مؤتمر اسطنبول ودور العلماء في نصرة طوفان الأقصى

أ د. عمار طالبي/ إن معركة طوفان الأقصى معركة تاريخية محورية ومرحلة تحوّل في صراع طويل بين الأمة وقوى الاحتلال الغشوم، وقد قام العلماء بعمل الوعي ونشره من خلال أبحاثهم وفعالياتهم، وتحفيز الجماهير للنهضة والدفاع عن الحقوق المغتصبة لمواجهة التحديات. لم يقتصر جهاد العلماء على نشر العلم، وبيان الحق من الباطل، ووحدة الصف، والجهاد في …

مايو 28, 2025 - 14:08
 0
مؤتمر اسطنبول ودور العلماء في نصرة طوفان الأقصى

أ د. عمار طالبي/

إن معركة طوفان الأقصى معركة تاريخية محورية ومرحلة تحوّل في صراع طويل بين الأمة وقوى الاحتلال الغشوم، وقد قام العلماء بعمل الوعي ونشره من خلال أبحاثهم وفعالياتهم، وتحفيز الجماهير للنهضة والدفاع عن الحقوق المغتصبة لمواجهة التحديات.
لم يقتصر جهاد العلماء على نشر العلم، وبيان الحق من الباطل، ووحدة الصف، والجهاد في سبيل الله تعالى، ولجوء الناس إليهم عند الفتن.
وهذه التسمية طوفان الأقصى أطلقتها حركة حماس المجاهدة، على هجومها يوم السابع عشر أكتوبر 2023 على ما يعرف «بغلاف غزة».
كان العلماء في مختلف مراحل التاريخ الإسلامي مرجع الأمة عند المحن والفتن، وحث المجاهدين على الصبر والمرابطة، ودعوة للالتحاق بالمجاهدين للدفاع عن ثغور الإسلام، والصدع بكلمة الحق كما كان يفعل الشيخ العربي التبسي أثناء الثورة الجزائرية الحاسمة، وكانت كلمة الصدع أمام الحاكم والسلطان لا يتردد علماء الأمة الصادقون عن الصدع بها، إذ أنهم العلماء الربانيون، ولهم أعمال واضحة جليلة، في وعي الجماهير والرقي بالمجتمع الإسلامي، إذ أنهم حملة العلم ومبلغوه إلى الناس، والساعون لنشره.
يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «والذي نفسي بيده ليودَّنَّ رجال قتلوا في سبيل الله شهداء أن يبعثهم الله لما يرون من كرامتهم» أي من كرامة العلماء، ويروى عن الحسن البصري رحمه الله، أنه: قال: «يوزن مداد العلماء بدماء الشهداء فيرجح مداد العلماء».
تعاني الأمة اليوم حربا ضروسا جديدة بتكالب الصهاينة وأعوانهم، من الخونة المنافقين لتمزيقها، ولرسم شرق أوسط جديد، وإثارة فتن داخلية وحروب طائفية عرقية، وتتعرض أرض فلسطين وخاصة قطاع غزة، لمحنة كبرى كقطع الليل المظلم، لذلك نرى تداعي العلماء لنصرة غزة، وطوفان الأقصى، ولهذا قام العلماء بواجب النصرة في هذه المعركة، معركة تحرير المسجد الأقصى، وهي مسؤولية الأمة قاطبة فأعلنوا مشروعية المقاومة، ونشروا فتوى تنص على وجوب السعي بكل وسيلة لتحرير الأرض، وكشف ما يروج له المنافقون والمرجفون من شبهات عاطلة، والرد عليها وتلبية نداء غزة وجوبا شرعيا.
وقد تصدى لذلك الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين وهيئة علماء فلسطين والهيئة العالمية لأنصار النبي صلى الله عليه وسلم وعلماء الجزائر ومنتدى العلماء ورابطة علماء السنة وجمعية المعالي للعلوم والتربية بالجزائر، والهيئة العالمية لمناصرة فلسطين، وهيئة علماء المسلمين بلبنان، ومن أبرز العلماء الذين دعوا إلى الجهاد الشيخ الصادق الغرياني والشيخ محمد الحسن ولد الددو، والدكتور نواف مكروري والدكتور محمد الصغير، والدكتور الحسن الكتاني والدكتور وصفي عاشور، والدكتور عبد الحي يوسف وغيرهم.
وقد وجه علماء الأمة من أكثر من (30) دولة نداء غزة للملتقى الدولي الثالث لمؤسسات العلماء والذي انعقد باسطنبول يوم 23 و24 من جمادى الأولى 1445هـ (ديسمبر لعام 2023م) لبحث معركة غزة وواجب العلماء والأمة لنصرتها وللتأصيل الشرعي لهذه المعركة استنادا للكتاب والسنة.
وكشف ما يدعي إليه علماء السوء والسلاطين والدعوة بأقلامهم وألسنتهم، لتوجيه الأمة للأخذ بالموقف الشرعي الصحيح في ظل هجمات إعلامية شرسة، يبثها الصهاينة ومن ناصرهم، ونظموا فعاليات متنوعة في عموم البلدان العربية الإسلامية في قارات آسيا وإفريقيا وأروبا.
إن الجهاد بالمال له الأولوية في آيات كثيرة من القرآن، فأنت تجد اليهود يتبرعون بأموال طائلة على دولتهم، ولا يبخلون، وتجد أغنياء المسلمين في عدد منهم يبخلون بأموالهم ولا يبذلونها في سبيل الله وهو الجهاد.
ويجب على الشباب المسلم أن يتابع الشبكات الالكترونية ومجابهة الحملات الصهيونية إلى المقاطعة الاقتصادية، وفضح المتورطين مع الصهاينة، وتعطيل متاجرهم، وتعطيلها الكترونيا، وفتح أعين الشباب على مشروع التحرير للمقدسات وفضح العملاء والمطبّعين وكل المساندين للعدو.
ويجب على الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن يواصلوا الفعاليات، والعمل الجماعي وهو يجمع أكثر من -99) ألف من علماء المسلمين، وهو مسؤول عن الدفاع عن مصالح الأمة ومقدساتها وهو قد تأسس عام (904هـ). قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا}[الأحزاب/39].