ندوة راس العيون بباتنة بعنوان : « المفكر الدكتور الطيب برغوث الرجل و المشروع». أساتذة من جامعة الأمير عبد القادر و زملاء يناقشون فكر رجل منهم و مشروعه
تغطية : أ. سلمة ب. */ مواكبة لأسبوع يوم العلم وشيخه الجليل العلامة عبد الجميد بن باديس، جاء هذا اليوم الدراسي دافعًا للعمل والابتكار، قصد بناء مجتمع يعتز بالمعرفة ويحتفي بأهلها، كما هو حال هذه السُّنة الحميدة الجديدة المتجددة التي نعتز بها نحن في الجزائر، حيث نظمت بمكتبة المطالعة العمومية برأس العيون بولاية باتنة، الأسبوع …

تغطية : أ. سلمة ب. */
مواكبة لأسبوع يوم العلم وشيخه الجليل العلامة عبد الجميد بن باديس، جاء هذا اليوم الدراسي دافعًا للعمل والابتكار، قصد بناء مجتمع يعتز بالمعرفة ويحتفي بأهلها، كما هو حال هذه السُّنة الحميدة الجديدة المتجددة التي نعتز بها نحن في الجزائر، حيث نظمت بمكتبة المطالعة العمومية برأس العيون بولاية باتنة، الأسبوع المنصرم، ندوة بعنوان: «المفكر الدكتور الطيب برغوث الرجل و المشروع»، بعد ندوات سابقة نظمت في جهات أخرى عنه، تكلمت عنها وسائل الاعلام في مناسبات سابقة، كتكريم الشيخ الدكتور عمار طالبي، وغيره، كما تكلمت بعض وسائل التواصل الاجتماعي عن هذه الندوة تحديدا باقتضاب.
ندوة دراسية لفكر الرجل و تراثه
بعد الافتتاح بآيات بينات من القرآن الكريم والاستماع إلى النشيد الوطني، انطلقت أشغال الندوة التي نشطها مدير مكتبة الإحسان بباتنة، الأستاذ محمد مراح، و شاركت فيها كوكبة من الاساتذة، حيث كانت المداخلة الأولى من تقديم الأستاذ الصالح سمسار بعنوان: «الطيب برغوث على درب الأنبياء جميعا في تبليغ الوعي السنني»:
والتي تناول فيها الكلمات المفتاحية الثلاث لمداخلته، فتطرق إلى بعض محطات حياة الدكتور الطيب برغوث العلمية والأكاديمية باختصار، واصفا إياه بالعالم الكبير والمجدد الذي سبق زمانه في العلوم الاسلامية والانسانية، ثم تطرق إلى مهمة الأنبياء التي أوكلها الله لهم، وهي تبليغ الوعي السنني، والتي اكتملت مع رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ورثها العلماء من بعده، وقد استجمع الشيخ الدكتور الطيب برغوث هذا الوعي السنني الشمولي، وذلك عبر سلسلة من المؤلفات الكثيرة، كمفاتيح الدعوة، وآفاق في الوعي السنني، وآفاق في الخبرة القيادية، ثم تطرق في الأخير إلى مفهوم الوعي السنني، حيث أبرز إشكاليته التي رأى بأنها تتمثل في البحث عن عوامل بناء وقيام الحضارات في التاريخ، وعوامل التجديد وإعادة بنائها بعد أن تسقط.
كلمة الأستاذ الدكتور عمر مناصرية
وفي مداخلته التي جاءت بعنوان: «الطيب برغوث ومشروع السننية الشاملة: نظرة محلية» حاول إسقاط منظور السننية الشاملة على المجتمع المحلي، حيث طرح سؤالا حول مدى إمكانية الاستفادة منه محليا، وذلك من خلال أهمية إسقاط الظواهر الكلية على الواقع المحلي، وعدم تركها من دون تفعيل ولا توجيه، حيث تناول ذلك من خلال مفهوم النهضة الذي يعني في أحد مبادئه الأساسية العمل للصالح العام، وضرب لذلك مثلا بثورة التحرير الجزائرية التي استطاعت في ظرف سبع سنوات أن تؤسس للمرجعية والهوية الوطنية، والتي لا يزال المجتمع الجزائري بعد ستين سنة أو أكثر يستفيد منها ويوظفها، ليخلص إلى أن العمل للمصلحة العامة ولو لفترة وجيزة من التاريخ، تكون له تأثيرات عميقة وطويلة الأمد، وأن تجاوز المشكلات التي تعوق العمل للصالح العام، على المستوى المحلي يمثل اهمية كبيرة من أجل التجذير لهذه المرجعيات في الواقع المحلي، كما تطرق إلى قدرة منظور السننية الشاملة على استعادة المفهوم الصحيح للإسلام في واقعنا.
وتطرق الأستاذ عبد الحميد مصباح، وهو رفيق درب الدكتور الطيب برغوث في مساره الدعوي في مداخلته التي عنونها بـ «الطيب برغوث وتجربته الدعوية الرائدة» إلى التجربة الدعوية للدكتور الطيب برغوث في مرحلة الصحوة الإسلامية، وأهم مميزاتها، فبعد أن نوه بمكانة الدكتور الطيب برغوث العالية ووصفه بابن باديس العصر، وبأخيه الميلود الذي وصفه برجل الظل، تطرق إلى العديد من الأساليب والأنشطة التي كانت قائمة في منطقة راس العيون، بإشراف وتوجيه الشيخ الطيب برغوث، ومنها ندوة الجمعة التي كانت تستقطب ما حولها من المناطق، بما تميزت به من منهجية وتنظيم وابتكار، حيث كان الشيخ يقدم إليها من قسنطينة خصيصا، ويعد لها برنامجا سنويا، يتناول قضايا ذات اهمية للمجتمع، كما يستشرف قضايا اخرى مستقبلية، كما خصص لها جائزتين، هما جائزة احسن تلخيص وجائزة حسن الضيافة التي تمنح للمرتادين بغرض استيعابهم في الندوة، كما كانت هناك نشاطات أخرى كثيرة ومتنوعة، كندوة الأساتذة والندوات التكوينية المستمرة في العطل، والورشات التي يقدم لها اساتذة ودكاترة كبار.
كلمة الأستاذ الدكتورعيسى بوعافية أحد طلبة الشيخ الطيب برغوث، والأستاذ بجامعة قسنطينة في مداخلته التي عنونها بـ» لب مشروع السننية الشاملة للدكتور الطيب برغوث»
تناول موضوعه من خلال طرح العديد من الأسئلة المحورية حول مشروع السننية الشاملة والإجابة عنها باختصار شديد، وهي ثمانية أسئلة، تطرق في الأول منها إلى التعريف بالمشروع، حيث أجاب بأن المشروع له تسميتان، هما: نظرية المدافعة والتجديد، ومشروع السننية الشاملة. أما عن مجال المشروع فله ثلاث مجالات، هي فلسفة التاريخ، مشكلات الحضارة، وفقه النهضة الحضارية، وعن سؤال كيف تطور هذا المشروع، فقد قال الأستاذ بأن ذلك يعود إلى انتباه الدكتور الطيب برغوث واكتشافه للمنهج التحليلي السنني ثم للقواعد والكليات السننية، ثم للسننية، والسننية الشاملة، وفيما يتعلق بسؤاله عن لب مشروع السننية الشاملة، فقد أجاب بأنه التركيز على المنظومات السننية الكلية الناظمة للوجود ككل، وهو ما يميز فكر الشيخ الطيب برغوث عن غيره، أما فيما يتعلق بمميزات منظور السننية الشاملة، فقد ذكر بأنها الاهتمام بالسنن والشبكات السننية والمنظومات السننية الكلية، وحول مدى اكتمال المشروع أم هو ناقص، فقد قال بأنه مكتمل عند صاحبه، أما في مؤلفاته وواقعه فهو لا يزال بحاجة إلى بلورة وخدمة.
كلمة الأستاذ الدكتور مولود سعادة
من جهته تطرق الأستاذ الدكتور مولود سعادة، من جامعة باتنة، ورفيق درب الدكتور الطيب برغوث في مداخلته التي جاءت بعنوان: «الطيب برغوث من قامات الفكر والثقافة في العالم العربي والإسلامي» إلى مختلف العوامل والخلفيات التي اوصلت الدكتور الطيب برغوث إلى هذه المكانة العالية وهذه العالمية، وقد أجملها في اعتباره تلميذا مباشرا لكل من المصلحين والعلماء، ابن خلدون ومحمد عبده ورشيد رضا وعبد الحميد ابن باديس، ومالك بن نبي، إذ سار على دربهم مستهديا بمسيرتهم الخلقية والنفسية والدعوية، كما اعتبره منتوجا حقيقيا للقرآن الكريم، نشأ في طاعة الله، ووفر شرط التقوى التي اكسبته العلم، معتبرا مشروع السننية الشاملة فتحا ربانيا، كما اعتبر الشيخ الطيب برغوث استجابة ربانية للصاحين من اسلافه، وذكر دعاء والدته له بالخير، ومن العوامل التي هيأت الشيخ لتبوئ هذه المكانة العالية أيضا، عدم اهتمامه بالسعي للشهرة وعلو القامة والمكانة، حيث لم يكن يسعى إلا إلى مرضاة الله وأداء رسالته التي كلفه الله بها، من خلال القرآن والسنة، فلم يكن يطلب شيئا لنفسه.
وتطرق الدكتور سعادة بعدها إلى بعض المؤشرات التي تبرز مكانة الشيخ وتأثيره محليا ووطنيا وعالميا، خاصة من خلال الملتقيات التي كان فيها نجما لامعا، معطيا بعض الأمثلة عن ذلك، وكذلك من خلال التفات المفكرين والعلماء إلى اهمية مشروعه، ومحاولة بعضهم جعله مشروعا للقرن، وكذا من خلال حياته الخاصة في النرويج، حيث اعتبرته صحيفة هناك رجل العام، حين عاشت معه يوما من حياته، معتبرا الشيخ الدكتور الطيب برغوث قامة فكرية في العالم الاسلامي، ونظير توينبي وشبنجلر وغيرهما، وخلص الدكتور سعادة إلى ضرورة الاهتمام بهذا المشروع من خلال القيام بالواجب تجاهه، والسير على منهجه، وترجمته إلى اللغات الأجنبية، ومنافسة الفكر الغربي به.
مداخلة الأستاذ الدكتور عمار طسطاس، أستاذ التعليم العالي بجامعة قسنطينة،
ورفيق درب الشيخ الطيب برغوث لفترة طويلة امتدت لقرابة نصف قرن، في مداخلته التي جاءت بعنوان» الطيب برغوث الانسان والمفكر» شخص الطيب برغوث الانسان والمفكر، حيث تطرق أولا إلى لقائه به وتعرفه عليه أول مرة، وفضله عليه، معتبرا إياه زميلا واستاذا في نفس الوقت، سهل له ما يقرأ، وأنقذه من الزيف العقائدي والفكري الذي كان منتشرا في تلك الفترة المضطربة، حيث كان أصحاب المكتبات في قسنطينة تعرفه. ومن السمات التي ذكرها الدكتور طسطاس حول الشيخ الطيب برغوث، أنه كان صبورا، كثير الحلم، لا يقلق من معارضيه، ولا يرد عليهم، مشيرا إلى أن الأخلاق والرحمة هي من أخلاق النبوية والدعوة وروح الاسلام والعالم والمفكر، فما يميز الشيخ الطيب عن تجربة ومعايشة هي انه من معدن نفيس من معادن أخلاق الاسلام، وهو قدوة كما أمر الله، متجرد للعمل في سبيل الله. ثم تطرق فضيلة الدكتور إلى الجانب الثاني في الشيخ الدكتور الطيب برغوث، وهو جانب المفكر، حيث تأسف على كونه معروفا في خارج الجزائر أكثر من الداخل، وما ذلك إلا لتفكيره العلمي، المؤصل، والمنفتح على كل الأفكار الأخرى، من خلال التكوين، مذكرا ببعض التجارب في حياته معه، واصفا إياه بالمفكر والعالم المنهجي المستوعب والمتجاوز، متطرقا إلى الفكرة التي لازمتهم طويلا، وهي وحدة الوطنية والاسلام، وهمّ مواصلة تحرير الأمة ثقافيا.
مداخلة الدكتور محمد عوالمية الأستاذ بجامعة قسنطينة
من خلال مداخلته الواجب نحو مشروع الدكتور الطيب برغوث، حيث تساءل: ما واجبنا نحو هذا المشروع ؟ وما الذي ينبغي فعله لاستكمال تجسيده على أرض الواقع؟. وقد أجاب أن لكل واحد واجبه الخاص به نحو المشروع، فمن كان رفيقا للشيخ، فعليه ان يوثق شهادته، ويكشف بعض الغوامض التي لا يقولها الشيخ في كتاباته، وواجب الأكاديميين ان يدرجوا هذا المشروع، ضمن أدبيات البحث، ليستخرجوا منه موضوعات بحثية في جميع المجالات المعرفية، لأنه يقع ضمن مجالات معرفية كثيرة، شرعية واجتماعية وفلسفية، وذلك لدراسته وفهمه وتفهيمه. أما واجب المثقفين عموما، والمجتمع المدني المرتبط بالصحوة، وبالفكر الرسالي، فهو أن يقرأوا ما كتب الأستاذ الطيب، وأن يعرفوا به من لا يعرفه، لأن هناك حاجزا أريد له أن يكون بين الأستاذ والأجيال اللاحقة، ولذا يجب استدراك ذلك وبذل الجهود الكبيرة لرأب هذه الفجوة التي جعلت الأجيال الجديدة تستثقل فكره و تستصعب مصطلحه وتعجز عن قراءته وفهمه، مذكرا بأهمية ما وصفه بالكتابات الوسيطة التي تبسط المنظور لتضعه في متناول الجميع.
كلمة البروفيسور عبد العزيز برغوث من ماليزيا للندوة،
قال فيها أن المفكر الطيب برغوث، رجل مخلص صابر جاد حكيم مثقف متواضع قضى خمسين عاما يربي ويعلم، ويقرأ، ويكتب وينظر ليضع منهجا سننيا حضاريا متكاملا للنهضة والتجديد الحضاري المنضبط بالسنن والقوانين والخبرات الحضارية المضطردة، واصفا إياه بصاحب منظومة مميزة في التفكير والتحليل الحضاري..عندما تقرأ كتبه تشعر بالحرارة والدفء والقوة والعمق والصلابة والمتانة المعرفية والفكرية. عندما تدخل العالم السنني (أعني فكره السنني) تجد نفسك محاصرا بمصطلحات ومفاهيم ومعاني ودلالات قرآنية عميقة. لقد وهبه الله القدرة على استنطاق واستحلاب المصطلح السنني الحضاري القرآني بسلاسة وطلاقة مميزة.».
مضيفا بقوله: «يتميز فكر الشيخ الطيب بالقدرة الفائقة على تركيب الافكار واستخراج القوانين والسنن بشكل انسيابي طليق لا تكلف فيه ولا اعتصار او اعتساف. رجل مفكر حاز ملكة السننية وامتلك زمام الفكر السنني فأبدع ما سماه بالسننية الشاملة»..
كلمة شكر من «منتدى دراسات النهضة الحضارية» للمشاركين في الندوة
من جهته «منتدى دراسات النهضة الحضارية» الذي نقل بالصوت والصورة بعض فعالية اللقاء والتي تابعها أيضا عن بعد بعض الافاضل والفضليات من خارج وداخل والوطن، كلمة شكر للأساتذة الافاضل، متمنين للشيخ الطيب برغوث الشفاء العاجل، وأن يستمر في إلهام الأجيال القادمة. وللمشاركين في الندوة دوام الصحة والعافية، قصد مواصلة العطاء والتميز في مجالاتهم التربوية والدعوية.
(* جامعة سطيف ).