الجزائر وإفريقيا ...الشراكة الرابحة

تحاليل الجمهورية: شكلت معرض التجارة البينية الإفريقية في طبعته الرابعة التي احتضنها الجزائر بين 4 و10 سبتمبر الجاري، نافذة إستراتيجية لإبراز القدرات الإنتاجية التي يتمتع بها النسيج الاقتصادي الوطني، حسب ما أجمع عليه الخبراء. حيث اعتبروه بمثابة "منصة حقيقية" نقلت مشهدا واضحا عن القدرات الإنتاجية للمؤسسات الجزائرية وفتحت المجال واسعا لتعزيز الصادرات نحو السوق الإفريقية التي تضم ما يزيد عن 1.4 مليار شخص. كما مثل أن المعرض فرصة مثالية للمؤسسات الجزائرية لإبراز قدراتها الإنتاجية في مختلف قطاعات النشاط وتأكيد جاهزيتها لاقتحام الأسواق الإفريقية. و سمح أيضا بإقامة شراكات إستراتيجية من شانها أن تسهم في رفع تنافسية المؤسسات الجزائرية وإدماجها في سلاسل القيمة على الصعيد الإفريقي، وهو ما سيخدم بقوة أهداف الجزائر فيما يتعلق بتنويع الاقتصاد الجزائري ورفع الصادرات خارج المحروقات. وتنظيم الجزائر لهذا المعرض، مثل اعترافا جديدا بمكانتها الاقتصادية وأكد دورها الريادي في تعزيز التكامل القاري، سيما و أن هذه التظاهرة كانت مناسبة للتنسيق الإفريقي في مواجهة عدد من التحديات التي تعرفها المؤسسات في القارة، بالأخص ما يتعلق بتسهيل تمويل المشاريع، وضمان آليات فعالة لمرافقة المقاولين وتذليل العراقيل اللوجستية والجمركية لضمان انسيابية المبادلات التجارية ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. و تكمن ميزة هذا الصالون،ليس في كونه أكثر من مجرد فضاء للعرض، بل منصة هامة لإبرام اتفاقيات وعقود ستستفيد منها المؤسسات الإفريقية. و يجمع الكل، أن احتضان الجزائر لهذا الحدث الاقتصادي كان محطة تراهن عليها لترجمة توجهاتها الرامية لتنويع الاقتصاد وبلوغ الصادرات خارج قطاع المحروقات مستوى 30 مليار دولار على المدى المتوسط، خصوصا نحو الوجهة الإفريقية. وباعتباره تظاهرة شاملة، سمح هذا المعرض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة و الحرفيين، وحتى المقاولين الذاتيين بإبراز قدراتهم ومنحهم فرصة لتطويرها، عن طريق شراكات وعقود تصدير. حيث أقدم المتعاملين الجزائريين على توظيف هذه المناسبة لعرض خبراتهم المكتسبة في العديد من المجالات وبحث فرص تعاون مع نظرائهم الأفارقة. وعلى الرغم من أن حجم المبادلات البينية الحالية لا يعكس الإمكانيات التي تزخر بها الأسواق، إلا أن المعرض كان فرصة مواتية للمصدرين الجزائريين للوقوف بدقة على احتياجات الأسواق الإفريقية ومؤهلاتها، بما يعزز من حضورهم الفعلي هناك.وزيادة عن قطاعات التصدير التقليدية خارج المحروقات، فقد تم تثمين الخبرات التي اكتسبتها المؤسسات الجزائرية خلال العقود الماضية، بالأخص في مجال البناء والأشغال العمومية، والصناعات الصيدلانية والغذائية، ووضعها في خدمة الأسواقالإفريقية. و بعدما حضرت جيدا لهذه التظاهرة، بات من الضروري على مختلف المتعاملين القيام بتقييم شامل للوقوف على النتائج المتوصلإليها بعد انتهاء المعرض الذي شهد تنظيم لقاءات أعمال مكثفة بين مختلف المشاركين. و في السياق، فان الإصلاحات التي يعرفها المجال المصرفي وكذا إنشاء بنوك جزائرية في دول إفريقية تسهم في إعطاء ثقة أكبر للمتعاملين الاقتصاديين لتجسيد العديد من الأهداف،أبرزها الظفر بأكبر حصة من الصفقات. و شكل هذا الحدث الاقتصادي آلية محورية لتعزيز التبادل التجاري بين بلدان القارة، وفرصة عملية لتقييم شامل لحجم الطلبات والعروض المتاحة داخليا. وقد أتاح للدول الإفريقية الوقوف على قدراتها الحقيقية من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، كما يفتح المجال أمام رفع مستوى المبادلات بما يسهم في تسريع النمو وتحقيق التنمية المشتركة. والجزائر، من خلال تنظيمها لهذه التظاهرة، استفادت من الاطلاع المباشر على جرد شامل للإمكانات القارية، فضلا عن عرض منتجاتها وخدماتها، في خطوة عملية لدعم صادراتها خارج قطاع المحروقات. بخلاف إفريقيا، التي رغم كونها القارة الأغنى بالثروات الطبيعية والبشرية، وأوّل مصدر عالمي للمواد الخام، إلا أنها ما تزال تعاني من مفارقة خطيرة، حيث تصدّر المواد الأولية وتعيد استيرادها في شكل منتجات محولة ذات قيمة مضافة عالية، وهو ما يزيد من فاتورة الواردات ويعمق التبعية للأسواق الخارجية، و بات من لزاما تطوير الصناعات التحويلية داخل القارة لتقليص هذه الفجوة. خلاصة القول،أن فعاليات الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، اختتمت وسط إشادة واسعة بالتنظيم والنتائج التي فاقت كل التوقعات. و بلغت قيمة العقود المبرمة خلال هذه الطبعة 48.3 مليار دولار، متجاوزة التوقع المحدد بـ 44 مليار دولار. و من خلال ذلك، حققت الجزائر حصة وازنة بلغت 23.6 بالمائة من الإجمالي، أي ما يعادل 11.4 مليار دولار من العقود التصديرية. وقد نوه المشاركون بالدور الذي أدته الجزائر في إنجاح هذه الطبعة، التي تجاوزت كل التوقعات وأثبتت قوة إفريقيا حين تسير نحو هدف موحد. مع الالتزام بالتميز والاهتمام بأدق التفاصيل الذي طبع التنظيم الجزائري. وتعد هذه النتائج مؤشرا واضحا على قوة العرض الجزائري في مجالات الإنتاج والانفتاح على أسواق القارة، وتعزيز مكانتها كقاطرة اقتصادية وتجارية في القارة السمراء.

سبتمبر 13, 2025 - 14:22
 0
الجزائر وإفريقيا ...الشراكة الرابحة
تحاليل الجمهورية:
شكلت معرض التجارة البينية الإفريقية في طبعته الرابعة التي احتضنها الجزائر بين 4 و10 سبتمبر الجاري، نافذة إستراتيجية لإبراز القدرات الإنتاجية التي يتمتع بها النسيج الاقتصادي الوطني، حسب ما أجمع عليه الخبراء. حيث اعتبروه بمثابة "منصة حقيقية" نقلت مشهدا واضحا عن القدرات الإنتاجية للمؤسسات الجزائرية وفتحت المجال واسعا لتعزيز الصادرات نحو السوق الإفريقية التي تضم ما يزيد عن 1.4 مليار شخص. كما مثل أن المعرض فرصة مثالية للمؤسسات الجزائرية لإبراز قدراتها الإنتاجية في مختلف قطاعات النشاط وتأكيد جاهزيتها لاقتحام الأسواق الإفريقية. و سمح أيضا بإقامة شراكات إستراتيجية من شانها أن تسهم في رفع تنافسية المؤسسات الجزائرية وإدماجها في سلاسل القيمة على الصعيد الإفريقي، وهو ما سيخدم بقوة أهداف الجزائر فيما يتعلق بتنويع الاقتصاد الجزائري ورفع الصادرات خارج المحروقات. وتنظيم الجزائر لهذا المعرض، مثل اعترافا جديدا بمكانتها الاقتصادية وأكد دورها الريادي في تعزيز التكامل القاري، سيما و أن هذه التظاهرة كانت مناسبة للتنسيق الإفريقي في مواجهة عدد من التحديات التي تعرفها المؤسسات في القارة، بالأخص ما يتعلق بتسهيل تمويل المشاريع، وضمان آليات فعالة لمرافقة المقاولين وتذليل العراقيل اللوجستية والجمركية لضمان انسيابية المبادلات التجارية ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. و تكمن ميزة هذا الصالون،ليس في كونه أكثر من مجرد فضاء للعرض، بل منصة هامة لإبرام اتفاقيات وعقود ستستفيد منها المؤسسات الإفريقية. و يجمع الكل، أن احتضان الجزائر لهذا الحدث الاقتصادي كان محطة تراهن عليها لترجمة توجهاتها الرامية لتنويع الاقتصاد وبلوغ الصادرات خارج قطاع المحروقات مستوى 30 مليار دولار على المدى المتوسط، خصوصا نحو الوجهة الإفريقية. وباعتباره تظاهرة شاملة، سمح هذا المعرض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة و الحرفيين، وحتى المقاولين الذاتيين بإبراز قدراتهم ومنحهم فرصة لتطويرها، عن طريق شراكات وعقود تصدير. حيث أقدم المتعاملين الجزائريين على توظيف هذه المناسبة لعرض خبراتهم المكتسبة في العديد من المجالات وبحث فرص تعاون مع نظرائهم الأفارقة. وعلى الرغم من أن حجم المبادلات البينية الحالية لا يعكس الإمكانيات التي تزخر بها الأسواق، إلا أن المعرض كان فرصة مواتية للمصدرين الجزائريين للوقوف بدقة على احتياجات الأسواق الإفريقية ومؤهلاتها، بما يعزز من حضورهم الفعلي هناك.وزيادة عن قطاعات التصدير التقليدية خارج المحروقات، فقد تم تثمين الخبرات التي اكتسبتها المؤسسات الجزائرية خلال العقود الماضية، بالأخص في مجال البناء والأشغال العمومية، والصناعات الصيدلانية والغذائية، ووضعها في خدمة الأسواقالإفريقية. و بعدما حضرت جيدا لهذه التظاهرة، بات من الضروري على مختلف المتعاملين القيام بتقييم شامل للوقوف على النتائج المتوصلإليها بعد انتهاء المعرض الذي شهد تنظيم لقاءات أعمال مكثفة بين مختلف المشاركين. و في السياق، فان الإصلاحات التي يعرفها المجال المصرفي وكذا إنشاء بنوك جزائرية في دول إفريقية تسهم في إعطاء ثقة أكبر للمتعاملين الاقتصاديين لتجسيد العديد من الأهداف،أبرزها الظفر بأكبر حصة من الصفقات. و شكل هذا الحدث الاقتصادي آلية محورية لتعزيز التبادل التجاري بين بلدان القارة، وفرصة عملية لتقييم شامل لحجم الطلبات والعروض المتاحة داخليا. وقد أتاح للدول الإفريقية الوقوف على قدراتها الحقيقية من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، كما يفتح المجال أمام رفع مستوى المبادلات بما يسهم في تسريع النمو وتحقيق التنمية المشتركة. والجزائر، من خلال تنظيمها لهذه التظاهرة، استفادت من الاطلاع المباشر على جرد شامل للإمكانات القارية، فضلا عن عرض منتجاتها وخدماتها، في خطوة عملية لدعم صادراتها خارج قطاع المحروقات. بخلاف إفريقيا، التي رغم كونها القارة الأغنى بالثروات الطبيعية والبشرية، وأوّل مصدر عالمي للمواد الخام، إلا أنها ما تزال تعاني من مفارقة خطيرة، حيث تصدّر المواد الأولية وتعيد استيرادها في شكل منتجات محولة ذات قيمة مضافة عالية، وهو ما يزيد من فاتورة الواردات ويعمق التبعية للأسواق الخارجية، و بات من لزاما تطوير الصناعات التحويلية داخل القارة لتقليص هذه الفجوة. خلاصة القول،أن فعاليات الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، اختتمت وسط إشادة واسعة بالتنظيم والنتائج التي فاقت كل التوقعات. و بلغت قيمة العقود المبرمة خلال هذه الطبعة 48.3 مليار دولار، متجاوزة التوقع المحدد بـ 44 مليار دولار. و من خلال ذلك، حققت الجزائر حصة وازنة بلغت 23.6 بالمائة من الإجمالي، أي ما يعادل 11.4 مليار دولار من العقود التصديرية. وقد نوه المشاركون بالدور الذي أدته الجزائر في إنجاح هذه الطبعة، التي تجاوزت كل التوقعات وأثبتت قوة إفريقيا حين تسير نحو هدف موحد. مع الالتزام بالتميز والاهتمام بأدق التفاصيل الذي طبع التنظيم الجزائري. وتعد هذه النتائج مؤشرا واضحا على قوة العرض الجزائري في مجالات الإنتاج والانفتاح على أسواق القارة، وتعزيز مكانتها كقاطرة اقتصادية وتجارية في القارة السمراء.
الجزائر وإفريقيا ...الشراكة الرابحة