هل حظر الدفع “كاش” سيستقطب الكتلة النقدية في السوق الموازية إلى البنوك؟
تعتكف الحكومة الجزائرية خلال السنوات الأخيرة إلى استقطاب الكتلة المالية المتداولة في السوق الموازية، حيث تعمل من خلال إستراتيجيتها المسطرة إلى منع التعامل نقدا في التعاملات الحيوية، ويشهد المشروع الطموح العديد من المطبات والعراقيل التي حالت دون أن يتم تجسيده على أرض الواقع، حيث شكلت التأجيلات المتكررة التي جاءت ضمن قانون المالية حجرة عثرة أمام […] The post هل حظر الدفع “كاش” سيستقطب الكتلة النقدية في السوق الموازية إلى البنوك؟ appeared first on الجزائر الجديدة.

تعتكف الحكومة الجزائرية خلال السنوات الأخيرة إلى استقطاب الكتلة المالية المتداولة في السوق الموازية، حيث تعمل من خلال إستراتيجيتها المسطرة إلى منع التعامل نقدا في التعاملات الحيوية، ويشهد المشروع الطموح العديد من المطبات والعراقيل التي حالت دون أن يتم تجسيده على أرض الواقع، حيث شكلت التأجيلات المتكررة التي جاءت ضمن قانون المالية حجرة عثرة أمام تفعيل معاملات الدفع عن طريق البنك يتأجل لأكثر من ست مرات متتالية، ويرجع المختصون السبب لعدة عوامل اقتصادية، تقنية، وإدارية.
التأجيل المتكرر في هذا المشروع الهام دفع بالسلطات المعنية إلى تأجيل الإستراتجية الأم التي تلزم إلزاما كليا الدفع عن طريق البنوك في جميع المعاملات المالية إلى إستراتيجية تدريجية لفعيل على هذا النوع من الدفع، حيث أقرت الحكومة مؤخرا حظر السداد النقدي في معاملات بيع وشراء السيارات والعقارات والتجهيزات، في خطوة تهدف إلى تحجيم التعامل نقدا سيستقطب الكتلة المالية في السوق الموازية.
التشديد على ضرورة التخلي عن المعاملات النقدية لصالح التعاملات البنكية
وجاءت خطوة الإلزام الجزئي للدفع من خلال الطرق الرسمية مع فرض استخدام البنوك ووسائل الدفع الإلكترونية تنفيذًا لما نص عليه قانون المالية لعام 2025، والذي شدد على ضرورة التخلي عن المعاملات النقدية لصالح التعاملات البنكية والإلكترونية في القطاعات الحيوية، فوفقًا لأحكام المادة 207 من قانون المالية لسنة 2025 التي أكدت على أهمية تقنين حركة الأموال وتعزيز الرقابة الجبائية، وكذا التعليمة الرسمية التي أصدرتها الحكومة في 7 جانفي 2025 والتي ألزمت إجراء المعاملات الكبرى عبر القنوات البنكية بدلاً من الدفع النقدي، تشمل هذه الإجراءات صفقات بيع العقارات، السيارات، اليخوت، بالإضافة إلى عقود التأمين الإجباري.
في هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي، سليمان ناصر، أن إلزامية التعامل البنكي في المبادلات التعامل بكل ما يتعلق بالقنوات البنكية سواء بالـ”شيك” أو بالبطاقة الذهبية أو البطاقة البنكية هذا يعتبر إلزامي في هذه المعالات الأربعة، لأن قانون المالية 2025 ينص على ذلك صراحة ويُقر بوجوب إلزامية استعمال القنوات البنكية في أربع مجالات وهي العقار، التأمينات، السيارات وشراء اليخوت”.
في سياق ذي صلة، أرجع الخبير الاقتصادي سبب تخوف وتجنب المواطن الدفع الالكتروني والقنوات البنكية هو التهرب من التصريح بالقيمة الحقيقة للعقار خوفا من الضرائب المرتفعة، موضحا أن ثمن العقار إذا كان يقدر بـ مليار دج يمكن أن يصرح له بقيمة لا تتجاوز 300 مليون دج، كخطة بديلة للتهرب دفع الضرائب، كون أن هناك ضرائب ورسوم تتعلق بقيمة العقار.
وفي إطار تعزيز وإلزام الدفع عن طريق البنوك في الجزائر، بادرت الغرفة الوطنية للموثقين إلى إصدار مذكرة رسمية تطلب فيها من أعضائها التأكد من استخدام قنوات الدفع البنكية خلال تسجيل المعاملات، مع الالتزام بتوثيق تفاصيل الدفع بدقة داخل العقود، اعتبارًا من شهر أفريل 2025، وأكدت الغرفة على الدور المحوري للموثقين في إنجاح تطبيق المادة 207 من قانون المالية.
وعلق الخبير الاقتصادي، سليمان ناصر على الإرسالية، قائلا: ” يعتبر تشديد الغرف الوطنية للموثقين في آليات الدفع تصنف ضمن الوسائل التي تعمل الدولة والسلطات العليا لتفعيلها بغية محاربة الاقتصاد الموازي للمعاملات تحت الطاولة ولكن يبقى النجاح فيها رهن مصداقية ومسؤولية الموثق”.
سليمان ناصر: احتمالية تواطؤ الموثق مع صاحب المعاملة واردة
وأردف المتحدث في ذات السياق، قائلا: “يمكن أن يتم التواطؤ في هذه الحالة مع الموثق وذلك بالتسجيل فقط ما تم دفعه بطريقة رسمية عن طريق البنك والباقي يمكن أن يدفع بطريقة تقليدية ليس بالضرورة عن طريق البنك لأن البائع والمشترى دائما ما يحرصون على التصريح بأرقم أقل من القيمة الحقيقة خوفا من دفع الضرائب المرتفعة”.
وتابع المتحدث: “قد لا يخفى على اثنان أن في التعاملات الأربعة التي ألزم فيها قانون المالية الدفع من خلال البنوك يسجل المواطنين عملية البيع أو الشراء عند موثق معتمد، ولهذا فإن احتمالية التواطؤ مع الموثق واردة وهو ما يجب العمل عليه في الخطوات القادمة”.
ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات تأتي في إطار جهود الحكومة لتعزيز الشفافية المالية ومكافحة الاقتصاد الموازي، وتُعتبر خطوة نحو تحديث النظام المالي في الجزائر.
ولعل الغوص في أسباب التأجيل تجسيد هذا المشروع الذي سيضع الاقتصاد الوطني في مصاف الدول الرائدة، قد يوضح الصورة أمام المهتم بهذا المجال وليتحقق ذلك، لذا وجب البحث في الأسباب والعوامل التي تدفع في كل مرة إلى تأخير وتأجيل هذا المشروع المهم.
خطوة منع الـ”كاش” .. تأجيلات متكررة لأكثر من سبع مرات
تأجيلات متكررة جاءت ضمن قوانين المالية بصفة متتالية، حيث شهد مشروع التحول الرقمي في الجزائر على غرار قانون المالية 2018 و2019 الذي تخلل تنفيذه العديد من الصعوبات العملية بسبب نقص البنية التحتية الرقمية وضعف استثمارات التكنولوجيا، وفي قانون في قانون المالية 2019 الذي شهد تباطؤًا بسبب التراجع الحاد في الإيرادات النفطية، أما في قانون المالية 2020، تم التأجيل بسبب الأزمة العالمية “جائحة كورونا” والتي تسببت في تأجيل العديد من المشاريع الحكومية، ليتم تأجيل مشروع التعميم الدفع الالكتروني في الجزائر أيضا في سنة قانون المالية 2021، 2022 و2023 لنصل إلى قانون 2025 الذي ألزم الدفع الإلكتروني في أربع مجالات حيوية فقط.
في هذا السياق، اعتبر الخبير، سليمان ناصر قضية إلزامية الدفع عن طريق القنوات الرسمية يهدف إلى الحد من استعمال الـ”كاش” في الجزائر وتأجيل تطبيقها في كل مرة راجع إلى عدة أسباب، أبرزها عدم إصدار إجبارية الدفع الالكتروني دون توفير المكانيزمات اللازمة لتفعيل هذه الخطوة في الدفع على غرار توفير الإمكانيات اللازمة وكذا ترسيخ ثقافة الدفع عبر الإطار المصرفي بطريقة تدريجية لدى المستهلك الجزائري، فعوض التأجيل المتكرر ولأكثر من سبع مرات على الأقل، يتم فرض إلزامية الدفع الالكتروني ومنع النقد على بعض القطاعات وبالتدريج بمعني في الخطوة الأولى تفرض إجبارية الدفع الإلكتروني في مجالات محددة مثل فواتير الكهرباء والغاز وفواتير المياه وفواتير الهاتف الثابت والانترنت محطات الوقود، الدفع في المحلات الكبرى للتسوق.
وتابع المتحدث قائلا: “ليتم تعميم الدفع الالكتروني في الجزائر بعد سنة أو سنتين في كل المحلات التجارية الأخرى، وبهذا يكون المواطن تعود على كيفية التعامل مع الدفع الالكتروني، سواء من جانب المواطن الذي سيتعود على طريقة الدفع الالكتروني مع مرور الوقت والتجار الذي ستسهل عليهم الطريقة لأن الإلزامية دون أن يتعود عليها المواطن والتاجر يخلق إشكال وصعوبة في هذه الطريقة التي يتخوف منها الطرفان”.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الشروع في بتفعيل بهذه النوع من المعاملات في هذه المجالات الأربع من المفروض أنه مفعل في من بداية السنة لأن قانون المالية بعد صدروه في الجريدة الرسمية يشرع في تطبيقه في 1جانفي 2025 والدليل على ذلك انطلاق السلطات المعنية بتجسيد الفعلي للدفع عن طريق ومنع التعامل بالـ “كاش” والطرق التقليدية.
ويجدر الذكر، أن الحكومة الجزائرية تهدف من إستراتيجيتها المنتهجة إلى تعزيز الشمول المالي، وتقليص حجم الاقتصاد الموازي، وتحقيق تحول رقمي في القطاع المالي بما يتماشى مع التطورات العالمية، لتحقيق تطوير شامل للمنتجات البنكية، وتحديث الإطار التشريعي وذلك بالعمل على إطلاق نظام مالي مبسط برسم جبائي رمزي وكذا التركيز على توسيع شبكة الخدمات البنكية الرقمية والوكالات المتنقلة.
فهيمة بن عكروف
The post هل حظر الدفع “كاش” سيستقطب الكتلة النقدية في السوق الموازية إلى البنوك؟ appeared first on الجزائر الجديدة.