إعلام: «وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم»
وليد عبد الحي/ لم يعد من اليسير على القارئ العادي أو حتى المتخصص في ميدان معيّن أن يتجنب الوقوع في الشرك الإعلامي بعد هذا التطور الهائل والمتسارع في الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، وحوَل الذكاء الاصطناعي الذكاء من البشر إلى الآلة، وأصبحت الآلة قادرة على تضليل البشر، فقد رأيت بأم عيني ترامب يجلس في حضن بوتين …

وليد عبد الحي/
لم يعد من اليسير على القارئ العادي أو حتى المتخصص في ميدان معيّن أن يتجنب الوقوع في الشرك الإعلامي بعد هذا التطور الهائل والمتسارع في الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، وحوَل الذكاء الاصطناعي الذكاء من البشر إلى الآلة، وأصبحت الآلة قادرة على تضليل البشر، فقد رأيت بأم عيني ترامب يجلس في حضن بوتين الذي يلقمه زجاجة الرضاعة، ورأيت عبدالناصر بشحمه ولحمه وصوته يراود تحية كاظم وهما أنصاف عراة، وسمعت طائر البوم يلقي محاضرة في حشد من الحمير عن أخطاء آينشتاين، ورأيت مواقع الكترونية فيها معلومات عن الترسانة النووية لجيبوتي، و…الخ.
لقد أصبحت القدرة على التلاعب بالعقول أمرا واقعًا، وتستطيع أنت كفرد عادي أن تبث ما تشاء، فإذا توفرت لك بعض المهارات البسيطة وبمساعدة من الكومبيوتر أن ترسم أو تكتب ما تشاء، و»يذهب القوم جراها ويختصموا».
قال لي أستاذ دكتور في مجال الذكاء الإصطناعي أنه قادر على أن يُعِدَّ عني ملفًا كاملاً بالصوت والصورة وأنا أقول شططًا سياسيًا، أو يضعني في لقطات مخلة أخلاقيًا أو أن يكتب مقالاً باسمي وفيه خروج عن المألوف ولن أتمكن «حتى أنا» من التأكد بأن الكاتب أحد غيري، بل قال لي يمكنني أن أريك صورك وأنت رضيع وطفل وشاب من خلال أوامر أصدرها للذكاء الاصطناعي، فمن يدريني أن أحدًا يُعد تقريرًا مثل هذا عني أو عنك…؟
عندما تكتب مصطلحًا للبحث عنه في الغوغل وتخطئ في كتابته إملائيًا يقوم الكومبيوتر بتصحيح الخطأ أو يقترح عليك العديد من الاقتراحات، وعندما تريد الذهاب إلى مكان لا تعرفه فما عليك إلاّ أن تضع اسم المكان وسيقودك العم « GPS» للمكان
ما المطلوب؟
كنت وما زلت على قناعتي بأنّ التطور التكنولوجي هو المحرك أو ما تسميه الدراسات المستقبلية «Driver»، وتكنولوجيا الإعلام أصبحت تقتضي منك الحذر اللامتناهي في التعامل مع المادة الإعلامية، حتى جهاز التلفزيون يزرعون فيه كاميرات تنقل عنك كل ما يجري في بيتك وسريرك ومرحاضك.إنّ مذبحة «البيجرز» في لبنان شاهد على انك إن لم تتطور تكنولوجيا فانتظر مكانك في طابور الديناصورات.
في الوقت الذي تحتل فيه إسرائيل المرتبة الأولى عالميًا في نسبة الانفاق على البحث العلمي من اجمالي الناتج المحلي، تقبع الدول العربية في ذيل القائمة، وهو ما يجعل التلاعب بنا أيسر كثيرًا من التلاعب بغيرنا.
لذا، اقرأ وشاهد واستمع ولكن وأنت مزود بسوء النية والمعرفة معا، فمتابعتي لخمسين مختبرًا في الدول الصناعية المتقدمة (وكان ذلك أيام الكورونا) جعلتني أزداد ثقة بأنّنا في الطريق إلى الفوضى، وأنّ رواية ماري شيلي «فرانكشتاين» تقف على عتبة التحقق، وهو ما يجعلني قلقًا إلى الحد الذي بدأت أنتظر معه «فيلما اباحيا من بطولتي».فمن يدري؟ قد يكون إعلامًا ولكن «شُبه لهم»…ربما.