لا تقطع مع التراث وانما تنطلق منه بحثاً عن موقع تحت الشمس، وفي ظل متغيرات كبيرة. ربما كان مولدها المترافق مع انهزام الامبراطورية العثمانية وبدء الانتداب على سوريا ولبنان وفلسطين و.. سايكس بيكو، هو ما زرع في داخلها ذلك التحليل الذي عبرت عنه لاحقاً في كتابتها». وقالت عنها : الدكتورة : نجوى الجمال محسن: «هي نموذج ومثال يتوجب أن نحتذي به لندرك أن المرأة يمكنها أن تكون إنساناً متقدماً وناجحاً»…رحمها الله وأٍسكنها فسيح الجنان .