باريس تتحمل كافة المسؤولية في تدمير العلاقات الثنائية!

ما الذي تريده فرنسا من الجزائر؟ سؤال بات طرحه أكثر من ملح في ظل تمادي فرنسا وإمعانها في استفزاز الطرف الجزائري، بإرسالها “جواسيس”، في هيئة إطارات دبلوماسية، وهي تدرك تمام الإدراك أن ممارسة من هذا القبيل ستزيد من تعفين وضع العلاقات الثنائية، التي تعيش أزمة غير مسبوقة في تاريخها. وقبل نحو شهر من الآن، قررت […] The post باريس تتحمل كافة المسؤولية في تدمير العلاقات الثنائية! appeared first on الشروق أونلاين.

مايو 12, 2025 - 20:16
 0
باريس تتحمل كافة المسؤولية في تدمير العلاقات الثنائية!

ما الذي تريده فرنسا من الجزائر؟ سؤال بات طرحه أكثر من ملح في ظل تمادي فرنسا وإمعانها في استفزاز الطرف الجزائري، بإرسالها “جواسيس”، في هيئة إطارات دبلوماسية، وهي تدرك تمام الإدراك أن ممارسة من هذا القبيل ستزيد من تعفين وضع العلاقات الثنائية، التي تعيش أزمة غير مسبوقة في تاريخها.
وقبل نحو شهر من الآن، قررت السلطات الجزائرية طرد 12 إطارا بخلفيات أمنية يعملون في السفارة الفرنسية في الجزائر، وتم تقديم هذا القرار على أنه رسالة لصناع القرار في باريس، بأن الجزائر غير مستعدة تماما لاستقبال أي مسؤول يعمل تحت وصاية وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، الذي جعل من التصعيد معها (الجزائر) ممارسة انتخابية تفطن لها جميع الفرنسيين، إلا رئيس بلادهم، إيمانويل ماكرون، إلا إذا كان على دراية تامة بذلك ولكنه عاجز عن القيام بأية خطوة لوضع حد لهذا الوزير في تدمير ما تبقى من العلاقات الثنائية.
وإلا كيف يمكن تفسير إقدام وزير الداخلية مرة أخرى على إرسال رجال مخابرات متخفّين في هوية دبلوماسية في تصرف يائس وصبياني، ولكنه أكثر من مستفز للجانب الجزائري، الذي حرص منذ البداية على الاحترام الصارم للاتفاقيات ذات الصلة، المبرمة بين البلدين، وكذا اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لسنة 1963.
هذا السؤال أجاب عليه النائب البرلماني وأستاذ العلاقات الدولية، علي ربيج، الذي وصف ما حصل من الجانب الفرنسي بأنه “عمل غير مقبول يتنافى والأعراف الدبلوماسية” من شأنه أن يؤدي إلى تدمير ما تبقى من العلاقات الثنائية، التي دخلت نفقا مظلما، يجسده غياب التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، وتخفيضه إلى مستوى القائم بالأعمال، بعد سحب السفير الفرنسي، ستيفان روماتي، قبل نحو شهر إثر إقدام السلطات الجزائرية على طرد 12 إطارا قنصليا.
ووصل عدد الإطارات الفرنسية الذين تم طردهم من قبل السلطات الجزائرية منذ 15 أفريل المنصرم، إلى 27 عنصرا كلهم من ذوي الخلفية الأمنية المخابراتية، يقابلهم 12 إطارا قنصليا من الجانب الجزائري، وهو ما يؤشر على أن الأمور تتطور بشكل سيء جدا، قد يصل حد قطع العلاقات الدبلوماسية، في حال استمر الطرف الفرنسي في افتعال الأزمة تلو الأخرى.
ويحمل النائب علي ربيج المسؤولية لوزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، الذين أخذ العلاقات الثنائية “رهينة لحساباته الانتخابوية الضيقة” في السباق الدائر على رئاسة حزب “الجمهوريون” اليميني، ولكن أيضا للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي بقي يتفرج عليه وهو يسمم هذه العلاقات منذ مدار أشهر.
ومهما يكن من يقف وراء تدمير العلاقات الثنائية، فإن النتيجة التي لا يساورها أدنى شك، هي أن فرنسا ومؤسساتها الرسمية، قد أثبتت وفق المصدر ذاته، أنها “لا تحترم أصول العلاقات الدبلوماسية من خلال تحايلها بطرق ملتوية من أجل إدخال أشخاص غير مرغوب فيهم إلى الجزائر”، في إشارة إلى رجال الأمن الداخلي في فرنسا، التي تقع تحت وصاية وزارة الداخلية.
فالأعراف الدبلوماسية والاتفاقيات الثنائية ذات الصلة، تقتضي، كما يؤكد أستاذ العلوم السياسية، أنه “لا يمكن تعيين أي مسؤول أو موظف في السفارات أو القنصليات، إلا بالتشاور مع الدولة المستضيفة، وهو ما لم يحصل في الحالة التي نحن بصددها، لأن باريس لم تقدم أي قائمة اسمية لوزارة الخارجية الجزائرية حتى تعطي الموافقة من عدمها، وهذا يعتبر خطأ سياسيا جسيما، يتحمله الطرف الذي أخل بهذه القاعدة”.
وعلى الرغم من اقتناع الطرف الفرنسي بأنه هو المتسبب في الأزمة المتفاقمة بين البلدين، وأن وزير الداخلية الفرنسي هو الذي يغذي الأزمة، إلا أن نظيره في الحكومة، وزير أوروبا والشؤون الخارجية، جون نويل بارو، لم يتردد في التهديد بالرد على طرد الجزائر 15 موظفا في السفارة الفرنسية بالجزائر، عبر تفعيل مبدأ المعاملة بالمثل.
وفي تصريح له الإثنين 12 ماي 2025، قال جون نويل بارو إن فرنسا سترد “فورا وبشكل متناسب” على قرار الجزائر طرد الـ15 موظفا في السفارة الفرنسية، وقدر بأن القرار “لا يصب في مصلحةِ الجزائر ولا في مصلحةِ فرنسا”، فيما كان من الأولى لسلطات بلاده أن تعمل على لجم من يتسبب باستمرار في تدمير العلاقات الثنائية قبل التباكي على انزلاقها نحو نفق مسدود.

شاهد المحتوى كاملا على الشروق أونلاين

The post باريس تتحمل كافة المسؤولية في تدمير العلاقات الثنائية! appeared first on الشروق أونلاين.