مبروك زيد الخير: تضافر الجهود عبر روسيا والعالم الإسلاميّ قادر على تشخيص أوضاع الشّباب بعقلانية 

أكد الدكتور مبروك زيد الخير رئيس المجلس الإسلامي الأعلى أنّ “تضافر الجهود عبر مجموعة روسيا والعالم الإسلاميّ، قادرة على تشخيص أوضاع الشّباب بعقلانية وحصافة وأوضح زيد الخير في الاجتماع السنوي لمجموعة الرؤية الاستراتيجية  في موضوع: ” تجربة روسيا ودول العالم الإسلامي في مجال سياسات الشباب: تحديات مشتركة وجهود مشتركة ” يومي 15- 16 ماي 2025 …

مايو 16, 2025 - 09:35
 0
مبروك زيد الخير: تضافر الجهود عبر روسيا والعالم الإسلاميّ قادر على تشخيص أوضاع الشّباب بعقلانية 

أكد الدكتور مبروك زيد الخير رئيس المجلس الإسلامي الأعلى أنّ “تضافر الجهود عبر مجموعة روسيا والعالم الإسلاميّ، قادرة على تشخيص أوضاع الشّباب بعقلانية وحصافة

وأوضح زيد الخير في الاجتماع السنوي لمجموعة الرؤية الاستراتيجية  في موضوع: ” تجربة روسيا ودول العالم الإسلامي في مجال سياسات الشباب: تحديات مشتركة وجهود مشتركة ” يومي 15- 16 ماي 2025 – بقازان – جمهورية تتارستان، “نحن بحاجة لإقامة ميثاق عالميّ مشترك، لتجسيد قيم إنسانية عليا، ومبادئ أخلاقيّة مثلى، يصونها الاحترام، ويزينها الوئام،ويُميّزها الأمن والسّلام، وذلك لتفادي التّنافر التّلقائي، والصّدام الحضاريّ، مؤكدّين على ضرورة اقتناعنا بدور الإنسان في تعمير الأرض، واستثمار الزّمن، ومواجهة التّحديات والمحن، والضّغوطات والفتن، وقد كان من الطّبيعي أن يعمل العالم على تضافر الرّؤى والجهود، والتّضحية ببذل الوسع، وإجزاء المجهود، لفكّ الارتباط بالغابر من القطبيّة الأحاديّة، والانخراط في التّعددية القطبيّة التّي هي بديل واقعيّ وعقلانيّ، تفرضه الأحداث، وتلزمه تجاذبات القوى العالمية.”

وقال “إنّ القطبيّة التّعددية ركونٌ إلى الاعتزاز بالانتماء الإنساني المشترك، بعيدا عن العصبيّات الضيّقة، والعنجهيات المفرطة، خصوصا وأنّ الاسلام الّذي يدين به العالم الإسلاميّ المقصود بالعلاقات بينه وبين روسيا، قد أقام مقاصده العليّة، وفلسفته الزّكية على النّديّة، وتكريس معالم الإنيّة، والدّعوة إلى المسارات الرّضية، والحفاظ على الكرامة والخصوصيّة، والاعتزاز بالانتماء إلى الأصل الآدميّ المشترك بين بني البشر، وماينبثق عن ذلك من أثر .وإنّ مدّ جسور التّعاون في مجال الشّباب الّذي هو مصدر للتّجديد والتّغيير، وأمل للتحديث والتّطوير، في مختلف مجالات الحياة، خضوعا للقيم الجديدة، والتمرّد على الحياة الجامدة الرّتيبة.”

وأضاف رئيس المجلس الإسلامي الأعلى “وإنّ الفئات الشّبابية تعيش مرحلة تناقض وصراع بين الغابر والحاضر، فالغابر ساكن مستقرّ، والجديد تدعمه التّطورات، وتعتريه التّغيرات، وتطاله التّكنولوجيات والتّقنيات، وتابع “إنّ الشّباب في العالم الإسلاميّ يمثل ثلثي المجتمع، بما يقارب 70(%) نظرا للميلاد الحديث للاستقلال المحصّل بالكفاح والمغالبة، ولئن كانت مناهج البحث تتنوّع في فهمها وتحديدها لمرحلة الشّباب، حيث تقاس المرحلة، إمّا بالمقياس الزمنيّ العمريّ، أو بالمقياس البيولوجيّ، حيث يكتمل نمو البناء العضويّ والوظيفيّ لمكونات جسم الإنسان، أو بالمقياس النّفسيّ، حيث يحدّد الشّباب بأنّه حالة نفسيّة لا مرحلة عمريّة، وهناك المقياس الاجتماعيّ حيث يبدأ مع اضطلاع الفتى أو الفتاة، بالقيام بدوره في بناء المجتمع، بحصافة وأناة “.

وفي السياق ذاته قال زيد الخير “إنّ تضافر جهود الأمم لحفظ شبابها، والتّعاون على تسييج حياته ضدّ الأخطار، وحمايته من الآفات والأضرار، مطمحٌ سامِ نبيل بلا شكّ، وأنّ التّعاون يجب أن ينأى بالشّباب عن صراع الأجيال، وحالة الاغتراب والتمزقّ النفّسي، والتوتّر السّاحق، والوهن المتلاحق، لأنّ الشّباب في هذا العصر الموّار بالتقّنيات، والموسوم بالرّفاهية والترف، في بعض البلاد، وبالصّعق والسّحق في بلاد أخرى، يؤدّي إلى التّناقض،  وسوء التّفكير، ثمّ إلى خلل التّقدير،  ثمّ ما يلبث أن يؤدّي إلى عنف التّعبير الّذي يفضي إلى الصّدام ثمّ إلى التّفجير .”وتابع “إنّ العالم سيصلى نارا ذات لهب، إذا ما تدهور العيش، ويئس الشّباب، أو أبحر في المجهول وهرب إلى الاغتراب…وحريُّ بالدُّول أن تجعل من أولوياتها رسم السّياسات التّعليمية، وتقليص الهّوة بين الأهداف المعلنة، والطموحات الممكنة، والواقع المعيش، وتصحيح الرّؤية للحياة، وإبراز الدّور المنوط بالشّباب للثّبات وسط التّيارات الفكريّة والثّقافيّة، وضغوطات العولمة، وما يقتضيه الفعل التّواصليّ عبر التّلاقي الثّقافي والحضاري. ”

“ولاريب أن ننبه إلى أنّ عصرنا هذا عصر تأزمّ شبابيّ، بسبب التّحولات المدنية والتّكنولوجيّة الباهرة، التّي أضحت تجرف المجتمعات، وتهلك الحرث والنّسل، وتجعل الشّباب على جرف هار، تزل به القدم إلى هاوية العدم، ولاشكّ أنّ ضغوط العصر قد تضاعفت وطأتها، على المجتمع البشري برمّته، وعلى الشّباب بمميّزاته وخصوصيّته، وعسر على الشّباب أن يواجهوا مصاعب التّيه في مهاوي الضّياع، وصعوبة التّصدّي للتّلاطمات العالمية السّاحقة التّي لاتبقي ولا تذر.” يضيف المتحدث. ”

وأكد أنّ “تضافر الجهود عبر مجموعة روسيا والعالم الإسلاميّ، لقادرة على تشخيص أوضاع الشّباب بعقلانية وحصافة، ودقة علمية دون سفافة، حتى لا يكون تشخيصا تنميطيا، وإنّما يراعي خصوصيات البلاد الإسلاميّة،  وضوابطها القيميّة، وأعرافها الاجتماعيّة، ويستفيد من القواعد العلمية، وآليات التّغيير العقلانيّة.. إنّ التغيير المنشود، لايكون ضربة لازب، أو طفرة تنقل الشّعوب من العدم إلى الوجود، ولكنّه انتفاض ومغالبة، وإلحاح ومطالبة، ومعاسرة ومصابرة، ليتمكّن الجيل من إقتحام العقبة، بفكّ الرقّبة، وولوج العتبة، لإقتحام فضاء التّطوّر والمدنيّة، ودخول عالم التّكنولوجيا والتّقنية، ولا يخلو إنجاز مدنيّ من تبعة سلبيّة، باعتبار أنّ التّطوّر ذو طبيعة متوالية ديناميّة، وأنّه هدم وبناء، ممّا هو قابل للتّحوّروالتّغيير اللّامتناهي.  وجدير بالمجموعة أن تعمل على تصميم الرّؤية،  بفتح الأمل، لتكافؤ الفرص، وتحفيز الهمم الشّبابية للتّشمير عن السّواعد، لبناء الحاضر، وتطوير المستقبل، وغرس روح المبادرة، والاتّكال على الذّات، لا على سهل العيش، وترف اللّذات،  إنّ الشّباب يجب أن يكون داخل حلبة البناء، وفي صلب الفاعليّة والممارسة للعمل المنتج، بالإرادة الدّافعة ..”

وحسب المسؤول ذاته فإنّ “الانكفاء على الوهم، والاكتفاء برفع الشّعارات، مؤدّ إلى الخسار،  ومفض إلى البوار، بل يجب أن تكون القدوة شعارا، وأن تكون الدولة شارطة لا مشروطة،  وأن لا يكون قصارى فعلها الظّهور الشّكلي تارة بعدة أخرى،  وأن لا تجعل من الأوهام منجزات، بل تربّي الشّباب على الصّدق والضمّير والصرّاحة. قال الجواهري:

قالوا قد انتصر الطبيب على المحال من الأمور

زرع الجماجم والقلوب وشدّ أقفاص الصدور

فأجبتهم، ومتى ستُرفع  راية  النصر الأخير

زرع الضمائر في النفوس العاريات من الضّمير

نحن بحاجة الى عودة الرّوح، للأنفس الشّابة، ممّا يمنع نزيف الهجرة المفضي للغرق، ويأس النّخب الشّبابية من ترقيع القابل، وتغيير المستقبل، ومن ذلك ماهو ضروري ملزم كنماء الوعي، وتحسين الاقتصاد، وتصحيح الأوضاع الاجتماعية، وإبراز معالم الهوّية، والحفاظ على المكتسبات الوطنية، ومحاربة الآفات الإجتماعيّة، والتّصدّي لثقافة التّيئيس، وتضييق الهّوة بين الأجيال، وبين الأمل ..وبينها وبين الوطن ..”.

واختتم المتحدث “إنه لابدّ من النّأي عن ظاهرة التّسويف والتّعجيز والتّثبيط، والبؤس الإجتماعي. وإنّ جميع المعالجات للأوضاع المفروضة، بفعل الواقع الّذي ماله من دافع، بحاجة إلى التّبادل الاقتصاديّ مع الدّول العظمى مثل روسيا، في ميادين شتّى منها: الطّاقة، والصّناعة، والخبرات، والتّعاون اللّوجيستيكي، والبحث العلمي، والتّكنولوجيا الحديثة، وآليات البناء والتّصنيع والدّفاع، وغير ذلك..ثمّ إنّ التّعاون الإيجابيّ في ظل تطوير الشّراكات الاستراتيجيّة، القائمة على المصالح المشتركة،  والمنافع المتبادلة، والاستفادة من التّحولات الآنية، في النّظام الدّولي والعلاقات الإنسانية،  سوف يتيح للعالم الاسلاميّ الرّحيب،  وفضائه المنتج الخصيب،  أن يتبادل المنافع مع دول القطبيّة المتعددّة،  ولسوف تكون معاني التّسامح والعدل والمساواة  الّتي كرّستها المنظومة الأخلاقيّة للأمّة الإسلاميّة، كفيلة بأن تنفتح على كلّ الشّركاء،  وأن تتعايش مع العقائد المخالفة، في سلام مطلق،  وحماية تامّة للحريات والأفكار والخصوصيات والمشارب،  وقد عاشت الأمّة الاسلاميّة ردحا من الدّهر- كما قالت زيغريد هونكة – في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب )،  مع كلّ الدّيانات، وعاملت كلاّ من الأقباط، والماروينين، واليسوعيين،  والأكراد و الدّروز، ومختلف الأقليات في غاية السّلام وفي منتهى الوئام.