فنٌّ أم عَفَن؟؟!!
د.خديجة عنيشل/ الفنّانون العرب الذين صدّعوا رؤوسَنا بعبارة (الفنُّ رسالة) لم نسمع لهم همسا أمام أبشعِ حربِ إبادةٍ في التاريخ!! لقد استمرّوا يقيمون حفلاتِهم بمنتهى الخِسّة وانعدامِ الحسّ وكأنَّ الذين يحترقون في غزةَ ليسوا بشراً، أوليسَ الفنُّ إحساساً ومشاعرَ؟!! كيف لم يحسّوا بأنينِ الأطفالِ وهم يتضوّرون جوعاً في غزة؟ وكيف لم يشعروا بما تشعرُ به …

د.خديجة عنيشل/
الفنّانون العرب الذين صدّعوا رؤوسَنا بعبارة (الفنُّ رسالة) لم نسمع لهم همسا أمام أبشعِ حربِ إبادةٍ في التاريخ!! لقد استمرّوا يقيمون حفلاتِهم بمنتهى الخِسّة وانعدامِ الحسّ وكأنَّ الذين يحترقون في غزةَ ليسوا بشراً، أوليسَ الفنُّ إحساساً ومشاعرَ؟!! كيف لم يحسّوا بأنينِ الأطفالِ وهم يتضوّرون جوعاً في غزة؟ وكيف لم يشعروا بما تشعرُ به الثّكالى والمرضى والمُصطلونَ على نارِ الإجرامِ الصهيوني؟؟!! ألم يشعروا بالخزي وهم يتراقصونَ على مسارحِ الدّياثةِ والعُهر والفُسوق في ذاتِ الوقتِ الذي تتفحَّمُ فيه أجسادُ الأطفالِ في غزة بسببِ القصفِ الصهيونيِّ النازي الذي لا يتوقف؟؟!! ألم يشعروا بالعارِ وهم الإخوةُ والجيرانُ والدَّمُ والعروبةُ وقد عجزوا عن تشكيلِ موقفٍ إنسانيٍّ جريء يرفضُ إبادةَ إخوانهم في غزة؟؟
ألا يشعرون بالمهانةِ وهم يرونَ نجمةَ هوليود الحائزة على جائزة الأوسكار سوزان ساراندون التي لا يجري في عروقِها دمٌ عربي ولا تتكلمُ اللسانَ العربي ولا تتصلُ بعلاقةِ رحمٍ وتاريخ مع أهل غزة ولكنّها دون تردّد وبشجاعةِ الفنّانِ الحرّ أقدمت على ركوبِ قاربٍ ضمنَ أسطول الحرية تُريدُ الوصولَ إلى غزة وكسرِ الحصارِ عن شعبها المضطهدِ الجريح. لم تُفكِّر في إرثِها الفنّي ولا في ضريبةِ دعمها للحقِّ الفلسطيني لأنَّها انتصرت لمُروءَتِها الفنية، واصطفّت إلى جانبِ إنسانيّتها التي تأبى الصمت أمامَ المجازر، والخنوع أمام الإبادة. لم تلتفت إلى الهرم الفنّي الذي تعتليه والذي يتحكّمُ في دواليبه أخطبوطُ اللوبي الصهيوني. لم تخشَ السقوط من رأسِ الهرم لأنها آمنت بأن انتصارَها للمظلومين في غزة هو مجدُها الحقيقي، ولم تتهيّب الخسائرَ التي تكبّدتها فنياً جرّاءَ رفضها للإبادة المتوحّشة في غزة لأنها تُدركُ أنَّ لاءَ الرفضِ هي مكسبٌ تاريخيٌّ لا يُقدَّرُ بثمن.
لم تُرهبها تكلفةُ دعمها لغزة فقد طُردت من وكالتِها الفنية وخسرت مشاريعَ فنيةٍ ضخمةٍ ولم يُخِفْها الإرهابُ الإلكتروني الذي قيّدَ حساباتِها على منصاتِ التواصل الاجتماعي وفتحَ عليها أبوابَ المكرِ والعِداء وهي في عمر الثمانين لم يُثنِها أيُّ شيء عن الجهرِ بالحقّ والدفاعِ عن الأبرياء في غزة ورفضِ المحرقة الصهيونية المجرمة فيها.
ومثل سوزان المطربةُ الفرنسيةُ إيماني التي قالت أمام الجماهير: إن لم تكن فلسطين حرة؛ فلسنا أحرارًا، وفي إيرلندا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا ودول أمريكا الجنوبية واليابان كثيرٌ مّا هم الفنُّ عندهم يصرخُ بأعلى صوتِهِ: فري فري فلسطين.. لا للإبادة ولا لتسليح جيش الاحتلال. في حين يتراقصُ ذبابُ الفنِّ العربي حولَ العَدَمِ والتّيه دون وعي ودون إنسانية ودون مروءة يدفعُ رخيصُهم الذي علّمهُم الدياثة ألوفَ الدولارات من أجل صورةٍ مع امرأة ترامب!! في البيت الأبيض حيثُ سواد الوجه وانعدامِ الحس.
ويتحول رُكحٌ فنيٌّ آخر إلى معرضٍ للتقبيل والميوعة والخنا.. ومن الرياض إلى القاهرة إلى بيروت وغيرها من عواصم العرب تستمرُّ حفلاتُ المهانةِ والخذلانِ لتتضّحَ صورةُ أمةٍ كاملة لم ينتفض فيها عِرقٌ واحد ولا قام فيها منشطٌ واحد يغسلُ عارَها ويقيمُ لها حُجّةً واحدةً فقط!! إنها غزة العظيمة بوصلةُ أخلاق العالم فضحت المنافقين والكذابين والخانعين واشرأبَّ عنقها يُطاولُ عنانَ السماء بين نصرٍ سيكونُ لا محالة أو استشهادٍ يحيا فيه أبناؤها عند ربّهم يُرزقون. والله المستعان على ما يصفون