ملاحظات متابع لقطاع الأوقاف بالجزائر

د.مـوسى عبد اللاوي */ رابعا: والمشروع يمثل خطوة مفصلية في تاريخ التشريع الوقفي في الجزائر، كونه يعيد تنظيم القطاع على أسس جديدة ترتكز على الشفافية، والرقابة، والاستثمار الرشيد، في ظل منظومة قانونية متماسكة تتضمن 122 مادة موزعة على 12 فصلا. كما أن القانون الجديد توسع ليشمل الأوقاف العامة والخاصة والمشتركة، وعزز الشخصية المعنوية للوقف، مع …

سبتمبر 17, 2025 - 16:07
 0
ملاحظات متابع لقطاع الأوقاف بالجزائر

د.مـوسى عبد اللاوي */

رابعا: والمشروع يمثل خطوة مفصلية في تاريخ التشريع الوقفي في الجزائر، كونه يعيد تنظيم القطاع على أسس جديدة ترتكز على الشفافية، والرقابة، والاستثمار الرشيد، في ظل منظومة قانونية متماسكة تتضمن 122 مادة موزعة على 12 فصلا.
كما أن القانون الجديد توسع ليشمل الأوقاف العامة والخاصة والمشتركة، وعزز الشخصية المعنوية للوقف، مع ترسيخ البعد التنموي والاستثماري إلى جانب البعد الخيري والاجتماعي.
خامسا: وإعداد مواد هذا النص استند إلى المرجعية الدينية الوطنية، من خلال اعتماد المدارس الفقهية المتنوعة، والاطلاع على التجارب الدولية الناجحة في تسيير الأوقاف، خاصة بالدول التي حققت نقلة نوعية في هذا المجال، كما تضمن المشروع مراجعة شاملة للأحكام الجزائية، وتجريم الأفعال التي تمس بالأملاك الوقفية أو تضعها في خدمة أنشطة مشبوهة كغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بما يتماشى مع التزامات الجزائر الدولية وتوصيات مجموعة العمل المالي.
سادسا: والمشروع يهدف كذلك إلى تحديث أدوات إدارة الوقف واستغلاله وتنميته، من خلال التوثيق، والرقمنة، وتفعيل آليات الإحصاء داخل وخارج الوطن، وربطها ببيانات القطاعات الأخرى كالإحصاء الفلاحي، إلى جانب تشجيع الاستثمار في الأملاك الوقفية، بالاستفادة من التحفيزات المنصوص عليها في قانون الاستثمار الجديد، بما يضمن توجيه الوقف لخدمة التنمية.
سابعا: ويعكس مشروع القانون الجديد وعي الدولة بأهمية الوقف كرافد من روافد الحضارة الإسلامية، مشيرا إلى أن الجزائر، منذ استرجاع سيادتها، سعت لسد الفراغ القانوني في هذا المجال من خلال نصوص متفرقة، لم ترق إلى مستوى مواكبة تطور البلاد والمجتمع.
ثامنا: والقانون الجديد يضع لأول مرة تصورا متكاملا لتسيير الأملاك الوقفية، مستدلا بالتجربة التاريخية للجزائر التي جعلت المستعمر الفرنسي يبادر بعد شهرين فقط من احتلال البلاد إلى إصدار مرسوم يصادر الأوقاف ويفكك شبكاتها، إدراكا منه لدورها المحوري في تحريك الحياة العلمية والاجتماعية.
تاسعا: إن تدعيم ثقافة الحبس واستثمار الأوقاف وتطويرها فريضة شرعية وواجب وطني وحتمية اجتماعية، يحتاج إلى تضافر جهود كل المخلصين من أبناء الوطن من اقتصاديين وفقهاء وماليين وخبراء في البنوك، وكما يحتاج إلى توفير الشروط الضرورية من طرف السلطات وجدية المؤسسات المالية في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في مجال الأوقاف وذلك لا يتم إلا بتأهيل العمال والموظفين من خلال الدورات التدريبية الشرعية والفنية ليستطيعوا أداء أعمالهم طبقا لمتطلبات المعاملات الإسلامية، مع إشراك الباحثين والمهتمين بقضايا الاقتصاد الإسلامي ،والإسراع في تكوين هيئات رقابية شرعية ومحاسبية لكسب ثقة المواطنين وإنجاح هذه المؤسسات الوقفية.
عاشرا: مشروع قانون الأوقاف الجديد، يمثل نقلة نوعية في مسار إصلاح المنظومة الوقفية في الجزائر، ويجسد رؤية استشرافية تتماشى توجهات بناء الجزائر الجديدة.
والقانون الجديد يأتي في سياق تفعيل التزامات السيد رئيس الجمهورية، وتنفيذا لتوجيهاته المتعلقة برقمنة كل مراحل إحصاء الأملاك الوقفية واعتماد حوكمة عصرية قائمة على الشفافية والنجاعة.
إن المشروع الجديد يلغى بموجبه القانون السابق المتعلق بالأوقاف الصادر في 1991، ويبقى العمل بالنصوص التطبيقية القائمة إلى غاية صدور النصوص التنظيمية الجديدة التي ستواكب المرحلة المقبلة.
وفي الأخير  فإن هذا التنظيم الجديد رقم: 25-06 مؤرخ في 23 محرم عام 1447 الموافق 19 يوليو سنة 2025، الخاص بتنظيم الأوقاف المنشور في الجريدة الرسمية العدد:47 في 122 مادة و13فصلا.
الذي رغم ما يشبه من نقائص إلا أنه جهد يثمن ويشكر القائمون على إخراجه ويعتبر قيمة مضافة، جاء استجابة للتحوّلات الاجتماعية والاقتصادية، ويهدف إلى:
1/ توسيع مجالات الاستثمار في الأملاك الوقفية لتطويرها وتنميتها وتجديدها.
2/ استفادة الأوقاف من الإعفاءات الضريبية والجمركية ومن امتيازات الاستثمار وهذا في الفصل الأول في المادة:12.
3/ تطوير آليات التسيير والتنظيم والرقابة وتعزيز الشفافية خاصة الرقمنة…
4/ فتح المجال أمام المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والقطاع الخاص والشركات ومؤسسات الصناعة المالية الإسلامية للاستثمار في أموال الأوقاف «وهذا في الفصل العاشر تحت عنوان: «إدارة وتسيير الأملاك الوقفية واستغلالها واستثمارها وتنميتها»
5/ إدراج الحوكمة الرشيدة ضمن مقاربة تنموية مستدامة كتوسيع النظارة الى مؤسسة أو مجموعة.
6/ إدراج فصل خاص بالعقوبات الصارمة في حق أي معتد على الأوقاف مع توسيع الضبطية القضائية لمفتشي ووكلاء الأوقاف «وهذا في الفصل الحادي عشر الخاص بالقواعد الإجرائية».
للموضوع: مراجع

* أستاذ جامعي وإطار سابق بقطاع الشؤون الدينية والأوقاف