صفعة جديدة.. أوروبا تُسقط ضغوط باريس على الجزائر

 تحرّكت باريس في الأسابيع الأخيرة “بوقاحة دبلوماسية” غير مسبوقة، محاولة توريط الجزائر في “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (GAFI)، عبر توظيف ملاحظات تقنية مفبركة، وتسويق شبهات زائفة حول منظومة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. تحرك فرنسي مشبوه لا يمتّ بصلة لا للمهنية. ولا للتعاون الدولي، ويكشف بشكل سافر عن نوايا سياسية عدائية تستهدف تقويض استقلالية […] The post صفعة جديدة.. أوروبا تُسقط ضغوط باريس على الجزائر appeared first on الجزائر الجديدة.

يوليو 16, 2025 - 13:36
 0
صفعة جديدة.. أوروبا تُسقط ضغوط باريس على الجزائر

 تحرّكت باريس في الأسابيع الأخيرة “بوقاحة دبلوماسية” غير مسبوقة، محاولة توريط الجزائر في “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (GAFI)، عبر توظيف ملاحظات تقنية مفبركة، وتسويق شبهات زائفة حول منظومة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. تحرك فرنسي مشبوه لا يمتّ بصلة لا للمهنية. ولا للتعاون الدولي، ويكشف بشكل سافر عن نوايا سياسية عدائية تستهدف تقويض استقلالية القرار الجزائري. والتشكيك في مصداقية إصلاحاته المالية، في محاولة يائسة لإعادة فرض وصاية استعمارية بأساليب مؤسساتية مُقنّعة.

باريس لم تعد تخفي عداءها للدولة الجزائرية، ولم تعد تتردد في تسخير المنابر الدولية لتصفية حساباتها مع بلد تمرّد نهائيًا على زمن التبعية، ولأن الجزائر اختارت طريق السيادة، والاستقلال التام في قراراتها السياسية والدبلوماسية، جاء الرد الفرنسي على شكل مؤامرة مكشوفة تدار من كواليس الهيئات المالية، بتنسيق مع لوبيات مأجورة ومسؤولين فقدوا كل اتصال بمبادئ التعاون الدولي. لكن ما خططت له فرنسا، سقط في أول اختبار للجدية الأوروبية، بعدما رفضت عواصم وازنة الانخراط في لعبة التشويه السياسي، وفضّلت التعامل مع الجزائر كشريك نديّ، لا كدولة “قابلة للابتزاز”، كما توهمت الدوائر الفرنسية التي لا تزال أسيرة عقد السيطرة الكولونيالية.

مساعي فرنسية لتسييس مجموعة العمل المالي

كشفت معطيات دبلوماسية متقاطعة عن تحرك فرنسي مكشوف لإقحام الجزائر ضمن “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (GAFI)، تحت غطاء ملاحظات تقنية زائفة تتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، غير أن هذا التحرك الذي لبسته باريس قناعًا قانونيًا هشًّا سرعان ما انكشفت دوافعه السياسية، بعد أن قوبل برفض أوروبي متزايد، رافض لتحويل الآليات المالية الدولية إلى أدوات ابتزاز استعماري تستهدف تقويض استقلالية الدول غير التابعة لمنطق المحور الباريسي.

وحسب مصادر دبلوماسية عالية المستوى، كثّفت باريس تحركاتها خلال الأسابيع الماضية داخل الكواليس الأوروبية. مستعملة شبكات ضغط ولوبيات مدفوعة ومسؤولين سابقين في مؤسسات مالية دولية. لمحاولة شيطنة الجزائر أمام شركائها الغربيين. غير أن هذه المناورة وُوجهت بتحفظات صارمة من عواصم أوروبية فاعلة، رأت في الخطوة الفرنسية محاولة لإحياء نزعة الوصاية القديمة على بلد أعاد منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون، ترتيب تموقعه الدولي وفق مقاربات سيادية لا تستجدي الشرعية من الخارج. بل تُصاغ من رحم الإرادة الوطنية والاحترام الصارم للقانون الدولي ومرجعيات الأمم المتحدة.

تلميع صنصال

التحرك الفرنسي، وإن أُحيط بعبارات تقنية، لم يُخفِ نواياه العدائية، لا سيما بتزامنه مع حملة إعلامية ممنهجة لتلميع صورة الكاتب المثير للجدل بوعلام صنصال، في محاولة لتدويل قضية هامشية وتحويلها إلى ملف “حريات” يُستخدم كورقة ضغط سياسي. هذا السيناريو، الذي حفظت الجزائر تفاصيله منذ عهد التجارب النووية في رڤان إلى تقارير “رايتس ووتش”، قُرئ على أنه إعادة تدوير لأدوات السيطرة الثقافية والسياسية باسم الدفاع عن حقوق الإنسان، في وقت تواصل فيه باريس التستّر على مطلوبين للعدالة الجزائرية متورطين في قضايا فساد وتمويل جماعات متطرفة.

ويبرز التناقض الفجّ في خطاب فرنسا حين تزعم الحرص على الشفافية المالية، بينما تتحوّل أراضيها إلى ملاذ آمن لكيانات مالية موازية ومجموعات ذات طابع متطرف. تنشط تحت غطاء منابر إعلامية ومنظمات “حقوقية” وهمية. هذا في وقت تستمر فيه السلطات الفرنسية في تجاهل عشرات الإنابات القضائية ومذكرات التوقيف الدولية الصادرة عن الجزائر، ما يكرّس منطق الازدواجية الأخلاقية التي فقدت حتى الغطاء الدبلوماسي المعتاد.

غير أن ما لم تكن تتوقعه باريس هو أن عدة عواصم أوروبية بعضها ذات ثقل في هندسة السياسات المالية الدولية أبلغت الجزائر عبر قنوات دبلوماسية غير رسمية رفضها التام للانخراط في المساعي الفرنسية. بل إن بعضها كشف تفاصيل موثقة عن الطريقة التي حاولت بها باريس تسييس نقاشات مجموعة العمل المالي. وتحريف دورها من التنسيق التقني إلى أداة لتصفية الحسابات مع دولة تمارس قرارها السيادي بكامل الاستقلالية.

وفي تحليلات دبلوماسيين مخضرمين، فإن ما يقلق باريس ليس مكافحة الجريمة المالية. بل سقوط آخر قلاع النفوذ الفرانكفوني في منطقة المغرب الكبير وتجذر نهج السيادة الجزائرية. الجزائر لم تعد تدار من الخارج. ولم تعد تنتظر رضا من ضفاف السين. لقد أعادت هندسة عقيدتها الدبلوماسية، واختارت أن تكون شريكًا نديًا، لا تابعًا يُملى عليه.

فما تشهده الجزائر من حملات ممنهجة، بما فيها الضغوط الناعمة داخل المنظمات متعددة الأطراف. ليست إلا تعبيرًا عن قلق فرنسي عميق من انكشاف محدودية نفوذه في مواجهة دولة صاعدة. تفرض احترامها بتوازنها، وبنجاحها في تجاوز منطق المحاور، وبتحولها إلى فاعل محوري في معادلات الأمن والاستقرار الإقليمي.

الجزائر ترد بمنطق الدولة

ورغم كل محاولات التشويه، لم تنجر الجزائر إلى الردود الانفعالية، بل تمسّكت بمنطق الدولة الرزينة. وردّت عبر القنوات المؤسساتية، معززة إصلاحاتها التشريعية والرقابية، ورافضة تحويل أمنها الاقتصادي إلى مادة دعائية رخيصة. ففي السنوات الأخيرة، طوّرت الجزائر منظومتها المالية بقوانين صارمة، عززت الرقابة البنكية، وحاربت التهرب الضريبي، ووقّعت اتفاقيات مع هيئات امتثال دولية، ما يجعل حملات التشكيك فاقدة لأي مشروعية.

في المقابل، ما زالت باريس عاجزة عن تبرير احتضانها لبارونات المال الفاسد، ومنصات التحريض، ومجموعات متطرفة تستغل مناخ “التسامح الانتقائي” الفرنسي لتقويض الأمن الجزائري من الخارج. لذلك، فإن محاولة إدراج الجزائر ضمن القائمة الرمادية، لم تكن سوى قناع أخير لوجه استعماري قديم لم يشفَ بعد من صدمة فقدان النفوذ، غير أن الجزائر، بثقلها السيادي. ووضوح استراتيجيتها، وتمدد تحالفاتها في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، تجاوزت عتبة الخضوع، وفرضت احترامها كدولة تقود ولا تُقاد.

عبدو.ح

 

The post صفعة جديدة.. أوروبا تُسقط ضغوط باريس على الجزائر appeared first on الجزائر الجديدة.